بعد تلقي إيران لضربات عسكرية مؤثرة.. هل يفقد "محور الجزائر-البوليساريو" سندا استراتيجيا ضد المغرب؟
تلقت إيران خلال مواجهاتها العسكرية مع إسرائيل، في الأسبوعين الأخيرين، ضربات عسكرية وصفها خبراء بـ"المؤثرة" شملت عددا من القادة البارزين وعلماء كانوا يقفون وراء تطوير قدراتها النووية، وتضاعفت الخسائر الإيرانية بشكل أكبر بعد توجيه الولايات المتحدة لضربات عسكرية مفاجئة لمواقع نووية، مثل فوردو وأصفهان.
وقال عدد من الخبراء، إن هذه الضربات، وإن لم تكن قد قضت بشكل شبه نهائي على القدرات العسكرية الإيرانية، إلا أنها ستُخلف أثرا سيجعل طهران تعود عدة سنوات إلى الوراء من أجل البدء من جديد في تطوير قدراتها، مع إعادة تقييم استراتيجياتها وأولوياتها، سواء في السياسة الداخلية أو الخارجية.
وبخصوص توجهات طهران في السياسة الخارجية، يرى عدد من المهتمين، أن مخططات التوسع والبحث عن نفوذ خارجي، قد يشهد نوعا من التحجيم في الفترة المقبلة، مما سيكون لذلك تداعيات سلبية على العديد من الحلفاء والأتباع، من ضمنهم الجزائر وجبهة البوليساريو حسب بعض التقارير.
وفي هذا السياق، كانت تقارير دولية وأمنية عدة قد أشارت في السنوات الأخيرة إلى وجود تنسيق غير مباشر بين إيران والبوليساريو عبر "حزب الله"، في شكل دعم عسكري وتدريبات، وهو ما دفع المغرب إلى قطع علاقاته مع طهران في 2018، متهما إياها صراحة بالتورط في تهديد أمنه القومي من خلال دعم الحركة الانفصالية.
كما أن الجزائر كانت تنظر إلى إيران كحليف تلتقي معه في القطيعة الدبلوماسية مع المغرب، وترى فيه داعما يُمكن التعويل عليه في دعم جبهة البوليساريو التي توجد على أراضيها، بالأسلحة والتداريب، وقد تجنبت الجزائر في بلاغ وزارة خارجيتها في الأيام الأخيرة التنديد بإيران بعد الهجوم الصاروخي الذي نفذته ضد قاعدة العديد الأمريكية المتواجدة في قطر، بالرغم من أنها حاولت إظهار تضامنها مع الدوحة ومساندتها لها.
وتعليقا على تداعيات دخول إيران في مواجهة عسكرية مع إسرائيل وتلقيها لضربات عسكرية أمريكية، وارتباطات ذلك بالمغرب خاصة في قضية الصحراء، قال المحلل السياسي المغربي، محمد شقير، بأن التداعيات المرتقبة لا ترتبط "بشكل مباشر وجدلي بمشكل الصحراء وإن كان أن أضعاف إيران سيزيد من العزلة الدبلوماسية التي تعاني منها الجزائر حيث سيحرمها من دعم حليف".
وأضاف شقير مصرحا لـ"الصحيفة"، في هذا السياق، بأن فقدان الجزائر للدعم الإيراني سيكون سببه "انكفاء إيران على ترميم بيتها الداخلي"، بعد المواجهة والضربات العسكرية التي تلقتها، مما سيحول ذلك دون "التعرض لمحاولات المغرب استكمال وحدته الترابية والسياسية كحليف استراتيجي للولايات المتحدة في منطقة شمال افريقيا".
هذا واعتبر عدد من المحللين للشأن السياسي المتعلق بقضية الصحراء المغربية، أن إضعاف إيران يزيد من إضعاف الدعم لجبهة البوليساريو، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، والذي كان من بين الأنظمة القليلة في الشرق الأوسط التي تدعم الجبهة الانفصالية المتحالفة مع إيران، حيث كشفت عدد من الوثائق أن ميليشيات البوليساريو كانت تتلقى تداريب على يد الجيش السوري في حقبة الأسد، كما أن عدد من عناصر البوليساريو تم اعتقالهم بعد سقوط النظام كانوا يقاتلون إلى جانب الأسد، مما يؤكد وجود ما يشبه تحالف بين الطرفين.
وتشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات كبيرة منذ العام الماضي، تشير أغلب تطوراتها إلى أن البوليساريو تفقد آخر الداعمين لها في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان وإيران، وقبلهما نظام بشار الأسد، مما سيزيد من عزلة الجبهة الانفصالية بالتزامن مع فقدانها لأنظمة داعمة في كل من أمريكا اللاتينية وإفريقيا.




