بعد توقيع اتفاقية التعاون الدفاعي مع تونس.. هل تحاول الجزائر تأمين حدودها من آخر جار مُوالٍ لها في ظل صدامها مع المغرب ومالي والنيجر؟
وقعت الجزائر وتونس، أول أمس الثلاثاء، اتفاقية تعاون دفاعي جديدة تشمل التكوين والتدريب العسكري، وتبادل المعلومات، والعمل المشترك في حماية الحدود، وذلك تزامنا مع زيارة وزير الدفاع التونسي، خالد السهيلي، إلى الجزائر التي انتهت الأربعاء، وتمنت لقاءً مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والوزير المنتدب في الدفاع السعيد شنقريحة، وتأتي في وقت تعاني فيه الجزائر من صراعات علنية مع العديد من جيرانها.
ونقلت الصحافة التونسية والجزائرية ما أدلى به رئيس أركان الدفاع بالجيش الجزائري، السعيد شنقريحة، في كلمته الترحيبية، حيث قال إن الجزائر وتونس تشتركان في "تطلعات لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وبناء اقتصاديات ناشئة ومنتجة للتنمية المستدامة"، في الوقت الذي تعيش فيه حدود الجزائر على صفيح ساخن جنوبا، خصوصا مع مالي المتحالفة مع الجار الآخر النيجر وكذا بوركينافاسو، إلى جانب استمرار الصراع حول الصحراء مع المغرب.
ووفق المسؤول العسكري الجزائري فإن العلاقات بين البلدين تتسم بـ"الطابع الاستراتيجي"، وتتجلى في القواسم المشتركة ومسارات الحوار والتنسيق البناء بين قيادتي الجزائر وتونس، مشيرا إلى أن الجزائر تحت قيادة الرئيس تبون "تحرص على تعزيز علاقاتها الثنائية مع تونس في شتى الميادين، لاسيما في مجالي الدفاع والأمن".
وتأتي هذه الاتفاقية في ظل اضطرابات أمنية متصاعدة في منطقة الساحل، حيث تتصاعد تهديدات الجماعات الإرهابية والنشاطات غير القانونية العابرة للحدود، ولا سيما أن هذه الأوضاع تتزامن مع توتر العلاقات بين الجزائر ودول الساحل، مثل مالي والنيجر، في حين تزعم جبهة "البوليساريو" المستقرة على الأراضي الجزائرية أنها تخوض "حربا" مع الجيش المغربي منذ نحو 4 سنوات.
وتتسم العلاقات بين الجزائر ومالي حاليا بالتوتر الشديد والجمود الدبلوماسي، نتيجة الحوادث الحدودية المتكررة، بما في ذلك إسقاط طائرة مسيرة مالية من طرف الجيش الجزائري، والاتهامات المتبادلة حول دعم الجماعات المسلحة، بما في ذلك انفصايون طوارق، ما عزز حالة من عدم الثقة بين البلدين، وجعلت أي تعاون ثنائي شبه متوقف.
كما ساهمت الاتهامات المتبادلة بتصدير الإرهاب من تعقيد العلاقات بين البلدين، حيث تتهم الجزائر مالي بدعم جماعات مسلحة، فيما ترفض مالي أي تدخل جزائري في شؤونها الداخلية، وتوجه لها نفس الاتهامات، بأن الجزائر تحتضن جماعات إرهابية وتصدر الإرهاب الدولي.
ويأتي التعاون العسكري بين الجزائر وتونس كجزء من استراتيجية أكبر لمواجهة المخاطر الأمنية في شمال إفريقيا والحفاظ على استقرار الحدود المشتركة، إذ أن الاتفاقية – وفق تقارير إعلامية- تمثل خطوة لتعزيز التنسيق الأمني والاستخباراتي بين البلدين، بما يتيح الاستجابة السريعة لأي تهديدات محتملة، خاصة في الحدود.
جدير بالذكر أن تونس تعتبر "الحليف" الوحيد المتبقي للجزائر في المنطقة، حسب العديد من القراءات السياسية للأوضاع في المنطقة، إذ أن العلاقات السياسية بينها والمغرب ومالي والنيجر وحتى بعض الأطراف الليبية، ليست على ما يُرام، يُضاف إلى ذلك توترها مع فرنسا.
وأوضحت وزارة الدفاع التونسية، حسب بلاغ رسمي تناقلته الصحافة التونسية والعربية، أن الاتفاقية تعد "مكملة لاتفاقية سابقة تم توقيعها عام 2001"، وتهدف الاتفاقية إلى تفعيل الشراكة الاستراتيجية بين الجزائر وتونس، المبنية على أسس من الثقة والاحترام المتبادلين، وفتح آفاق جديدة للتعاون الثنائي.
وتشمل الاتفاقية، وفق المصادر نفسها، مجالات التعاون العسكري بين البلدين كمكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة العابرة للحدود، والهجرة غير النظامية، والتهريب، وذكر البيان الذي تلى الاتفاقية أن البلدين سينسقان تعاونها عبر اللجنة العسكرية المشتركة، التي تعقد اجتماعات دورية لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاقية.




