بعد دعمها لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء.. البرتغال تعلن عن مشروع للربط الكهربائي مع المغرب لضمان أمنها الطاقي
في خطوة جديدة تعكس التقارب غير المسبوق بين الرباط ولشبونة، تدرس الحكومة البرتغالية إمكانية الربط الكهربائي مع المغرب، في إطار جهودها الرامية إلى تقليص اعتمادها التام على الشبكة الإسبانية وتعزيز أمنها الطاقي الوطني.
ويأتي هذا التوجه، الذي أعلنته الحكومة بشكل رسمي اليوم الاثنين، بعد الانقطاع الشامل للكهرباء الذي شهدته شبه الجزيرة الإيبيرية في 28 أبريل 2025، والذي تسبب في اضطرابات واسعة بسبب خلل في الشبكة الإسبانية، لكنه أيضا يأتي بعد أيام من إعلان وزارة الخارجية البرتغالية دعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية.
وزيرة البيئة والطاقة البرتغالية، ماريا دا غراسا كارفاليو، كشفت عن هذه الإمكانية خلال عرضها حزمة إصلاحات في العاصمة لشبونة، مؤكدة أن البرتغال أجرت بالفعل اتصالات دبلوماسية مع المغرب عبر وزيري خارجية البلدين، وأن هناك تقييماً جاريًا لاحتمال الانضمام إلى مشاريع الربط الطاقي القائمة مع المملكة، بدل إطلاق مشروع جديد سيكون مكلفًا للغاية من الناحية المالية.
المغرب، الذي يرتبط بالفعل مع إسبانيا بكابلَين بحريين للطاقة ويستعد لإطلاق مشروع ثالث، أظهر خلال أزمة الانقطاع الأخيرة قدرة على المساهمة في استعادة الاستقرار الطاقي في شبه الجزيرة، بعدما ساعدت الكهرباء القادمة من شمال المملكة في تسريع عودة التيار في مناطق متضررة.
هذا الأداء عزز من صورة المغرب كـ"شريك موثوق"، وأعاد إحياء نقاش الربط الثلاثي بين المغرب وإسبانيا، والبرتغال، ليشمل ليس فقط التجارة الطاقية، بل أيضًا الأمن الكهربائي الإقليمي، خصوصا في ظل استعداد البلدان الثلاثة لاحتضان كأس العالم لكرة القدم بشكل مشترك في 2030.
الوزيرة البرتغالية شددت على أن الربط مع المغرب لن يكون مباشرًا بسبب التكلفة الباهظة، لكنه قد يتم عبر استغلال البنية التحتية الإسبانية القائمة، مضيفة أن البرتغال ستدرس إمكانية "الارتباط بأحد المشاريع الموجودة حاليًا"، وأوضحت أن هذا الخيار يكتسي طابعًا استراتيجيًا في ظل التحديات التي تواجه شبكة الكهرباء الأوروبية، خاصة أن شبه الجزيرة الإيبيرية تعتبر "جزيرة طاقية" نتيجة ضعف الترابط مع باقي أوروبا.
خطة الإصلاح التي قدمتها الوزيرة كارفاليو تتضمن أيضًا 31 إجراءً لتعزيز أمن الطاقة، من بينها توسيع عدد المحطات القادرة على إعادة التشغيل الذاتي من اثنتين إلى أربع، وهي تقنية حاسمة في حالات الانقطاع الشامل. كما سيتم إطلاق مزاد للتعاقد على خدمات مرتبطة بمحطات تخزين البطاريات، من أجل تحسين مرونة الشبكة واستجابتها للأزمات.
وتصل الاستثمارات المقررة لهذه الخطة إلى 400 مليون أورو، سيتم تمويلها جزئيًا من طرف الاتحاد الأوروبي والمستهلكين، وطمأنت الوزيرة الرأي العام بأن التكلفة الإضافية على الفواتير ستكون "ضئيلة جدًا"، حيث لن تتجاوز سنتًا واحدًا لكل 25 أورو، كما أكدت أن هذه المساهمة الضئيلة تُعد بمثابة تأمين على سلامة الشبكة الكهربائية الوطنية.
وفي ما يتعلق بالتعاون مع إسبانيا، أشارت كارفاليو إلى وجود تعاون وثيق مع الحكومة الإسبانية لتسريع الربط مع فرنسا، رغم تحفظات باريس المتكررة في هذا الملف، كما أثنت على تسلمها نتائج التحقيق الإسباني في الحادث قبل إعلانها للعموم، لكنها طالبت بتوضيحات أكبر حول "أسباب الأسباب" التي أدت إلى الانقطاع.