بعد زلزال الحوز المُدمر... الدولة تُفكك 98% من الخيام وتعيد بناء أكثر من 17 ألف مسكن
في أحدث المعطيات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية حول تقدم عملية إعادة الإيواء وإعادة الإعمار بالمناطق المتضررة من زلزال الحوز، أعلن الوزير عبد الوافي لفتيت عن تحقيق تقدم ملموس في معالجة آثار الكارثة، سواء على مستوى إنهاء الاعتماد على الخيام أو فيما يخص تسريع وتيرة إعادة بناء المساكن المتضررة، وتأهيل البنيات التحتية الاجتماعية الأساسية.
ووفق الأرقام التي كشف عنها لفتيت في جواب كتابي موجه إلى النائبة البرلمانية فاطمة التامني عن حزب فيدرالية اليسار، فقد تمكنت السلطات من تفكيك 34 ألفا و48 خيمة من أصل 35 ألفا و532 خيمة تم نصبها لفائدة المتضررين بعد الكارثة، أي ما يعادل 95.8 في المائة من مجموع الخيام، في مؤشر واضح على الانتقال من وضعية الطوارئ إلى مرحلة الاستقرار التدريجي في أغلب المناطق.
وبحسب وزير الداخلية، لم يتبق سوى ألف و484 خيمة تؤوي حاليا ما مجموعه 6 آلاف و384 نسمة، وتمثل هذه الحالات استثناءات تواجه صعوبات خاصة، إما بسبب طبيعة الأرض أو تعقيدات إدارية أو لوجستية مرتبطة بإعادة التوطين أو انطلاق الأشغال.
وفيما يخص تقدم أشغال إعادة الإعمار، أوضح المسؤول الحكومي أن من بين 26 ألفا و263 مسكنًا تضررت بفعل الزلزال، تم الانتهاء من بناء أو تدعيم 17 ألفا و76 وحدة سكنية بشكل كامل، ما يعادل نسبة 65 في المائة من مجموع المساكن المتضررة.
كما أفاد الوزير بأن هناك 4 آلاف و659 وحدة سكنية إضافية توجد حاليًا في مراحل متقدمة من الإنجاز، حيث تراوحت نسبة الأشغال فيها ما بين 50 إلى 75 في المائة، ما يجعل أكثر من 82 في المائة من إجمالي المنازل المتضررة قد تجاوزت فعليًا منتصف مسار إعادة البناء، وهو ما يعكس نسقًا تصاعديا في الإنجاز الميداني.
وفي خطوة موازية، قامت المصالح الإقليمية والسلطات المحلية، بشراكة مع جمعيات وصفتها الوزارة بـ"ذات مصداقية"، بتعويض الخيام المتضررة بوحدات سكنية متنقلة أكثر مقاومة، لفائدة السكان الذين تأخروا في مباشرة عملية بناء مساكنهم، ووفق المعطيات، تم توزيع 1,506 وحدة سكنية متنقلة في عدد من المناطق الجبلية والمواقع المتضررة.
ولمم تقتصر تدخلات الدولة على إعادة البناء فقط، بل شملت كذلك تعزيز البنية التحتية داخل مواقع الإيواء المؤقت، من خلال تزويدها بالماء الصالح للشرب، والكهرباء، والمراافق الصحية، إضافة إلى توفير دعم نفسي واجتماعي متواصل للأسر المتضررة، مع التركيز على الفئات الهشة، بما في ذلك النساء، الأطفال، والمسنين.
ومن خلال التتبع الميداني، تقول وزارة الداخلية إنها واجهت عددا من الحالات المعقدة التي استدعت تدخلات عاجلة، خاصة تلك المرتبطة بطبيعة الأرض أو وعورة التضاريس، وبلغ عدد هذه الحالات 3 آلاف و128 مسكنا، تمت معالجتها عبر مجموعة من الإجراءات التصحيحية.
ووفق التصريحات ذاتها، تم إصدار 756 قرارا بتغيير موقع البناء تفاديا لمخاطر جيولوجية أو هندسية، في حين تم إدماج 890 مسكنا في برامج إعادة الإسكان بشكل مباشر، كما خضعت 471 وحدة سكنية لمعالجات تقنية بسيطة، أما 1011 مسكنا، فقد حصلت على ترخيص بإعادة البناء في الموقع نفسه، بعد أن أعيدت دراسة ملفاتها بشكل فردي ودقيق.
أما فيما يتعلق بالبنيات العمومية التي تعرضت للدمار أو التصدع، فأفاد وزير الداخلية بأن عملية إعادة تأهيلها تسير بوتيرة متفاوتة، ووفق الأرقام الرسمية، تم تأهيل 400 مؤسسة عمومية بشكل كامل، في حين توجد 155 مؤسسة أخرى في طور إعادة البناء، بينما شرعت 339 مؤسسة في الإجراءات الإدارية المتعلقة بإعادة التشييد أو التدعيم.
ورغم هذا التقدم، لا تزال 345 مؤسسة لم تباشر بعد أي إجراء فعلي لإعادة الإعمار، لأسباب متعددة لم يتم توضيح تفاصيلها، لكنها قد ترتبط إما بإشكالات التمويل، أو بانتظار نتائج خبرات تقنية إضافية، أو تعقيدات عقارية وإدارية.
المعطيات الرسمية الأخيرة، تكشف عن تقدم مهم في الانتقال من مرحلة الإغاثة العاجلة إلى إعادة الإعمار والتوطين، غير أن الأرقام تُظهر في الآن ذاته أن الطريق لا تزال طويلة لاستكمال الورش بشكل متكامل، خصوصا في ما يتعلق بمعالجة الملفات المتبقية، وإعادة بناء المؤسسات الاجتماعية، وتوفير المرافقة النفسية الشاملة للساكنة المتضررة.
ويُنتظر أن تتواصل جهود الدولة في هذا الورش الاستراتيجي الذي يُعد من الأكبر في تاريخ التدخلات الاجتماعية والتنموية في المناطق الجبلية النائية، وسط دعوات من المجتمع المدني لتسريع وتيرة إعادة البناء في المواقع المتأخرة، وضمان أعلى درجات الشفافية في صرف الاعتمادات المرصودة، واحترام معايير الجودة والسلامة في عملية الإعمار.





تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :