بعد مسيرة آيت بوكماز.. "مسيرة" اقتحام جديدة لسبتة المحتلة من طرف شباب ومراهقين مغاربة تضرب شعار "الدولة الاجتماعية"
عادت الانتقادات لتلاحق حكومة عزيز أخنوش بعد اقتحام جماعي جديد لمدينة سبتة المحتلة، نفذه أكثر من 50 مهاجرا مغربيا، معظمهم من الشباب والمراهقين، سباحة عبر البحر، مستغلين سوء الأحوال الجوية وهيجان الأمواج أمس السبت، في مشهد يعكس مرة أخرى الفجوة بين الشعارات الحكومية والواقع الاجتماعي الذي يدفع مئات المغاربة إلى طرق الهجرة غير النظامية.
وأعاد الاقتحام الجديد الذي وقع أمس إلى الأذهان اقتحامات مماثلة شهدتها المدينة المحتلة في السنوات والشهور الماضية، لكنه يأتي هذه المرة في ظرف سياسي حساس، قبل سنة واحدة فقط من موعد الانتخابات التشريعية، التي يُراهن عليها حزب التجمع الوطني للأحرار، بقيادة أخنوش، لضمان ولاية ثانية تحت يافطة "الدولة الاجتماعية" ومن أجل ما يُسمى بـ"حكومة المونديال".
واعتبر عدد من المهتمين بالشأن السياسي والاجتماعي في المغرب، أن الصور القادمة من سبتة، والتي تداولتها وسائل إعلام دولية من بينها وكالة "رويترز"، والتي أظهرت شبانا مغاربة يسبحون جماعيا باتجاه المدينة، هو مؤشر آخر على فشل الحكومة في توفير أفق اقتصادي واجتماعي لهذه الفئة، رغم كثرة الوعود الرسمية.
ويأتي هذا التطور أياما قليلة فقط بعد "مسيرة آيت بوكماز"، التي فجّرت جدلا سياسيا داخليا حادا، بعدما خرج عشرات المواطنين في احتجاج جماعي رفضا للتهميش والعزلة، وهي المسيرة التي اعتبرتها المعارضة دليلا على انهيار ما تبقى من الثقة في شعارات "العدالة الاجتماعية" و"تنمية العالم القروي".
وكانت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، من أبرز المنتقدين، إذ قالت في تصريح لـ"الصحيفة" إن ما يحدث في آيت بوكماز هو "صرخة ضد الإقصاء المزمن"، معتبرة أن الحكومة فشلت فشلا ذريعا في تنفيذ وعودها، وعلى رأسها شعار "الدولة الاجتماعية".
وتابعت التامني في ذا التصريح أن حكومة أخنوش "تسوّف وتماطل" في كل الملفات الحيوية، من البطالة إلى غلاء المعيشة إلى البنية التحتية، دون أثر ملموس في المناطق النائية، وهو ما يؤكد، حسب قولها، أن ما يُروَّج من إنجازات لا يتجاوز خانة الشعارات.
وفي نفس السياق، يرى عدد من المتتبعين أن الربط بين هجرة المراهقين المغاربة نحو سبتة والاحتجاجات الاجتماعية في المناطق الجبلية، ليس مجرد تقاطع عابر، بل هو جزء من مشهد واحد يعكس حالة إحباط جماعي من السياسات العمومية التي لم تترجم بعد إلى نتائج ملموسة.
ويعتبر مهتمون أن اقتحام سبتة، رغم مخاطره الكبيرة، صار يُنظر إليه من طرف عدد من الشباب كخيار "أقل سوءا" مقارنة بالركود الاجتماعي والبطالة المتفشية، وهو ما يعكس تآكل الثقة في قدرة الدولة على توفير الحد الأدنى من العيش الكريم.
وتأتي كل هذه الأحداث في وقت تُحاول فيه الحكومة الترويج لصورة المغرب كدولة صاعدة تستعد لاستقبال مونديال 2030، وهو ما يجعل من مشاهد الهجرة الجماعية والإقصاء الاجتماعي تحديا حقيقيا أمام ما تُسمى "حكومة المونديال" التي يحلم بها أخنوش.
وبينما تؤكد الحكومة في تصريحاتها الرسمية أنها بصدد تنفيذ برامج كبرى ستؤتي أكلها في الأمد المتوسط، تقول المعارضة إن المغاربة لا يعيشون على آمال المستقبل، بل يحتاجون إلى سياسات فعالة تضمن لهم الحقوق الأساسية اليوم وليس بعد خمس سنوات.
وفي ظل تصاعد هذه الانتقادات، يُطرح سؤال كبير حول مدى قدرة حكومة أخنوش على إقناع المواطنين بجدية وفعالية مشاريعها الاجتماعية، خصوصا مع اقتراب لحظة المحاسبة الانتخابية في صيف 2026