بين المنح والقروض المستردة.. ما الذي يدفع المغرب  للمراهنة على إسبانيا تحديدا في بناء محطات تحلية ومعالجة المياه؟

 بين المنح والقروض المستردة.. ما الذي يدفع المغرب  للمراهنة على إسبانيا تحديدا في بناء محطات تحلية ومعالجة المياه؟
الصحيفة - خولة اجعيفري
السبت 16 مارس 2024 - 12:00

يسارع المغرب خطواته لبناء 16 محطة إضافية لتحلية مياه البحر بقدرة تناهز 1490 مليون متر مكعب سنوياً، وذلك في إطار مساعيه لمجابهة واقع الجفاف الحاد الذي ألم به، خلال السنوات الماضية، وأثر سلباً على كافة مناحي الحياة بما فيها قطاع الفلاحة الذي يُسهم بنسبة 14% في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وهو الواقع الذي دفعه إلى استثمار علاقاته الممتازة مع إسبانيا الرائدة دوليا في عملية تحلية مياه البحر وتطويق مخاطر الندرة المائية والتقلبات المناخية على القطاع الفلاحي، والباحثة على ترسيخ موطئ قدمها بشكل ثابت في أفريقيا عبر المغرب.

وبين الفينة والثانية، تُبث أخبار وتقارير حول تمويل إسبانيا لبناء محطات تحلية ومعالجة المياه في المغرب، لعلّ آخرها تلك التي فجرتها "الصحيفة" الورقية في تحقيق خاص ووصفت بـ"الفضيحة السياسية" لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي استفادت شركتين مملوكتين له وهما "غرين أوف أفريكا" و"أفريقيا غاز" من منح قرض بقيمة 250 مليون أورو لدعم المشروع الضخم لتحلية مياه الدار البيضاء، ما خلق جلبة مزدوجة واحدة في الرباط حول مسألة تضارب المصالح على مرآى من الجميع وفي تناف تام مع القوانين المؤطرة، والثانية في مدريد فجرتها أحزاب معارضة استنكرت ما وصفته بـ "شفط" المغرب للأموال والمنح من إسبانيا، وذلك على الرغم من أنّ هذا الدعم يهدف إلى تعزيز وجود الشركات الإسبانية في إفريقيا والمساهمة في تنمية القارة الأفريقية في إطار استراتيجية "أفق إفريقيا" التي تشرف عليها وزارة الاقتصاد والتجارة والمشاريع الإسبانية.

وفي الوقت الحالي، يمتلك المغرب على حوالي 14 محطة تعمل في تحلية مياه البحر بقدرة 192 مليون متر مكعب سنوياً، فيما توجد 6 محطات في طور الإنجاز بقدرة 135 مليون متر مكعب سنوياً، وهو ما سيرفع المجموع إلى 36 محطة بقدرة إجمالية 1.8 مليار متر مكعب سنوياً من جهة، ويوطّد العلاقة بين المملكتين من جهة ثانية في إطار (رابح-رابح)، وفق ما أكده مصدر مسؤول في وزارة التجهيز والماء في تصريح لـ "الصحيفة"، مشيرا إلى أن الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، تناولت هذا الملف أيضا سيما في ظل ارتفاع وتيرة الايرادات التي خصصتها حكومته للمغرب في السنوات الأخيرة لمجابهة واقع الجفاف الأسوأ في تاريخ البلاد منذ أربعة عقود.

وأوضح المصدر ذاته، بأن إسبانيا عبّرت في العديد من المناسبات والزيارات الرسمية بما فيها الزيارة الأخيرة لبيدرو سانشيز ووزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس عن رغبتها الكبيرة في تكثيف حضور الشركات الإسبانية في المغرب خصوصا في مجال تحلية المياه، وهو ما استجابت له المملكة من جانبها، لسببين أولهما هو الظرفية الحرجة التي نعيشها بسبب الجفاف الحاد وتأثيره المباشر في القطاع الفلاحي والقطاعات الاستراتيجية، وثانيهما، هو مراهنة المغرب بشكل كبير على الخبرة الإسبانية الرائدة في مجال تحلية مياه البحر والأمن الطاقي، واستثمار العلاقات الجيدة التي تربط المملكتين في إطار خارطة الطريق وتعزيز التعاون في مختلف القطاعات.

وجوابا عل سؤال "الصحيفة"، حول نوعية هذه المنح والاعتمادات المالية التي ترصدها الحكومة الإسبانية بين الفينة والثانية للمغرب في هذا المجال قال المصدر الحكومي ذاته، والذي فضّل عدم الكشف عن هويته إنها "مسألة طبيعية، فجميع الدول تبحث عن إيرادات وتمويلات تمكنها من تنزيل المشاريع الاستراتيجية خصوصا من هذا النوع الضخم، وتتنوع بين المنح وأيضا القروض التي تُسترد".

وشدّد المصدر ذاته، على أن إسبانيا هي مرجع في قطاع تحلية المياه ومعالجته، والمغرب يبحث أولا عن الخبرة والقدرة على تمكينه من تدبير أزمة الجفاف، لهذا لجأ إلى الأفضل في المجال، وبطبيعة الحال لتحقيق ذلك لجأ إلى الاقتراض من إسبانيا نفسها، كما ظفر بمنح ومساعدات مخصصة ومشروعة في هذا الإطار.

وحاولت "الصحيفة"، التقصي حول مسار التمويلات والقروض التي تحصّل عليها المغرب في السبع سنوات الأخيرة، لتُسجّل وبناء على المعطيات الرسمية التي قدّمها موقع "مالديتو كليما" المتخصص في الطاقات النظيفة والمتغيرات المناخية، أنه ومنذ وصول بيدرو سانشيز إلى قصر مونكلوا عام 2018، بدأ التمويل يأخذ مسارا تصاعديا.

وبناء عليه، وافقت الحكومة الإسبانية على ثلاثة قروض يتوجّب على المغرب إرجاعها، وذلك لبناء ثلاث محطات لتحلية المياه ومحطتين لمعالجة المياه بقيمة إجمالية تبلغ 260 مليون أورو، وفقا للقرارات المتخذة في مجلس الوزراء، كما قامت الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي الدولي (AECID) بدعم مشروعين على الأقل يتعلقان بالمياه في نفس الفترة بمبلغ إجمالي قدره 850 ألف يورو وهذه الأموال، باعتبارها مساعدات، لا تستوجب إعادتها.

وفي التفاصيل، فإن الحكومة الإسبانية، وافقت بين عامي 2020 و2023 على منح اعتمادات لثلاثة مشاريع بنية تحتية هيدروليكية أولها محطة تحلية بمبلغ يصل إلى 250 مليون أورو، ومحطتين لمعالجة المياه بمبلغ يصل إلى 5 ملايين أورو، ومليون يورو ومحطتان لتحلية المياه بمبلغ يصل إلى 5 ملايين أورو، وهذا ليس دعمًا أو استثمارًا غير قابل للاسترداد، إذ قامت إسبانيا بتمويل هذه المشاريع الخمسة من خلال اعتمادات ومساعدات التصدير، أي أنها قروض يجب ردها، فيما هدف الحكومة الإسبانية بالمقابل هو تكثيف تواجد الشركات الإسبانية في أفريقيا و"تحسين وضع إسبانيا في المنطقة".

وبالإضافة إلى ذلك، بين عامي 2018 و2023، قامت إسبانيا بدعم مشروعين على الأقل للبنية التحتية المائية في المغرب، أحدهما بقيمة 250 ألف أورو والآخر بقيمة 600 ألف أورو، من خلال الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية (AECID)، التابعة لوزارة الشؤون الخارجية، وفق المعطيات الواردة في قاعدة الدعم الوطني، وهذه المساعدات هي منح لن يُرجعها المغرب.

وفي 27 دجنبر 2023، وافق مجلس الوزراء الإسباني على منح اعتماد مرتبط (تلك القروض التي تتطلب استيفاء متطلبات محددة، مثل التعاقد مع شركة معينة) يصل إلى 250 مليون أورو لبناء وصيانة أكبر محطة لتحلية المياه، بأحدث التقنيات في المغرب، واستفادت منه شركة مكونة من تحالف شركة أكسيونا (شركة مقرها في إسبانيا)، وأيضا الشركتين المملوكتين لرئيس الحكومة عزيز أخنوش أو مساهم فيها.

وفي 3 نونبر 2020، وافق مجلس الوزراء الإسباني على منح قرض منفصل (تلك القروض التي لا تتطلب استيفاء متطلبات محددة) يصل إلى 5 ملايين أورو للمكتب الوطني للكهرباء والمياه الصالحة للشرب، (المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب) المغربي لبناء محطتين لتحلية المياه في مدينتي الزاك ومولاي إبراهيم، على أن يعهدا مرة أخرى إلى صندوق تدويل الشركة.

وخلافا للتمويل السابق، في هذه الحالة، يمكن للمكتب الوطني الاستعانة بخدمات شركات ليست إسبانية أو أوروبية، وتقول الحكومة الإسبانية في مراجع مجلس الوزراء إن المؤسسة المغربية "أكدت مجددا اهتمامها بالحصول على تمويل من الدولة الإسبانية"، وبعد ثلاث سنوات، أي في 11 أبريل 2023، وافق مجلس الوزراء على اعتماد آخر غير مشروط يصل إلى 5 ملايين أورو لبناء محطتين لتنقية المياه في نفس المواقع وتحميلها على صندوق تدويل الشركة.

ومنحت الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية وهي وكالة حكومية تابعة لوزارة الشؤون الخارجية تم إنشاؤها لتنسيق وتعزيز سياسات التعاون العام في إسبانيا، دعمين لمشاريع تتعلق بالمياه في المغرب، كما أكدت وزارة الشؤون الخارجية الإسبانية من جانبها أنه تم تنفيذ برامج التعاون الإقليمي من خلال برنامج مسار (الموجه إلى الدول العربية)، والذي يشمل مشاريع المياه في المغرب، كما سجلت القاعدة الوطنية للدعم، بين عامي 2018 و2023، 47 دعوة لمشاريع مطورة بالمغرب دعت إليها الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية، اثنان منها على الأقل يتعلقان بالمشاريع الهيدروليكية.

ويتعلّق الأمر بمنحة قدرها 250 ألف أورو مسجلة في عام 2022 وممنوحة لمؤسسة R20 (المعروفة الآن باسم مؤسسة التمويل التحفيزي) من خلال برنامج "مسار أغوا" استفادت منه كل من تونس ومصر، فيما المغرب تمكن من الظفر بمنحة بقيمة 600 ألف أورو مسجلة سنة 2023 وممنوحة للمديرية العامة للمياه التابعة لوزارة التجهيز والمياه المغربية، من أجل مشروع الصرف الصحي السائل بمركز سلفات بإقليم سيدي قاسم.

هناك ما هو أهم من "ذباب الجزائر"!

لم تكن العلاقة بين المغرب والجزائر ممزقة كما هو حالها اليوم. عداء النظام الجزائري لكل ما هو مغربي وصل مداه. رئيس الدولة كلما أُتيحت له فرصة الحديث أمام وسائل الإعلام ...

استطلاع رأي

في رأيك، من هو أسوأ رئيس حكومة مغربية خلال السنوات الخمس والعشرين من حكم الملك محمد السادس؟

Loading...