تأجيل زيارة "ألباريس" للجزائر إلى أجل غير مسمى يهدد بوقف إمدادات السلع إلى البلاد عبر الموانئ الإسبانية قبل شهر من رمضان؟
أكد تأجيل زيارة رئيس الوزراء الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، إلى الجزائر، والمُعلقة إلى أجل غير مسمى، أن العلاقات بين البلدين لا زالت لم تصل إل مرحلة "الصفاء" خصوصا في ظل إصرار مدريد على موقفها المتعلق بدعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، لكن الصدام هذه المرة قد يحمل تهديدا كبيرا لإمدادات الجزائر من السلع.
ودون مقدمات، جرى أمس الأحد الإعلان عن تأجيل زيارة ألباريس إلى الجزائر التي كانت مقررة اليوم الاثنين، دون تحديد موعد بديل، بينما ربطت صحيفة "إلباييس" ذلك بأجندة المسؤولين الجزائريين، ما يؤكد المعطيات التي سبقت أن نشرتها "الصحيفة"، والتي تتحدث عن أن التأجيل جاء بطلب من وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف.
وفي السياق نفسه تتحدث معطيات أخرى عن تفادي الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون استقبال وزير الخارجية الإسباني، وهو الأمر الذي يجد تفسيره في إصرار مدريد على التشبث بموقفها بخصوص الصحراء المعلن عنه في رسالة من رئيس الوزراء بيدرو سانشيز موجهة للملك محمد السادس في مارس من سنة 2022، والذي عجل باستدعاء السفير الجزائري من مدريد.
وترغب الجزائر في طي صفحة الخلاف مع مدريد، فقط من أجل إنهاء "الحصار" الاقتصادي الذي وضعت نفسها فيه، بسبب رفضها استقبال البضائع الإسبانية من جهة، ورفضها دخول السلع العابرة من الموانئ المغربية، وخصوصا ميناء طنجة المتوسطي، من جهة أخرى، وهما القراران اللذان اعتقدت، في البداية، أنها "تعاقب" بهما جيرانها المغاربيين والإيبيريين.
المشكلة الآن، تكمن في أن المسار البحري للبضائع الجزائرية أصبح يمر لُزوما عبر الموانئ الإسبانية، من خلال عمليات إعادة الشحن، بعدما كان يمر، في مسار أقصر، عبر ميناء طنجة المتوسطي، وهو ما يعني أن أي أزمة جديدة بين قصر المرادية وقصر "لامونكلوا"، قد يؤدي إلى مشكلة كبيرة في تموين الأسواق قبل شهر واحد من رمضان.
وتعتمد الجزائر بشكل مُفرط، على المنتجات الغذائية المُسوردة من الخارج، وهو ما دفع الجمعية المهنية للأبناك والمؤسسات المالية في الجزائر، إلى إعلان استثناء "مُقَنَّع" لعمليات الاستيراد التي تمر من خلال الموانئ المغربية، خصوصا المتعلقة باللحوم، تحت ذريعة الخوف من تعرضها للتلف، قبل أن تخرج سلطات البلاد للتأكيد على أن الأمر لا يعني التراجع عن القرار الأول.
وكانت تقارير إسبانية قد كشفت أن شركتي النقل البحري Maersk وCMA CGM اللتان تعتمدان في تعاملاتها التجارية بشكل كبير على ميناء طنجة المتوسطي، اضطرتا إلى إحداث تغييرات كبيرة على طرقهما البحرية، ما أثر بشكل مباشر على اتصالهما بالموانئ الجزائرية، بسبب قرار سلطاتها عدم قبول البضائع القادمة من موانئ المغرب.
وأوردت المصادر ذاتها أن القرار الجزائري دفع الشركتين العملاقتين إلى تخفيض، أو حتى إلغاء، عبور الحاويات الموجة إلى موانئ البلاد عبر طنجة – المتوسط، وهو مركز رئيسي لعمليات إعادة الشحن قبل الوصول إلى الجزائر، لجأت تلك الشركات إلى البحث عن منصات جديدة في الموانئ الإسبانية، بعضها في جنوب البلاد وبعضها الآخر في شمالها.
وقامت Maersk، التي تملك محطتين للشحن البحري في ميناء طنجة المتوسطي، من خلال علامتها التجارية APM Terminals بإعادة توجيه معظم شُخناتها إلى الجزائر العاصمة ومدينتي سكيكدة وبجاية عبر ميناءي برشلونة والجزيرة الخضراء، في حين قامت CMA CGM بتوطين عملياتها بميناءي فالنسيا والجزيرة الخضراء كمراكز شحن رئيسية باتجاه الجزائر.
ويهدد دخول الجزائر في أي أزمة جديدة مع إسبانيا، بإلغاء هذه المسارات أيضا، والتي تكلف أساسا البلاد أموالا إضافية، بالإضافة إلى أنها تتطلب وقتا أطول، ما يؤدي إلى تأخر وصول السلع إلى الأسواق الجزائرية، خصوصا وأنها عادة ما تعجل بإعلان "القطيعة" الاقتصادية مع أي بلد تدخل معه في أزمة دبلوماسية.