تحرير السائقين المغاربة وانكشاف شبكات السلاح.. هل بدأت معركة استعادة الساحل من قبضة الفوضى؟

 تحرير السائقين المغاربة وانكشاف شبكات السلاح.. هل بدأت معركة استعادة الساحل من قبضة الفوضى؟
الصحيفة - اسماعيل بويعقوبي 
الثلاثاء 5 غشت 2025 - 8:01

في خطوة تعكس تنامي فعالية التعاون الأمني بين المغرب ودول الساحل، أعلنت حكومة مالي عن تحرير أربعة سائقي شاحنات مغاربة، كانوا قد اختُطفوا منذ 18 يناير الماضي شمال شرق بوركينا فاسو قرب الحدود مع النيجر. 

ووفق بيان رسمي بثته التلفزة الوطنية في باماكو، فإن السائقين أُطلق سراحهم مساء أمس الأحد 3 غشت، وهم بصحة جيدة، بعدما كانوا محتجزين لدى فرع تابع لتنظيم "الدولة الإسلامية" في ولاية الساحل، وهو الفرع الذي تنامى نشاطه في السنوات الأخيرة على تخوم المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

العملية الناجحة جاءت تتويجا لجهود تنسيقية حثيثة بين وكالة أمن الدولة في مالي والمغرب، وهي الجهود التي انطلقت منذ الساعات الأولى لوقوع الاختطاف، حيث تؤكد هذه الواقعة على نجاعة التنسيق الاستخباراتي بين الرباط وباماكو، في سياق جيوسياسي إقليمي بالغ التعقيد، يشهد منذ 2021 إعادة رسم خرائط الولاء والتحالفات في المنطقة.

في هذا السياق، يدخل في شتنبر المقبل "تحالف دول الساحل" الذي يضم كلا من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، عامه الثالث، وهو الكيان الذي تأسس بعد قطيعة تامة مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، ويمثل اليوم بديلا كونفدراليا عن النظام الإقليمي التقليدي، حيث انطلق كتنسيق عسكري أمني بين ثلاث دول، وقد يتحول تدريجيا إلى إطار مؤسسي يسعى إلى بلورة رؤية مشتركة لأمن وتنمية الساحل، بعيدا عن الوصاية الفرنسية القديمة أو الهيمنة الغربية.

وفي هذا الإطار، كشف وزير الدفاع في النيجر ساليفو مودي مؤخرا عن قرب نشر قوة عسكرية مشتركة من خمسة آلاف جندي مزوّدة بقدرات جوية وموارد استخباراتية، للعمل عبر الحدود الثلاث، حيث أن بعض العمليات التمهيدية جرت بالفعل، وهو التشكيل العسكري الإقليمي الذي من شأنه أن يُحدث تحوّلا في ميزان القوة الأمنية بالمنطقة، خاصة إذا ما استمر التنسيق الوثيق مع المغرب الذي أظهر فعالية استخباراتية عالية في قضية السائقين المختطفين.

كما أن إحباط مالي، قبل أسابيع، لمحاولة تهريب معدات عسكرية متطورة موجهة لفصائل مسلحة، كشف عن وجود تعاون استخباراتي عابر للحدود مع "دولة شقيقة" لم تُذكر بالاسم، لكن معطيات كثيرة أكدت دور المغرب فيها، خاصة في ظل ما أبداه الطرف المالي من إشادة متكررة بالمهنية والدقة المغربية في تبادل المعلومات.

هذه الدينامية الجديدة في التعاون، قد تدفع نحو طرح سيناريو أكثر تفاؤلا لمستقبل الأمن في الساحل، قائم على تقاطع المصالح الإقليمية ونموذج التنسيق الذكي الذي يجمع بين المعلومات الدقيقة والقدرة الميدانية على التدخل، ففي مواجهة التهديدات العابرة للحدود، من الإرهاب إلى الجريمة المنظمة، تبرز الحاجة إلى تحالفات مرنة وغير تقليدية، وهو ما يمكن أن يمثله التعاون بين المغرب وتحالف الساحل.

وقد يأخذ هذا التنسيق بين المغرب ودول الساحل بعدا استراتيجيا أوسع من الجانب الأمني، كما تؤكده مبادرة "الأطلسي" التي تتيح لهذه الدول منفذا بحريا عبر البنية التحتية المغربية، ورغبة الدول الثلاث في بناء شراكة إقليمية متكاملة، وإذا ما استمرت هذه الدينامية وتوسعت، فقد نشهد تحولا نوعيا في ملامح الأمن والتعاون بغرب إفريقيا.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

الصحراء للمغرب.. والمصالح للجميع

منصات التواصل الاجتماعي، هي بالتأكيد فضاء يلتقي فيه الجميع، العقلاء والمعتوهون، المنصفون والحاقدون، الذين يتكلمون في ما لا يفهمون، والذين لا يتكلمون في إلا في ما يفهمون... هو بحر متلاطم ...