ترحيب سوري بإعادة العلاقات الديبلوماسية مع المغرب بعد وصف وزير الخارجية السوري إعادة فتح سفارة الرباط بدمشق بالموقف "النبيل"

 ترحيب سوري بإعادة العلاقات الديبلوماسية مع المغرب بعد وصف وزير الخارجية السوري إعادة فتح سفارة الرباط بدمشق بالموقف "النبيل"
الصحيفة - خولة اجعيفري
الثلاثاء 20 ماي 2025 - 9:00

أعلن الملك محمد السادس، السبت الماضي في خطاب موجه إلى القمّة العربية الرابعة والثلاثين المنعقدة ببغداد، عن قرار المغرب إعادة فتح سفارته في العاصمة السورية دمشق، بعد أكثر من عقد من القطيعة الدبلوماسية التي أعقبت اندلاع الأزمة السورية سنة 2012، وهو الإعلان الذي رحّب به مراقبون وخبراء من الجانبين اعتبروا أنه لم يكن مجرد إجراء رمزي، بل خطوة محسوبة بعناية، تنمّ عن تحول استراتيجي في مقاربة الرباط للعلاقات العربية-العربية، في ظل توازنات جديدة تعيد رسم معالم النظام الإقليمي بعد سنوات من التشظي والاصطفافات الحادة.

وقوبل القرار المغربي، بترحيب رسمي من دمشق، عبّر عنه في البادئ وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني من بغداد، الذي أكد أنه يشكر الملك محمد السادس على هذه المبادرة التي وصفها بـ"النبيلة"، التي تعتبرها سوريا بداية صفحة جديدة مع بلد نكنّ له كل الاحترام، وتعبيراً صادقاً عن رغبة صادقة في طيّ صفحة الماضي.

وأكد وزير الخارجية السوري، أن دمشق تنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها إشارة على "نضج المواقف داخل المنظومة العربية، وتقديراً لخصوصية العلاقة بين دمشق والرباط"، مؤكداً أن بلاده مستعدة لبناء شراكة دبلوماسية قائمة على الاحترام المتبادل.

ويندرج القرار المغربي، ضمن سياق إقليمي يشهد إعادة هندسة للعلاقات بين العواصم العربية، مع بروز توجه متصاعد نحو إنهاء سنوات القطيعة والانقسام، فبعد عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية وتخلصها من تركة النظام السابق، والمشاركة المكثفة لمسؤوليها في اللقاءات الإقليمية، أصبح من الجلي أن عزلة دمشق لم تعد مجدية، وأن مقاربة "الإقصاء" تفقد فعاليتها تدريجيا.

وفي هذا الإطار، ثمن كمال رزوق، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة دمشق، في تصريح لـ"الصحيفة"، القرار المغربي بإعادة فتح سفارته في دمشق، معتبرا أنه "ليس مجرد إجراء إداري عادي، بل هو تطور يحمل دلالات سياسية عميقة، إذ يعكس فهما متقدما لدى القيادة المغربية لضرورات المرحلة الإقليمية الجديدة" مضيفا: "المملكة المغربية تقرأ التحولات الجارية في المنطقة بواقعية استراتيجية، وتدرك أن عزل سوريا لم يعد يخدم الاستقرار العربي، بل يفاقم من هشاشة النظام الإقليمي."

وشدّد الخبير في تصريح خص به "الصحيفة"، على أن "هذه الخطوة تعني الكثير بالنسبة لنا كسوريين، لأنها صادرة عن دولة لطالما اتسمت سياستها الخارجية بالتوازن والانفتاح، ولم تتورط في سياسات المحاور التي مزّقت المشرق العربي، كما لم تتورط في دماء السوريين ولطالما رفضت ممارسات النظام السابق وعبّرت عنها بكل جرأة وشجاعة وهي تنتصر لإرادة الشعب السوري"، مؤكدا أن "المغرب بلد لديه ذاكرة عربية عميقة، وعلاقاته بسوريا تتجاوز اللحظة السياسية، وتعود إلى تراكُم من التقدير الشعبي والدعم المتبادل في محطات تاريخية."

وتابع المتحدث: "عودة العلاقات بين دمشق والرباط ليست فقط تسوية دبلوماسية، بل فرصة لإعادة بناء جسور ثقة عربية على أسس جديدة، بعيدا عن المزايدات الإيديولوجية، واستنادا إلى مفهوم سيادة الدول وعدم التدخل، وهو ما يُشكّل حجر الزاوية في مستقبل العمل العربي المشترك.. والمغرب، بخطوته هذه، لا ينحاز إلى طرف، بل يفتح نافذة للتهدئة والتقارب في زمن الانقسامات."

من جانبه، يرى محمد المودني، الخبير المغربي في العلاقات الدولية، أن الخطوة المغربية ليست طارئة أو ظرفية، بل تعكس وعيا دبلوماسيا عميقا بضرورة التفاعل مع التحولات الجارية في بنية النظام العربي.

وأوضح المودني في تصريح لـ"الصحيفة" أن العلاقات المغربية السورية ليست وليدة اللحظة، بل تمتد لعقود من الود والدعم المتبادل، وبالتالي "لا يمكن أن ننسى مشاركة المغرب في حرب أكتوبر 1973 إلى جانب سوريا، وتضحيات الجنود المغاربة الذين استُشهدوا على الأراضي السورية دفاعاً عن القضايا العربية الكبرى."

ورغم ما عرفته العلاقات الثنائية في العقود الأخيرة من فتور بسبب دعم النظام السوري لجبهة البوليساريو بتحالف مع الجزائر وحزب الله، يرى المودني أن "تلك المرحلة أصبحت من الماضي ووجب طيها"، مشيرا إلى أن القيادة السورية الحالية باتت تُبدي إشارات متكررة على رغبتها في إعادة التموضع إقليمياً، عبر الانفتاح على جميع الأطراف دون استثناء، بما فيها المغرب.

ومن بين أبرز الدلالات التي تحملها هذه الخطوة، يبرز ما اعتبره الخبير المغربي "التماهي مع المبدأ الدبلوماسي الراسخ للمغرب، الرافض لسياسة الكرسي الفارغ"، وهو مبدأ تكرّس في أكثر من محطة، سواء في تعاطي الرباط مع ملفات الخلاف الإقليمي أو مع مؤسسات التعاون العربي المشترك.

ويُضيف المودني أن إعادة فتح السفارة المغربية في دمشق ليست فقط استئنافا للعلاقات، بل خطوة ذكية لتعزيز الحضور المغربي في فضاء جيوسياسي معقد، تُعاد فيه صياغة التحالفات والأدوار، ويرى أن الرباط تسعى من خلال هذه الخطوة إلى استعادة زمام المبادرة في المشرق، عبر توظيف رصيدها الدبلوماسي المتوازن وتاريخها العروبي العريق.

وأشار المودني إلى أن "القرار المغربي يمهّد لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، تقوم على المصالح المشتركة، والتعاون في ملفات متعددة، سواء في المجال الأمني أو الاقتصادي أو الثقافي. وهو جزء من تصور أوسع لتثبيت الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، والتصالح مع الجغرافيا السياسية العربية على أساس براغماتية واقعية."

الصحراء للمغرب.. والمصالح للجميع

منصات التواصل الاجتماعي، هي بالتأكيد فضاء يلتقي فيه الجميع، العقلاء والمعتوهون، المنصفون والحاقدون، الذين يتكلمون في ما لا يفهمون، والذين لا يتكلمون في إلا في ما يفهمون... هو بحر متلاطم ...