تعهد الأبناك بتأجيل القروض يتحول إلى "سراب" وبنجلون يلجأ لـ"المراوغة"

 تعهد الأبناك بتأجيل القروض يتحول إلى "سراب" وبنجلون يلجأ لـ"المراوغة"
الصحيفة – حمزة المتيوي
الأثنين 20 أبريل 2020 - 20:21

يوما بعد يوم يتأكد المواطنون المغاربة الذين يعانون من التبعات الاقتصادية والاجتماعية للإجراءات الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا، أن تعهدات تأجيل سداد أقساط القروض التي كان يعوَّل عليها كثيرا لتخفيف العبء المالي الموضوع على كاهل الأسر خلال هذه الفترة، لم تكن سوى "سراب" حصلت بفضل البنوك على الكثير من الدعاية، وأوقع الدولة في ورطة كبيرة من خلال إبرازها كـ"ضامن" لتلك الوعود.

وبالإضافة إلى الاقتطاعات التي تمت من تعويضات منخرطي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذين فقدوا عملهم بشكل مؤقت، والذين تولى صندوق مواجهة الجائحة تعويضهم خلال هذه الفترة، وجد مواطنون آخرون، قُبلت طلبات تأجيل أقساطهم، أن الأمر لا يتعلق بخدمة مجانية كما فهموا ذلك من خلال الاتفاق المعلن بين المجموعة المهنية للأبناك وبين لجنة اليقظة الاقتصادية، وإنما بـ"إعادة جدولة" ستكلفهم فوائد إضافية عقب انتهاء الأزمة.

فخ التأجيل

وفوجئ العديد من زبناء الأبناك أن طلبات التأجيل التي حظيت بالموافقة أُتبعت بجدولة جديدة للأقساط بحيث تتم إعادة احتسابها ابتداء من شهر يوليوز بشكل يجعل الفوائد أكبر من تلك المتفق عليها في طريقة سداد القرض الأصلية، ما يعني أن التأجيل مشمول بأعباء مالية إضافية لا تراعي الظرفية الخاصة للمدينين والتي كانت من الأساس سبب طلب التأجيل.

ويتعارض هذا الأمر، في رأي المتضررين، مع الاتفاق المعلن عنه رسميا في 30 مارس بين لجنة اليقظة الاقتصادية التي تضم في تمثيليتها عدة قطاعات حكومية وبين المجموعة المهنية للأبناك بالمغرب، والذي ينص على منح المقترضين إمكانية تأجيل اقتطاعات سلفات السكن والقروض الاستهلاكية و"الليزينغ" من شهر مارس حتى شهر يونيو، دون مصاريف أو غرامات التأخير. 

رفض تحت الطاولة

لكن هذا الامر ليس الوحيد الذي يؤرق زبناء الأبناك، فبعضهم لم تتم الموافقة أصلا على طلبات التأجيل الخاصة بهم، ووفق مجموعة من المعنيين بالأمر الذين تحدثوا لـ"الصحيفة"، فإنهم وجدوا رفضا شفويا من طرف مسؤولي وكالاتهم البنكية بعد علمهم بأنهم لا يتوصلون حاليا براتبهم كاملا، وهو ما يعني أن الأجراء المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذين يجري تعويضهم بسبب فقدان عملهم بشكل مؤقت، لا يستفيدون من هذا التأجيل على الرغم من أنهم الأكثر تضررا، الشيء الذي يشي بأن تلك الأبناك تبحث عن "ضمانات" استرداد أموالها أكثر من التزامها بمحاصرة التبعات الاقتصادية للأزمة على المواطنين.

وتبدو "مراوغات" مجموعة من المؤسسات البنكية ومؤسسات القروض واضحة مثلا من خلال منشور لإحداها على حسابها الرسمي في "الفيسبوك" يتضمن ضوابط الاستفادة من تأجيل الأقساط، ففي الوقت الذي تؤكد فيه وجود خيار التأجيل بناء على طلب خطي، انهالت عليها أسئلة حول استثناء الموظفين من هذا الأمر وعدم توصل العديد من الزبناء بجواب حول طلباتهم، لكن إجاباتها انحصرت في الإحالة على الرابط الإلكتروني للطلبات أو على وكالاتها.

بنجلون يتهرب

وطيلة الأسبوع الماضي كان الجدل حول عدم فعالية مسطرة التأجيل والغموض الذي يلفها هو موضوع الساعة، ما استدعى انتظار رد مباشر وواضح من طرف عثمان بنجلون، رئيس طرف المجموعة المهنية للأبناك، لكن بصدوره اليوم كانت هناك صدمة جديدة للمتضررين، فالرد لم يشر مطلقا لكل التساؤلات العالقة، وإنما اكتفى بالإشارة إلى معالجة ما يقارب 400 ألف طلب تأجيل تم رفض 4 في المائة منها، وإلى "انخراط" القطاع البنكي في توزيع المساعدات على الأسر المتضررة من الجائحة.

وعوض أن يكون موضوع بلاغ المجموعة هو شكاوى المواطنين الذين وجدوا أنفسهم عالقين بين مطرقة فقدان العمل وسندان أقساط القروض، اختار الإشارة بـ"تفاني موظفي المصارف والذين يقدر عددهم بـ 60 ألف موظف"، وبـ"حرص المؤسسات البنكية على توفير شروط الحماية لموظفيها وزبنائها من خلال توفير الكمامات الوقائية ونظيم عملية استخدام الصراف الآلي والتطهير"، مع التأكيد على أن "القطاع البنكي لا يزال معبئا ولن يستسلم للانتقادات التي من شأنها التشكيك في اتحاد القوى الحية ببلادنا ضد تداعيات فيروس كورونا"، على الرغم من أن موضوع الانتقادات كانت هي المؤسسات البنكية عينها المتهمة بعدم الالتزام بتعهداتها المعلنة، لا الموظفون العاملون بها.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...