تقرير: بعد قطيعة فاشلة مع مدريد بسبب قضية الصحراء.. الجزائر تعود بقوة إلى التصدير من إسبانيا لتعويض خسائرها
عادت الجزائر إلى السوق الإسبانية بوتيرة قوية بعد رفع الحظر التجاري الذي فرضته بنفسها سنة 2022 على المبادلات التجارية مع مدريد، في خطوة وُصفت حسب تقرير خاص لصحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية بأنها محاولة لتعويض "الوقت الضائع" خلال فترة القطيعة التي أعقبت تغيير مدريد موقفها من نزاع الصحراء المغربية، مما يشير إلى أن الجزائر تلقت خسائر تجارية خلال تلك الفترة.
وحسب المصدر نفسه، نقلا عن تقرير للتجارة الخارجية الصادر عن وزارة الاقتصاد الإسبانية، فقد بلغت قيمة الصادرات الإسبانية نحو الجزائر ما يزيد عن 900 مليون أورو بين يناير وماي 2025، وهو ما يمثل تقريبا نصف حجم المبادلات لعام 2021، أي قبل فرض الحظر.
وأشارت "الكونفيدينسيال" بناء على نفس الإحصائيات إلى أن الصادرات الإسبانية إلى الجزائر ارتفعت بنسبة 162 بالمائة مقارنة بالأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي، وذلك منذ رفع القيود التجارية في نونبر 2024 واستئناف التحويلات البنكية والعلاقات التجارية الرسمية بين البلدين.
ولفت التقرير إلى أن هذه العودة المفاجئة جاءت بعد أن عانى عدد من المصدرين الإسبان، من خسائر كبيرة خلال فترة الحظر، وهو أمر اعترف به المصدرون والمستثمرون الإسبان، في حين كانت تتجنب الجزائر عبر أجهزتها الرسمية إلى الاعتراف به من جانب مستثمريها.
وأضافت الصحيفة الإسبانية إلى أن المؤشرات الحالية تُظهر أن السوق الجزائرية استعادت حيويتها بشكل لافت، حتى باتت الجزائر ثالث أكبر شريك تجاري لميناء فالنسيا من حيث عدد الحاويات المتداولة، بعد الصين والولايات المتحدة.
كما أشارت إلى تقرير لغرفة تجارة فالنسيا الذي كشف أن أولى خطوات التحرير الجزئي للواردات الجزائرية من المنتجات الإسبانية بدأت في يناير 2024، وشملت بالأساس اللحوم، والدواجن، ومركبات نقل البضائع، وهي القطاعات التي تصدرت الصادرات نحو الجزائر في نفس السنة، إلى جانب معدات كهربائية، وآلات، ومنتجات كيماوية زراعية.
لكم المفارقة، وفق ما نقلته "إلكونفيدينسيال" عن المستشار الاقتصادي ألفونسو تابيا، هي أن الجزائريين كانوا أكثر استعجالا من الإسبان في استئناف العلاقات التجارية، مما يشير إلى المستثمرين الجزائريين عانوا من خسائر كبيرة خلال فترة الحظر الذي فرضه "نظام تبون" على العلاقات التجارية مع إسبانيا.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الجزائر كانت قد قررت في يونيو 2022 تعليق علاقاتها التجارية مع إسبانيا، في خطوة كان الهدف منها ممارسة الضغط على مدريد من أجل التراجع عن موقفها الداعم لمقترح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء تحت السيادة المغربية.
لكن بالرغم من تلك الخطوة التي جاءت بعد سحب السفير من مدريد، إلا أن الأخيرة رفضت الرضوخ للابتزاز الجزائري، وأصرت على الاستمرار في موقفها الداعم لسيادة المغرب على الصحراء، وهو الموقف الذي لازال مستمرا إلى اليوم، في الوقت الذي قررت فيه الجزائر التراجع عن قطع العلاقات مع إسبانيا، بعدما تبين -وفق قراءات سياسية-استحالة تغيير مدريد موقفها من قضية الصحراء.
وكانت العديد من التقارير قد تحدثت عن أن الجزائر تُخفي تضررها من خطوة قطع العلاقات التجارية مع إسبانيا، حيث كان السوق الجزائري يعتمد بشكل كبير على التصدير من إسبانيا للعديد من المنتوجات، وبالتالي فإن العودة القوية للمستثمرين الجزائريين إلى السوق الإسباني يُؤكد صحة ما كانت قد نشرته تلك التقارير في أوقات سابقة.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :