تونس أصبحت "دولة عجوز".. الإحصاء السكاني يبرز أن عدد سكان تونس ينكمش ونسبة الشيخوخة ترتفع
تونس أصبحت "دولة عجوز"، هكذا بدأ يراها أهلها بعد أن أصبحت البلاد تراوح مكانها تحت خط 12 مليون ساكن، طيلة عشرية الإحصاء التي شملت الساكنة بين 2014-2024 حيث بدت النتائج المعلن عنها حول إحصاء تعداد السكان صادمة للكثيرين بعد أن بلغ عدد سكان تونس 11.972.169 ساكن بتاريخ 6 نوفمبر 2024، مقارنة بسنة 2014 أي بزيادة أقل من مليون ساكن في 10 سنين.
ووفق المعطيات، فتراجع ساكنة تونس راجع للسياسة التي تبنتها الدولة منذ عقود لتشجيع تحديد النسل مما أثر سلبا على التركيبة السكانية المتجهة نحو الهرم بشكل سريع.
والملاحظ أن النمو الديمغرافي في تونس عرف منحى ثقيل وبطيء لكن الثابت و"الخطير" وفق المراقبين، أن هذا المنحى يتجه نحو "التهرم السكاني" حيث وصل المؤشّر التأليفي للخصوبة في حدود 1,7 سنة 2022 أي أقل من المعدل الأدنى لتجدد الأجيال 2.1 طفل للمرأة الواحدة مما سينتج عنه، مستقبلا شيخوخة كبيرة في الهرم السكاني للبلاد وخلل اجتماعي واقتصادي سينعكس على منحنى النمو الطبيعي للمجتمع، ومعه مناحي أخرى مرتبطة بمستقبل تونس.
في ذات السياق، يشير مؤشر الإعالة الديمغرافية لكبار السن (يعني عدد الأشخاص الذين في أعمارهم 60 سنة فأكثر ÷ عدد الأشخاص في سن العمل "15_59 سنة") كان في حدود الـ 11% في ستينات القرن الماضي، لكن اليوم، نجده في حدود الـ 28%.
وبالنسبة لمؤشر الشيخوخة (عدد الأشخاص في سن 60 سنة فأكثر ÷ عدد الأشخاص أعمارهم أقل من 15 سنة) كان في حدود الـ 12% في الستينات، ليصل اليوم في حدود الـ 74%.
هذا، عرفت ولايات تونس تباينا فيما بينها من حيث النمو الديمغرافي، حيث ارتفع عدد السكان بين سنة 2014 و2024، من قرابة الـ 3 آلاف ساكن (في جندوبة) إلى قرابة الـ 92 ألف ساكن (في أريانة)، وعرفت ولايات الشمال الغربي خاصة الكاف وسليانة تراجعا ملحوظا فيما يخص عدد السكان، بقرابة الـ 5،5 ألف ساكن في الكاف، وبقرابة الـ 6،8 ألف ساكن في سليانة، حيث يرجح هذا إلى نتيجة الهجرة نحو المدن الكبرى نظرا لما تعرفه ولايات الشمال الغربي من تهميش وقلة فرص الشغل والمشاكل الاقتصادية.
وفيما يخص العمر الوسيط (يعني العمر بين نصف عدد السكان أكبر منه، والنصف الآخر أصغر منه) كان في حدود 17 سنة في 1966، في حين وصل العمر الوسيط في تونس سنة 2024 في حدود الـ 35 سنة، وهذا له تأثير على عدد التلاميذ المتمدرسين حيث سيقل عددهم في المستقبل، حيث كانت الإحصائيات تشير إلى أن من هم في أعمار السنة إلى 14 سنة كانوا في حدود الـ 47% سنة 1966، في حين اليوم عرف هذا الرقم انخفاضا كبيرا، حيث وصلت النسبة إلى 24% من عدد السكان.
والملاحظ أنه، وبعد سبعين سنة استقلال تونس وصلت نسبة الأمية إلى 17,3 ٪ وهي أكثر من ذلك بكثير لعدم احتساب المتسربين من المدرسة، هذا، وفي سنة 2024 بلغت نسبة الحاصلين على تعليم عالي في تونس قرابة الـ 18% لدى الإناث و16% لدى الذكور.
ويُستنتج من هذه هذه المعطيات التي اعتبرها خبراء دراسة المجتمع "مُفزعة"، خصوصا وانه ترتبط أيضا بارتفاع نسبة الأمية وضعف الخصوبة والتهرم السكاني، وهو ما ينذر بدق ناقوس الخطر، ويجعل من إعادة رسم سياسة تحديد التشجيع على النسل لمجابهة التهرم السكاني أمر ملح بالنسبة لمستقبل الدولة التونسية.




