تونس 2020.. "بَرشا" شغف بالرياضة، وشعب مستأنس بـ"مخلفات الثورة"

 تونس 2020.. "بَرشا" شغف بالرياضة، وشعب مستأنس بـ"مخلفات الثورة"
عمر الشرايبي من تونس
السبت 25 يناير 2020 - 15:37

شارع أحمد بوركيبة، الساعة تشير إلى العاشرة مساء. أجواء هادئة تخيم على القلب النابض للعصامة التونسية، الأخير الذي يخفق كل صباح على إيقاع "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.. ولا بد لليل أن ينجلي…". كما كان الحال ذات أمسية من يناير 2011, حين صرخ شيخ مسن "بنعلي هرب.. بنعلي هرب"، معلنا عن بداية نجاح "ثورة الياسمين".

تونس 2020، وإن مر الزمن وتسارعت الأحداث، إلا أنها حافظت على هدوءها ورونقها، بنفس حس الحداثة بين شوارعها وحواريها، حيث يمتزج سحر "الكاتيدرائية" بعبق تاريخ العتيقة.. بين أصالة تونس ومعاصرتها، أينما حللت وسط العاصمة تونس.

وإن كان المواطن التونسي قد عاش مخاضا عسيرا طيلة السنوات الأخيرة في مواجهة "الطرابلسية" والعائلات "السواحلية"، إبان حكم زين الدين بنعلي، فإن واقع الحال ينذر باستقرار "مؤقت"، حيث تنتظر تونس "الخضراء" أن تتحسن الأوضاع مع قدوم الرئيس الجديد قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري المحافظ، الذي ينبغي أن تتركه "الأيادي الخفية" يدير شؤون البلاد ويتمتع بجميع الصلاحيات. يقول أحد الشباب، في دردشة قصيرة داخل أحد مقاهي العاصمة مع "الصحيفة". وهي الدردشة التي سرعان ما انتهت بتدخل النادل الذي لم يرغب في "نقاش سياسي" على مائدة "المقلوب والهريسة"، توجسا من تدخل "الحماية المدنية"!

في بلاد "الحرية"، حيث تحظى المرأة بمكانة خاصة، لا حرج أن تلج الأخيرة العلب الليلية والمقاهي التي تقدم مشروبات كحولية، انسجاما مع التحرر الذي يعيشه الشعب التونسي منذ أمد بعيد، ضدا في رغبة نهضة الغنوشي، حتى وإن فشل نبيل القروي في أن يرسم معالمها من أعلى قمة قصر قرطاج الرئاسي. تونس ظلت محافظة على هويتها داخل العالم العربي والمغرب الكبير، بصفة خاصة، في 2020 كما قبل الثورة.

شعب متعلق بالرياضة، علها تنسيه تداعيات السياسة ومخلفات "11جانفي2011". كما كنا شاهدين على ذلك، ونحن في الطريق إلى ملعب "رادس" الأولمبي، حيث جاءت العائلات التونسية لدعم منتخبها الوطني لكرة اليد في حملة البث عن لقب قاري آخر، ينضاف إلى "بالماريس" المجد القاري للبطل صاحب العشر ألقاب و14 مشاركة عالمية، أبرزها مركز رابع في "مونديال2005".

بعيدا عن " رادس"، شغف من نوع خاص،  كروي هذه المرة، حيث يقتسم هواء العاصمة بين الترجي والنادي الإفريقي، رغم تقارب معقلي الناديين المرجعيين، فـ"باب السويقة" لا يكتسي سوى لوني "الدم والذهب"، كما يحكي عن تاريخ النادي الذي احتفل بمؤيته، السنة الفارطة، حيث يفتخر كل "مكشخ" بالانتماء إلى كيان رياضي، كروي بصفة خاصة، توج باللقب المحلي 26مرة وتزعم عرش إفريقيا أربع مرات.

باب سويقة، هو أحد أبواب مدينة تونس العتيقة، يقع قرب حي الحلفاوين المجاور لباب العسل وباب الأقواس، بين باب البنات وباب قرطاجنة من الأسوار الداخلية، وبين باب الخضراء وباب سعدون من الأسوار الخارجية للمدينة العتيقة، وكان قد هُدم عام 1861. وهو حاليًا أيضا أحد الأحياء الشعبية لمدينة تونس نسبة إلى ذلك الباب.

جاءت تسمية باب سويقة من تصغير لكلمة ساقية، وتوجد فيه العديد من المعالم التاريخية وأهمها على الإطلاق زاوية سيدي محرز وجامع باي محمد وجامع الزرارعية، كما يوجد به المقر العام لنادي الترجي الرياضي التونسي أول نادي تونسي.

عرف هذا الحي خلال الفترة الاستعمارية بانخراطه في حركة النضال الوطني، وشهد العديد من المظاهرات الشعبية الصاخبة، خاصة وقد كانت توجد به مكاتب العديد من زعماء الحركة الوطنية ومن بينها مكتب المحامي الزعيم الحبيب بورقيبة، وصيدلية بن حمودة، ومكتب المحامي صالح بن يوسف.

في المقابل، فـ"الغريم" التقليدي ينتشي بـ"الشيشا" في مقهى النادي الإفريقي، حيث مقر الـ CA.. كتب الشاعر محمد الورغي عن في أحد قصائده في سنة 1769، "جدد هذا الباب باب الجديد.. علي باشا بن الحسين السعيد.. أقامه من بعد ما قد هوى.. في فتنة يشيب منها الوليد".. في ذكرى عن "باب الجديد"، معقل العدو التاريخي للترجي الرياضي، قبل زمن "الكلاشات" بين "المكشخين" و"الأفريكانو"، روابط "ألتراس" الفريقين.

تزامنا مع استقبال الـEST للرجاء الرياضي، فإن شعب تونس، عبر عن حسن ضيافته، من خلال استقبال حافل لأزيد من ألفي مناصر "رجاوي" قدموا من المغرب لمساندة الفريق "الأخضر"، عربون تقارب بين شعبين شقيقين، حيث تحتفظ الذاكرة التونسية بزيارة الملك محمد السادي لتونس، في "ذروة" شرارة الثورة التونسية.

أمن واستقرار وهدوء يطبع الحياة اليومية للتونسيين، وحراسة أمنية مشددة تشهدها مختلف النقط الحساسة داخل العاصمة. يفتخر التونسيين ويعتزون بوطنيتهم، حيث يستفيق شارع أحمد بوركيبة، كل صباح على نغمات النشيد الوطني القومي، كما تعتز التونسية أنس جابر بوصولها إلى ربع نهائي بطولة أسترالية المفتوحة للتنس، كأول عربية تبلغ هذه المحطة من بطولات كرة المضرب الكبرى، هناك في "ميلبورن"، حيث لا يختلف كثيرا حر الجو عن حر "الهريسة" الذي لا يفارق أي طبق أكل في تونس، على سبيل المفارقة.

هناك ما هو أهم من "ذباب الجزائر"!

لم تكن العلاقة بين المغرب والجزائر ممزقة كما هو حالها اليوم. عداء النظام الجزائري لكل ما هو مغربي وصل مداه. رئيس الدولة كلما أُتيحت له فرصة الحديث أمام وسائل الإعلام ...

استطلاع رأي

في رأيك، من هو أسوأ رئيس حكومة مغربية خلال السنوات الخمس والعشرين من حكم الملك محمد السادس؟

Loading...