ثلاثة أحزاب جزائرية تعبر عن "قلقها" من بيع ثروات البلاد للأجانب بعد مصادقة البرلمان على قانون متعلق بالأنشطة المنجمية

 ثلاثة أحزاب جزائرية تعبر عن "قلقها" من بيع ثروات البلاد للأجانب بعد مصادقة البرلمان على  قانون متعلق بالأنشطة المنجمية
الصحيفة – بديع الحمداني
الأحد 27 يوليوز 2025 - 22:57

صادق البرلمان الجزائري على قانون جديد متعلق بالأنشطة المنجمية، أثار موجة من الجدل الداخلي لكونه يفتح الباب أمام الاستثمار الأجنبي في قطاع طالما اعتُبر ضمن الثروات الاستراتيجية الوطنية، خاصة أن هذه الخطوة تأتي بعد أشهر فقط من سلسلة تصريحات رسمية جزائرية، أبرزها صادرة عن السفير في واشنطن، تؤكد استعداد الجزائر للتعاون مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في جميع القطاعات، من ضمنها قطاع المعادن.

وخلفت هذه الخطوة جدلا سياسيا داخليا في الجزائر، حيث أصدر ثلاثة أحزاب جزائرية معارضة، هي حزب العمال، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجيل جديد بيانا مشتركا عبّرت فيه عن قلقها العميق من تبعات هذا القانون، معتبرة أنه "يلغي الطابع الاستراتيجي للقطاع المنجمي" و"يتخلى عن مبدأ سيادة الدولة"، عبر إلغاء العمل بقاعدة 51/49 التي كانت تحدّ من حصة الأجانب في المشاريع الحيوية.

واعتبرت هذه الأحزاب أن القانون الجديد يُدرج الأنشطة المنجمية ضمن قائمة القطاعات المفتوحة كليا أمام الاستثمار الخاص، سواء الوطني أو الأجنبي، دون أي تمييز، وهو ما يشكل، بحسبها، تفريطا واضحا في الثروات الوطنية ويُهد الموارد الطبيعية الموجودة على أراضيها.

وأعربت الأحزاب السياسية الجزائرية عن مخاوف من تغلغل كيانات استثمارية أجنبية وتحكمها في ثروات البلاد، خاصة من أطراف "معادية" لم تسميها بالاسم، وذلك بعد أشهر قليلة من بعث الدبلوماسية الجزائرية رسائل تجاه الولايات المتحدة للاستثمار في البلاد، بدءا بحوار أجراه السفير الجزائري لدى واشنطن، صبري بوقادوم، مع مجلات أمريكية من بينها "بيزنس فوكوس" و"ديفانس سكوب"، أعرب فيها عن رغبة بلاده في تعميق التعاون الاقتصادي مع إدارة ترامب، مشيرا إلى أن الجزائر "مستعدة للتحدث بشأن مواردها المعدنية الوفيرة والحيوية".

وفي ذات التصريحات، وصف بوقادوم الرئيس ترامب بأنه "يؤمن بالصفقات"، معبّرا عن استعداد الجزائر لـ"إظهار فوائد التعاون مع الإدارة الأمريكية"، وهي عبارات اعتبرها مراقبون مؤشرا على نية الجزائر تقديم حوافز ملموسة للاستثمار الأمريكي، قد يكون القانون المنجمي الجديد أحد تجلياتها الفعلية.

ووفق مهتمين بتطور العلاقات الخارجية الجزائرية، فإن الجزائر سارعت إلى تغيير مواقفها تجاه واشنطن بما يتناسب مع "عقلية" الرئيس الأمريكي الجديد، حيث بعد أيام قليلة من تنصيب ترامب، وقعت مذكرتي تفاهم مع واشنطن، الأولى في المجال العسكري، والثانية تتعلق باستكشاف المحروقات البحرية مع شركة "شيفرون" الأمريكية، وهو ما اعتُبر حينها بداية تحول استراتيجي في تموضع الجزائر الاقتصادي والدبلوماسي تجاه الولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، يرى مهتمون أن القانون الجديد المتعلق بالأنشطة المنجمية يمكن اعتباره استكمالا لهذا المسار، إذ يُظهر استعداد الجزائر لتقديم تنازلات اقتصادية من أجل استقطاب استثمارات أمريكية مباشرة في أحد أكثر القطاعات حساسية واستراتيجية.

ورغم أن الحكومة الجزائرية لم تعلن رسميا أن القانون يستهدف المستثمرين الأمريكيين، إلا أن تزامنه مع الحراك الدبلوماسي النشط تجاه واشنطن، وورود تصريحات مباشرة عن أهمية "المعادن" في خطاب السفير الجزائري، يعزز من احتمالية أن تكون هذه الخطوة جزءا من "صفقة سياسية – اقتصادية" غير معلنة.

وتخشى الأحزاب المعارضة من أن يؤدي فتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية غير المشروطة إلى إضعاف الرقابة الوطنية على القطاع، وإلى توترات اجتماعية وبيئية، خاصة في المناطق الغنية بالثروات المعدنية والتي تعاني أصلا من التهميش، وهو ما قد يجعل من القانون الجديد مدخلا لاحتجاجات جديدة بدل أن يكون دعامة للتنمية.

كما انتقدت المعارضة تمرير القانون في ظل غياب نقاش وطني واسع، معتبرة أن "منطق الاستعجال والقرارات الفوقية" يُقصي المواطنين من المشاركة في تحديد مصير ثرواتهم، ويمثل تراجعا عن مبادئ الديمقراطية التشاركية والتنمية المستدامة التي لطالما رفعتها السلطات كشعارات في خطاباتها الرسمية.

في المقابل، تعتبر الحكومة أن فتح قطاع المناجم أمام الاستثمارات الأجنبية خطوة ضرورية لتنويع الاقتصاد الوطني وتقليل التبعية للنفط والغاز، مؤكدة أن القانون الجديد يندرج ضمن خطة شاملة لجذب الرساميل الأجنبية وتحقيق التنمية في المناطق الداخلية.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

الصحراء للمغرب.. والمصالح للجميع

منصات التواصل الاجتماعي، هي بالتأكيد فضاء يلتقي فيه الجميع، العقلاء والمعتوهون، المنصفون والحاقدون، الذين يتكلمون في ما لا يفهمون، والذين لا يتكلمون في إلا في ما يفهمون... هو بحر متلاطم ...