جبل طارق ترفض "البريكست" دون اتفاق.. هل تنشأ دولة جديدة بجوار المغرب؟
عاد بقوة إلى الواجهة مؤخرا، احتمال مطالبة مجموعة من المناطق البريطانية بالاستقلال، بسبب إعلان رئيس الوزراء الجديد بوريس جونسون استعداده الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وهو الأمر الذي لا يعجب الاسكتلانديين والويلزيين، كما ترفضه بشكل صريح الحكومة المحلية بجبل طارق، وفق ما كشفت عنه صحيفة "سانداي تايمز" البريطانية.
اعتراض على البريكست
وفجرت الصحيفة الواسعة الانتشار في بريطانيا قبل أيام مفاجأة من العيار الثقيل، حين نشرت مضامين "وثيقة سرية" تقول إن حكومة جبل طارق أخبرت الحكومة المركزية في المملكة المتحدة بأنها "غير مستعدة لتنفيذ البريكست دون اتفاق".
وحسب الوثيقة، فإن حكومة شبه الجزيرة الصغيرة الواقعة في البحر الأبيض المتوسط والمطلة على المغرب، اعتبرت أن الخروج من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق سيتسبب لها بمشاكل على مستوى تدفق العاملين عبر الحدود، والذين يصل عددهم إلى 15 ألف شخص ينتقلون يوميا من وإلى إسبانيا، بالإضافة إلى مشاكل تتعقل بإدخال البضائع.
وأوضحت الوثيقة، أن حركة الحدود ستتأثر بشكل ملحوظ، حيث ستفرض إجراءات التفتيش الجديدة على العاملين إضاعة 4 ساعات يوميا، على الأقل خلال الشهور الأولى لتنفيذ "البريكست"، بالإضافة إلى تعطيل إمدادات البضائع القادمة من إسبانية وخاصة الغذاء والدواء، بل إن عملية شحن النفايات بدورها ستصبح معقدة.
وحسب المصدر ذاته فإن اقتصاد منطقة جبل طارق سيصبح مهددا بالانهيار، خاصة وأن الحكومة المحلية لم تستثمر في "بنى تحتية للطوارئ"، كونها لم تتوقع إقدام لندن على الخروج بدون اتفاق أو ما يصطلح عليه بـ"البريكست القاسي".
الحكومة المحلية توضح
وتطلبت هذه الوثيقة ردا سريعا من الحكومة المحلية بجبل طارق، التي لم ينف رئيسها فابيان بيكاردو، صحة الوثيقة لكنه قال إنها "قديمة"، مؤكدا استعداد سلطات المنطقة لأي احتمال بما في ذلك تنفيذ البريكست دون اتفاق، وإن كان يصر على رفضه.
ووأوضحت الحكومة في بيان نشرته صحيفة "جبرالتار كرونيكل" المحلية، أنها كانت قد أعلنت بالفعل عدم قدرتها على مواجهة "البريكست" بدون اتفاق عندما كان آخر أجل لتنفيذه هو 29 مارس 2019، لكنها بعد ذلك عملت على الاستعداد لجميع الاحتمالات، بما في ذلك استيراد البضائع عبر البحر.
وأوضح المصدر ذاته أن حكومة جبل طارق "بوصفها حكومة مسؤولة، خططت لأسوء السيناريوهات، حتى وهي متأكدة بأنها لن تحدث"، مبرزة أنها أصدرت كل القوانين اللازمة لمواجهة المرحلة المقبلة، ما عدا قانون واحد متعلق بالاتفاقيات الدولية والذي لم يحن الوقت بعد لتمريره لأسباب لوجستية.
وقال رئيس الحكومة المحلية إنه ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما يعتقد أن خروجها من دون اتفاق يبقى احتمالا ضعيفا، داعيا جميع الأطراف إلى العمل على تفاديه، لكنه أكد رغم ذلك أن حكومته مستعدة لجميع الاحتمالات بما يضمن السير العادي للحياة بالمنطقة.
الانفصال.. خيار مطروح
وصار احتمال التلويح بالانفصال مطروحا بقوة عبر وسائل الإعلام البريطانية بخصوص عدة مناطق لم تكن راضية من البداية على الخروج من الاتحاد الأوروبي، ومن بين هذه المناطق جبل طارق، التي عارض سكانها الخروج بنسبة 96 في المائة في الاستفتاء الذي جرى في 23 يونيو 2016.
وكان آخر استفتاء للانفصال عن بريطانيا قد تم في جبل طارق سنة 2002، في أوضاع سياسية واقتصادية مختلفة، وحينها فضل 17.900 شخص الإبقاء على التبعية للمملكة المتحدة مقابل تفضيل 187 فقط استقلال المنطقة التي لا تتجاوز مساحتها 6,7 كيلومترات مربعة.
غير أن اعتزام بوريس جونسون، رئيس الوزراء الجديد المناصر لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الإقدام على "البريكست القاسي"، من شأنه تغيير الأوضاع بشكل جذري، خاصة إذا ما نفذ وعيده الذي كشفت عنه صحيفة "ذا صن" وأخبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بقراره.
تأثير على المغرب
وإن كان الوضع الجديد، خاصة في ظل عدم وجود اتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، سيؤثر على جبل طارق التي تسجل فيها البطالة نسبة 0 في المائة والمحتاجة ليد عاملة إضافية، وكذا على البلدات الإسبانية المجاورة التي يعمل عدد كبير من أبنائها في هذه المنطقة، فإن الأمر لا يبدو كذلك بالنسبة للمغرب، الذي قد يجد نفسه أمام جار أوروبي جديد.
فالحكومة المحلية أبدت موافقتها مؤخرا على مقترح لجمعية رجال الأعمال بالمغرب وجبل طارق، لتأسيس مكتب تجاري بمدينة طنجة، بحثا عن أسواق جديدة، وهو الأمر الذي ذكر بفترة استقطاب هذه المنطقة لليد العاملة والمنتجات المغربية في السبعينات والثمانينات، خلال فترة إغلاق الحدود مع إسبانيا، كما أن عبارة "استيراد السلع عبر البحر" الواردة في بيان الحكومة المحلية الأخير، يجعل من المغرب خيارا منطقيا لجلب البضائع نظرا للقرب الجغرافي من ميناء طنجة المتوسطي.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :