حادثة المحمدية.. عندما تتحول الهجرة إلى محاولة للموت بدل العيش

 حادثة المحمدية.. عندما تتحول الهجرة إلى محاولة للموت بدل العيش
الصحيفة – بديع الحمداني
الأربعاء 2 أكتوبر 2019 - 13:47

فوجع المغاربة هذه السنة بمجموعة من الفواجع التي أودت بحياة عدد من المغاربة دفعة واحدة، وكلها أحداث تؤشر على أن الوضع الاجتماعي في المغرب لا يبشر بالخير، ويطرح العديد من علامات الاستفهام حول أفق هذا الوضع، الذي يبدو غامضا جدا.

فبعد فواجع السيول التي أودت بحياة أزيد من 50 مغربيا في 3 حوادث متفرقة، بين حادثة الحوز وحادثة تارودانت وحادثة الرشيدية، حدثت هذه المرة فاجعة المحمدية التي أودت بحياة 7 مغاربة لحد الآن بعد غرقهم قبالة سواحل المحمدية إثر محاولتهم للهجرة السرية نحو أوروبا.

وإذا كانت هذه الحادثة قد أودت بـ 7 مغاربة دفعة واحدة، فإن محاولات هجرة عديدة هذه السنة شهدت مصرع عدد من المهاجرين المغاربة في محاولات متفرقة للهجرة السرية، أخرها مصرع شاب من مدينة المضيق إثر محاولة للهجرة السرية إلى إسبانيا.

ما الجديد في "حادثة المحمدية"؟

المثير في حادثة المحمدية، والتي فاجأت عدد كبير من متتبعي قضية الهجرة السرية في المغرب، هو أن يغامر أزيد من 50 مهاجرا مغربيا نساء ورجالا لركوب قارب والهجرة السرية نحو أوروبا انطلاقا من ساحل المحمدية البعيد بمئات الكيلومترات عن أوروبا.

كما أن ساحل المحمدية يقع في الجهة الأطلسية، وهي جهة بحرية تتميز بالأمواج العاتية والتقلبات في التيارات المائية، الأمر الذي يجعل محاولة الهجرة السرية من الجهة الأطلسية، بدل المتوسطية من شمال المغرب، هو بمثابة انتحار حقيقي، وهذا بالفعل ما حدث يوم السبت الماضي.

ووفق ما أفادت به السلطات المحلية بإقليم المحمدية، إن هناك احتمال كبير لظهور جثث أخرى لمهاجرين مغاربة، خاصة أن القارب الذي انتهى مساره بالغرق، كان على متنه حوالي 55 مهاجرا مغربيا أغلبهم رجال وبضعة نساء.

وبالتالي يبقى السؤال المطروح، ما الذي دفع هذا العدد الكبير من المغاربة لركوب قارب والإبحار به من ساحل المحمدية من أجل الهجرة السرية إلى أوروبا عبر الجهة الأطلسية الخطيرة؟ إذ يبدو أنها محاولة للموت وليس محاولة للبحث عن عيش أفضل !

أرقام تُنذر بالخطر

في أواخر 2017، وبعد حراك الريف وسخط المغاربة على الأوضاع الاجتماعية، بدأت الهجرة السرية تعود من جديد في صفوف الشباب المغاربة، خاصة في الشمال، لتستفحل بشكل أكبر في 2018 تزامنا مع بداية تحسن الأوضاع الاقتصادية في إسبانيا، ليتفوق المغاربة لأول مرة منذ عقود طويلة، على باقي المهاجرين الأفارقة كأكثر الجنسيات وصولا إلى إسبانيا، حيث شكلوا نسبة 21 بالمائة من مجموع حوالي 60 ألف مهاجر إفريقي وصلوا إلى إسبانيا حسب إحصائيات وزارة الداخلية الإسبانية.

إحصائيات الأشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية 2019 التي أعلنت عنها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تؤكد بالملموس، إن ظاهرة الهجرة السرية عادت بقوة في صفوف المغاربة، خاصة بعد استمرارهم كأكثر الجنسيات الإفريقية هجرة إلى إسبانيا خلال هذه الفترة.

ووفق هذه الإحصائيات المتعلقة بأعداد المهاجرين الواصلين إلى إسبانيا من يناير إلى غاية غشت من السنة الجارية 2019، فإن 19,600 مهاجر وصلوا إلى التراب الإسباني في هذه الفترة، والمثير هو أن 30 في المائة من هذا العدد هم مغاربة، يتبعهم الماليون بنسبة 14 في المائة، ثم الغينيون بنسبة 13 في المائة، والإيفواريون بنسبة 11 بالمائة، وأخيرا السينغاليون بنسبة 8 بالمائة.

مؤشر اجتماعي خطير

إن كانت حادثة المحمدية قد دلت على شيء فإنها تدل على أن الوضع الاجتماعي في المغرب أصبح يؤشر على وضع خطير، فقيام مهاجرين مغاربة بمحاولة للهجرة من الأطلسي نحو أوروبا، هو في الحقيقة، حسب مراقبين لظاهرة الهجرة السرية في المغرب، محاولة للموت وليس محاولة للبحث عن عيش أفضل.

كما  أن هذه الحادثة تتزامن مع استفحال ظاهرة الهجرة السرية في أوساط المغاربة بشكل كبير جدا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، دون أن تتحرك الحكومة والجهات المختصة بمحاولة معالجة أسباب هذه الظاهرة، والتي هي أسباب اجتماعية محضة.

أمام استفحال الهجرة السرية، وعجز الحكومة وسلطات البلاد في الإتيان بحلول ناجعة تعيد ثقة المغاربة في وطنهم، فإن المستقبل يبدو غامضا، وطبعا هذا الغموض لا يبشر بالخير بناء على المعطيات الموجودة على أرض الواقع حاليا.

هناك ما هو أهم من "ذباب الجزائر"!

لم تكن العلاقة بين المغرب والجزائر ممزقة كما هو حالها اليوم. عداء النظام الجزائري لكل ما هو مغربي وصل مداه. رئيس الدولة كلما أُتيحت له فرصة الحديث أمام وسائل الإعلام ...

استطلاع رأي

في رأيك، من هو أسوأ رئيس حكومة مغربية خلال السنوات الخمس والعشرين من حكم الملك محمد السادس؟

Loading...