خبير أمني: نجاح المغرب في الإفراج عن العديد من المحتجزين في منطقة الساحل يؤشر على نجاعة "الدبلوماسية الأمنية" المغربية

 خبير أمني: نجاح المغرب في الإفراج عن العديد من المحتجزين في منطقة الساحل يؤشر على نجاعة "الدبلوماسية الأمنية" المغربية
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
الخميس 7 غشت 2025 - 9:00

نجح المغرب مرة أخرى في إبراز قوته الاستخباراتية في منطقة الساحل الإفريقي، بعد الإعلان الرسمي عن الإفراج عن أربعة سائقي شاحنات مغاربة كانوا قد اختُطفوا في يناير الماضي على يد تنظيم "داعش" في منطقة الحدود بين بوركينا فاسو والنيجر، في عملية تنضاف إلى سلسلة نجاحات مغربية في تحرير رهائن أجانب من قبضة جماعات متطرفة تنشط في المنطقة.

وأعلنت حكومة جمهورية مالي، مساء الأحد 3 غشت الجاري، أنه تم تحرير السائقين المغاربة الأربعة سالمين، بعد جهود مشتركة بين جهاز المخابرات الخارجية المغربي (المديرية العامة للدراسات والمستندات) ونظيرتها المالية (الوكالة الوطنية لأمن الدولة)، وهي العملية التي تمت في سياق بالغ التعقيد نظرا لخطورة الجماعة التي نفذت عملية الاختطاف.

وجاء في بلاغ رسمي للحكومة المالية، بثته القناة الرسمية، أن السائقين كانوا قد اختطفوا في 18 يناير 2025 شمال شرق بوركينا فاسو، على مقربة من الحدود مع النيجر، من طرف ما يُعرف بـ"تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية الساحل"، أحد أخطر فروع تنظيم "داعش" في إفريقيا، والذي ينشط في المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

وسلطت هذه العملية الأمنية الناجحة الضوء مجددا على ما أصبح يُعرف بـ"الدبلوماسية الأمنية" المغربية، والتي هي استراتيجية تقوم على توظيف العلاقات الاستخباراتية والأمنية من أجل تعزيز الحضور الإقليمي للمغرب وحماية مواطنيه ومصالحه في مناطق التوتر، دون اللجوء إلى أدوات تقليدية كالضغط أو التدخل العسكري، حسب عدد من الخبراء.

وفي هذا السياق، قال قال الخبير الأمني محمد الطيار في تصريح لـ"الصحيفة" إن "الإفراج عن السائقين المغاربة الأربعة يُعد محطة مهمة جدا من سلسلة نجاحات حققتها المخابرات المغربية الخارجية، ويؤشر بقوة على نجاعة الدبلوماسية الأمنية التي تنهجها الرباط"، مشيرا إلى أن "هذا النجاح يعكس المهنية العالية لهذا الجهاز، ونفوذه الواسع في منطقة الساحل".

وأوضح الطيار أن "العملية لم تكن لتتم لولا علاقات التعاون الوثيق بين الرباط وعدد من الأجهزة الأمنية في دول الساحل، إضافة إلى المصداقية والسمعة الطيبة التي يتمتع بها المغرب وسط المجتمعات المحلية والزعامات القبلية في المنطقة"، وهي عوامل حاسمة في التعامل مع جماعات تتقاطع فيها المصالح القبلية والإيديولوجية.

وأشار الخبير الأمنية نفسه إلى أن هذه العملية تذكر بنجاحات مغربية سابقة في نفس النطاق، من بينها الإفراج عن رهينة روماني كان محتجزا منذ 8 سنوات لدى جماعة تابعة لتنظيم القاعدة في بوركينا فاسو، حيث فشلت عدة وساطات في إطلاق سراحه، قبل أن تنجح المخابرات المغربية في تأمين خروجه.

كما أبرز الطيار أن الاستخبارات المغربية تمكنت من تحرير رهينة ألماني كان قد اختُطف من طرف جماعة مسلحة تنشط في الساحل منذ سنة 2018، مشيرا إلى أن محاولات الاستخبارات الألمانية فشلت في التعامل مع الملف، بينما نجحت الرباط بفضل خبرتها وعلاقاتها المحلية في إنهاء معاناة الرهينة.

كما أضاف الطيار في ذات السياق، أن المخابرات المغربية، تمكنت أيضا في 2023 بتنسيق مع نظيرتها في النيجر، من تحديد مكان مغربيين كانا على متن دراجتين ناريتين واختفيا على الحدود بين بوركينا فاسو والنيجر، وقد تم التوصل إليهما في غضون أسابيع، في عملية تؤكد قدرة المغرب على التحرك بسرعة وكفاءة في بيئة أمنية شديدة التعقيد.

ويرى مراقبون أن هذه السلسلة من النجاحات تعزز مكانة المغرب كفاعل موثوق به في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، في وقت تتزايد فيه التحديات الأمنية وتنهار فيه العديد من الأنظمة التقليدية في مواجهة المد الجهادي العابر للحدود.

وتعكس هذه العمليات، وفق تحليل الطيار، امتداد النفوذ المغربي في الساحل ليس فقط من خلال القنوات الرسمية، ولكن أيضا عبر شبكة من العلاقات التي نسجتها الرباط مع الفاعلين المحليين، من زعامات قبلية، ووسطاء نفوذ، وقوى مدنية لها وزن داخل المجتمعات المحلية.

وتُبرز هذه المعطيات، في نظر العديد من المتتبعين، أن المغرب بات يملك نموذجا خاصا في التعامل مع الأزمات الأمنية خارج حدوده، يجمع بين الاحترافية الاستخباراتية والمرونة الدبلوماسية، ويمنح الرباط موقعا استراتيجيا في منطقة تعيش على وقع تحولات متسارعة.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...