خبير اقتصادي: الاتفاق الأمريكي – الأوروبي الأخير حول التعريفات الجمركية يُساعد المغرب على الاستمرار في خططه الاقتصادية

 خبير اقتصادي: الاتفاق الأمريكي – الأوروبي الأخير حول التعريفات الجمركية يُساعد المغرب على الاستمرار في خططه الاقتصادية
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
الخميس 31 يوليوز 2025 - 9:00

قال الخبير الاقتصادي محمد جدري، إن الاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بشأن التعريفات الجمركية، من شأنه أن يُحدث نوعا من الاستقرار في النظام التجاري العالمي، ويُمهّد الطريق أمام دول مثل المغرب لتعزيز موقعها الاقتصادي وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

وأضاف جدري في تصريح لـ"الصحيفة" بأن "العالم يعيش حالة من عدم اليقين يمكن القول إنها أصبحت دائمة"، مبرزا أن ما شهده الاقتصاد الدولي منذ جائحة فيروس كورونا، من أزمات متتالية كالحرب الروسية الأوكرانية، والمواجهة الإسرائيلية الإيرانية، ترك تداعيات عميقة أثرت على معنويات المستثمرين والمستهلكين.

وأوضح المتحدث ذاته أن كل أزمة من هذه الأزمات ساهمت في خلق حالة من الارتباك، بدءا من موجات التضخم التي أعقبت الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى التباطؤ الاقتصادي العالمي، وهو ما انعكس على تدفقات رؤوس الأموال، وعلى ديناميات التجارة الدولية.

وفي هذا السياق، أشار جدري إلى أن "قرارات ترامب التجارية خلقت زعزعة في البورصات العالمية، وأثرت سلبا على النظام التجاري متعدد الأطراف، حيث مسّت عددا من الدول بنسب كبيرة"، ما أدى إلى فقدان الثقة في القواعد المنظمة للتجارة الدولية.

لكن الخبير الاقتصادي يرى أن الاتفاق الجمركي الأخير بين واشنطن وبروكسل "يمكن أن يعيد حالة من الاستقرار على المستوى العالمي"، خاصة إذا خرجت كل الأطراف "رابحة ولو نسبيا" من هذا التفاهم، بما يُجنّب العالم سيناريوهات حرب تجارية واسعة النطاق كانت ستنعكس سلبا على الاقتصادات النامية.

وفي هذا السياق، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق مع بروكسل يضع حدا لتصعيد تجاري محتمل، ويقر بفرض تعريفة جمركية موحدة بنسبة 15 بالمائة على نحو 70 بالمائة من صادرات الاتحاد الأوروبي نحو السوق الأمريكية، مع استثناء قطاعات حيوية كأجزاء الطائرات والمواد الكيماوية ومعدات أشباه الموصلات.

وفي هذا الإطار، قال جدري ذات التصريح إن المغرب يُمكنه الاستفادة من هذا الاتفاق الجديد، نظرا لسياسة تنويع الشركاء التي ينهجها، سواء مع الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو آسيا أو القارة الإفريقية وأمريكا اللاتينية، وهو ما يعزز موقع المملكة كمنصة استثمارية متعددة الوجهات.

وأوضح أن "هذا الاتفاق من شأنه أن يُخلف حالة من الاستقرار الاقتصادي على المستوى الأوروبي وفي الأسواق الدولية، وهو ما سيكون له آثار إيجابية على المغرب، خاصة أن المملكة تراهن على استقطاب المستثمرين، وترتكز على اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة لجذب استثمارات إضافية".

كما تحدث جدري عن المستثمرين الصينيين، الذين يبدون اهتماما متزايدا بالولوج إلى السوق الأمريكية عبر منصات بديلة، حيث قد يرون في المغرب بوابة استراتيجية للاستفادة من اتفاقيات الرباط الثنائية، خاصة إذا تطور الاتفاق الأمريكي الأوروبي لاحقا ليشمل تفاهمات مع بكين.

وذكر جدري أن التفاهمات الأمريكية – الأوروبية قد تمهّد لمرحلة ثانية من التفاوض بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما من شأنه أن يُعزز مناخ الاستقرار التجاري العالمي، ويُعيد التوازن إلى سلاسل التوريد، ويُوفر بيئة أكثر ملاءمة لتنفيذ الخطط التنموية في الدول الصاعدة.

ويطمح المغرب إلى الاستمرار في تنفيذ رؤيته التنموية الممتدة إلى غاية 2030 في مرحلة أولى، ثم إلى حدود 2035، وهي الفترة التي تعوّل فيها المملكة على مضاعفة حجم الاستثمارات الأجنبية وتحقيق تحول نوعي في بنيتها الصناعية والرقمية.

وكانت إدارة ترامب قد أكدت أن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي يمثل "نجاحا تاريخيا"، فيما شددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على أنه "أفضل ما أمكن التوصل إليه في ظل السياق الحالي"، داعية إلى مواصلة الحوار لتفادي أي تصعيد مستقبلي.

ورغم الانتقادات التي وُجهت للاتفاق من أطراف أوروبية اعتبرته غير متوازن، فإن عددا من الاقتصاديين يرون فيه مخرجا مؤقتا لأزمة تجارية كانت ستُهدد النمو الاقتصادي في ضفتي الأطلسي، وتُعيق التعافي الهش الذي يشهده العالم منذ أزمة كوفيد-19.

ويتابع المغرب هذه التطورات عن كثب، خصوصا لما لها من تأثير مباشر على بيئة الاستثمار، وعلى دينامية المبادلات التجارية، إذ أن استقرار الأسواق الأوروبية والأمريكية يُمثل عاملا حاسما في استقرار الطلب الخارجي على الصادرات المغربية.

ويُعزز هذا الاتفاق من قدرة المغرب على لعب أدوار استراتيجية في التجارة العالمية، بفضل موقعه الجغرافي، وبنيته التحتية المتقدمة، ومشاركته الفعالة في اتفاقيات شراكة متعددة الأطراف، ما يجعله وجهة مفضلة في ظل التغييرات الجيو-اقتصادية الراهنة.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

إذا كان الملك لا يثق في السياسيين فماذا بقي للشعب؟

من المشكوك فيه أن يكون السياسيون عندنا في المغرب، قد فهموا رسالة العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في خطاب الذكرى الـ 18 لاعتلائه العرش، حينما تساءل قائلا: "إذا أصبح ملك ...