دِيمُقراطيةُ الأَوهَام!

 دِيمُقراطيةُ الأَوهَام!
أحمد إفزارن
الجمعة 27 نونبر 2020 - 12:40

أمامَ ديمُقراطيةٍ وَهْمِيّة، وجهًا لِوَجه.. فما العملُ لاستِعادةِ الثّقةِ الشّعبيةِ المَفقُودةِ في أحزابِنا؟ هذه جُملةُ اقتِراحاتٍ تُلَخّصُ الأهدافَ التي يجبُ أن يَلتزمَ بها كلُّ حِزبٍ في بلادِنا.. وهي أهدافٌ قابِلةٌ للنّقاشِ والتّعديل:
1- المَملكةُ المَغربية: دَولةُ مُؤسّسات…
2- الوَطنيّة: استِقرار، تَنميّة، حُقوقُ الإنسان، عدالةٌ اجتِماعية، تعلِيم، صِحة، أخلاق، عَمَل…
3- التّخلّصُ من الفسادِ المُتجذّر في بعضِ القياداتِ الحِزبيّة وبِنيَتِها التّنظِيميّة..
4 - ديمُقراطيةُ الحزب إشعاعٌ لديمُقراطيةٍ وطنية..
5- الوَفاءُ بالوُعودِ الانتِخابية.. ومُحاسَبةٌ تِلقائيةٌ لأيّ حزبٍ غيرِ مُلتزِِم..
6- الالتزام بالوَقت، داخل الحزب، وفي إنجازِ المشاريع، عندما يكُون الحِزبُ في الحُكُومة..
7- القانونُ فوق الجميع.. وأيُّ شططٍ في الحزب يُعرَضُ على العدالة..
8- بطاقةُ التزامٍ بالأخلاق الحِزبية، يُوقّعُه كلّ مُناضِل..
9- نظامٌ داخلي يلتزمُ به الجميع.. وأساسُه: حقوقُ الإنسان، وفيه حقوقُ الوَطن والمُواطِن..
10- الفصلُ بين الدّين والدولة.. والثّروةِ والسّياسة..
11- القطيعةُ الحِزبية مع المُهرّبين والرّيعيّين والاحتِكاريّين…
12- المَطلوبُ: الكفاءة والنزاهة والاقتِناع بمَبادئ الحزب..
13 - رفضُ التّبعية لأيّ كان، حفاظا على استقلاليةِ الحزب.. الحزبُ في خدمةِ المصلحةِ العامّة..
14- إذا وصلَ الحزبُ للحُكومة، يَتعامَلُ مع الجمِيع على قدمِ المُساواة.. لا فرقَ بين أقلّية وأكثريّة.. ولا تَفضيلَ لأيّ كان.. ولا لمَصالحِ شَخصية…

  • وعلى هذا الأساس، إعادةُ النّظر في أحزابِنا لكي تكُون مُؤهّلةً لاستِقطابِ مُناضلاتٍ ومُناضِلِين في المُستوَى المطلُوب..
    بلادُنا بحاجةٍ إلى ديمُقراطية، وبالتالي لأحزابٍ حقيقية..
    فأين هي الأحزابُ المسؤولة؟
    ولماذا الدّيمُقراطيةُ عندنا دِيمُقراطيةٌ وَهْمِيّة؟
    لماذا ديمُقراطيتُنا لا وُجودَ لها إلاّ في الخيال؟
    تبدأ بأحلامٍ انتِخابيّة، وتَنتَهِي على الكَراسي..
    إنّ أحزابَنا تتقاسَمُ المَواقِع المحلّية، في البوادي والحَواضر، وتصِلُ إلى البرلمان، فإلى الحكومة.. وهذا هو هدَفُها..
    وإنها عابِثة..
    تُريد فقط أن تُقرّرَ في ميزانيّات البلد، وفي التّشريع، وفي القرارِ السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي…
    ثمّ تَنهَالُ علينا، نحنُ المُجتمَع، بوَابِلٍ من القرارات، ومَزيدٍ من الوُعود، وشُرُوحاتٍ رسميّة، وتدّعِي أنّها في خِدمَتِنا..
    وهكذا تُنوّمُنا على الأحلام..
    وفي الغد، يُوقِظُنا الواقعُ على أنّ ما أنجَبَتهُ لنا الدّيمُقراطية، ما هي إلاّ خيالات وافتِراءات..
    إنها أكاذيبُ في أكاذيب..
    ومِن كَذبةٍ إلى أُخرَى.. ثُمّ أُخرَى.. فأُخرَى.. ولا نهايةَ للأكاذيب..
  • وهكذا مَرّت علينا عُقودٌ من الزّمن..
    ونحنُ نُشاهِدُ قادةَ الأحزاب في التلفزيُون، وهُم يُردّدُون نفسَ الأسطُوانةِ التي اعتادُوا عليها، منذ الاستِقلال..
    ونحنُ اليومَ نقرأ الوجوهَ في "الجماعاتِ المحَلّية" و"مَجلسِ النُّواب" وفي "الحكومة"، ومؤسّساتٍ أخرى، ونَستَوعِبُ أنواعَ الكذّابين، ومُستَوياتِ الأكاذيب..
    ثم نُطلقُ جامَّ الغضَبِ على التّلفزيُون، ونُطفئُه بتَوتُّر..
    ولا ينتَهي ضَغطُهُ علينا نفسيّا وعقليّا وعَصَبيّا..
    وكلّ يوم، نلعَنُ الأسواقَ التي تَحَوّلْنا فيها إلى مُستَهلِكين بلا رصِيد.. نستهلِكُ الخَيال.. وكلَّ ما لا نَستطِيع..
    وهذا ما فَعلَتهُ بنا ديمُقراطيةُ الأوهام..
  • نتَصَوّرُ ما ليسَ مُمكِنًا!
    ونتَصَوّرُ أنّ لنا ديمُقراطيةً حاضِرة، فإذا هي غائبة.. ومُغيّبَة.. ومُختَطَفَة..
    وهذه أحزابٌ موجودة.. وانتِخاباتٌ موجُودة.. ولكنّ أبوابَها إلى الدّيمقراطيةِ مُغلقَة.. وإذا كانت، فهي دِيمُقراطيةُ الإسم..
    بالإسمِ هي دِيمُقراطية.. وبالفِعل، هي بلا مَعنَى..
    ولا تقُومُ على أحزابٍ حيّة.. ولا تنصَهِرُ في نبَضاتِ المواطنين..
    أحزابٌ بلا جمهُور.. مَبنيّةٌ على فراغات.. وحياتُها قائمةٌ على المَجهول.. وهي لا تَعرفُ دورَها الحقيقي.. ولا تَسعَى لأن تَعرف.. ولا تَعبأ بالدورِ الحقيقي المنُوطِ بها، وهو خِدمةُ المُجتمَعِ، بالدّفاعِ عن حقُوقه، وهو الدّورُ الأساسي لمَسؤوليتِه النّيابيةِ عبرَ صناديقِ الانتخابات.. وفي غيابِ هذا الفِعلِ الحزبي، أيةُ قيمةٍ للانتِخابات؟ وأيةُ قيمةٍ للدّيمقراطية؟ وأيةُ قيمةٍ لبرلمانٍ لا يُواجِهُ الحكومة؟ ولا لتمثيليّةٍ شعبيةٍ لا يَقوَى فيها على مُحاسبَةِ ونَزعِ الثّقةِ من أيّ مسؤولٍ يتجاوزُ الخُطوطَ الحمراء؟
    أيةُ قيمةٍ لدِيمُقراطيّة صورية!
  • هذه الأحزابُ تقُودُنا إلى أسوَءِ العَواقِب!
    وتَسيرُ بنا، عبرَ نِيابيّتِها اللاّمسؤولة، إلى أسوءِ السياسات، وأسوءِ التّخطيطاتِ والقراراتِ والإنجازات.. إنها لا تَخدمُ إلا زُعماءَها ومن يَدُورُون في مُحيطِهم.. وتُحوّلُ مسؤوليتَها إلى إقطاعيّة.. وتُحقّقُ لنفسِها المزيدَ من الاستِبداد، وطُغيانَ المزيدِ من الفساد، عكسَ أحزابٍ ديمُقراطية - في جهاتٍ أخرى - تدفَعُ ببُلدانِها إلى التّشارُك الدّيمُقراطي، ومن ثمّةَ إلى العدالة الاجتماعية، على أساس تحقيقِ الحُرياتِ الفرديّةِ والعامّة.. مع تنميةٍ فِعليّة للاقتِصاد، والتنميةِ البَشرية، وحقوقِ الإنسان، وحُرّيةِ الرأيِ والفِكر..
    الأحزابٌ الحقيقية تَبنِي لِبَلَدِها دولةَ المؤسّساتِ والتّساوِي أمام القانون..
    وتَعملُ على تعميق الثقافةِ والمُمارسةِ الدّيمقراطية، والتّعدُّدية، وحقّ الاختلاف..
    وتُركّزُ على الفصل بين السّلُطاتِ الثلاثةِ الرئيسيةِ التي تنبَني عليها أيةُ دولة، وهي "التّشريعيّة، والتّنفيذية، والقَضائية"..
    أين هي المنظُومةُ الدّيمُقراطيةُ عندنا؟ ألا يَطغَى على أحزابِنا الجشَعُ والمحسُوبيةُ والزّبوبية؟ ألا يطغَى عليها الانشغالُ بالذات، بدلَ خِدمة الوطنِ والمواطِن؟
  • هذه ليست حياةً ديمُقراطية..
    وإذا كانت، فهي ديمُقراطيةٌ خَدّاعة..
    وفي المَيدانِ تكتَسحُ المصالحُ كلَّ ما هو حياةٌ عامة..
    حياتُنا الانتِخابيةُ مَبنيّةٌ على الخديعة.. والتّموِيه.. والإلهاء.. والكذب..
    يُظهِرُون ما ليس حقيقة..
    علاقةُ ناخِبينَ مع الموصُوفينَ بالمُنتَخَبِين، هذه ليست علاقةَ شَراكة.. إنها علاقةٌ لا تخلُو من خيانة..
    ولا ثقةَ في هذه الأحزاب..
    وُعُودُها كاذِبة.. ادّعاءاتُها مُضلّلة.. وأقوالُها تَضليليّة..
    لا مَعلوماتُها صحِيحة، ولا استِنتاجاتُها قائمةٌ على أساسٍ سَليم..
    الغُموضُ في تَعابِيرِها.. المُراوَغة.. التّهوِيل..
    وهذه هي سياستُها الاجتماعية.. إنها تُضلّلُ الناس..
  • وتصدِمُنا أحزابُنا بالأُحادِيّة الفِكريّة!
    وعَقليةُ "الفكرِ الواحِد" هذه، نَصطدمُ بها في الحِزبِ والحُكومةِ وغيرِهما، حيثُ الزّعيمُ هو الذي يُفَكرُ ويُقرّر ويَأمُر.. ويَغلقُ الأبوابَ على تَعدُّديةِ الآراء، ويُجهِضُ حقُوقَنا الاجتِماعيّة، ولا يَحمِينا من أيةِ حَساسيّة انغِلاقيّة، سياسيًّا واقتِصاديّا واجتِماعيّا وثَقافيّا… الوِقايةُ تَكمُنُ في التّنوّع…
  • بديلاً عن الفِكرِ الوحِيد!
    [email protected]

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...