رغم زيارة سابقة لتبون إلى لشبونة.. البرتغال تمضي في "الدعم الكامل" لمقترح الحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء

 رغم زيارة سابقة لتبون إلى لشبونة.. البرتغال تمضي في "الدعم الكامل" لمقترح الحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
الأربعاء 23 يوليوز 2025 - 9:00

في تطور دبلوماسي جديد يُكرس فشل الجزائر في وقف تنامي الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء، أعلنت البرتغال، بشكل رسمي، عن "دعمها الكامل" للمبادرة المغربية، معتبرة إياها "الأساس البناء والأكثر جدية ومصداقية" لتسوية النزاع، وذلك في إعلان مشترك صدر عقب لقاء جمع وزيرالخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بنظيره البرتغالي، باولو رانجيل، اليوم الثلاثاء في لشبونة.

ويأتي الموقف البرتغالي الجديد ليعيد التأكيد على موقف سبق أن عبّرت عنه لشبونة في ماي 2023، عقب الاجتماع رفيع المستوى الذي ترأسه رئيسا حكومتي المغرب والبرتغال، عزيز أخنوش وأنطونيو كوستا، والذي وصف فيه المقترح المغربي بالحل "الجاد والواقعي والموثوق" في إطار الأمم المتحدة، غير أن توقيته الجديد يحمل دلالة استراتيجية عميقة، كونه يأتي بعد زيارة رسمية كان قد قام بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى لشبونة لمحاولة التأثير على هذا المسار.

وكان عدد من المتتبعين لقضية الصحراء، قد فسروا زيارة تبون إلى البرتغال في ماي 2023، والتي أعقبت الإعلان المغربي البرتغالي بأيام قليلة، على أنها محاولة جزائرية مباشرة لثني لشبونة عن المضي قدما في دعم مبادرة الحكم الذاتي، خاصة في ظل تنامي الأصوات المؤيدة للمقترح المغربي من عواصم وازنة على الساحة الدولية، غير أن هذه المحاولة يبدو اليوم أنها لم تؤتِ أُكلها.

ومع إعلان لشبونة مجددا، وبصيغة أوضح هذه المرة، دعمها الكامل لمبادرة الحكم الذاتي، تكون الجزائر قد تلقت خيبة أمل جديدة ضمن سلسلة الإخفاقات المتوالية التي مُنيت بها دبلوماسيتها في ملف الصحراء، رغم الموارد التي سخرتها في محاولات التأثير على مواقف الدول الأوروبية، والزيارات التي قام بها تبون ووزير خارجيته، أحمد عطاف لعواصم دولية عديدة.

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي محمد شقير في تصريح لـ"الصحيفة" إن البرتغال يبدو أنها ستواصل تبني موقفها الداعم للحكم الذاتي المغربي لحل نزع الصحراء، بالرغم من محاولات الجزائر لثنيها عن إعلان هذا الموقف.

واعتبر شقير أن تشبث البرتغال بهذا الموقف يرجع لعدة أسباب أولها يتمثل في الأساس، "في تجديد إدارة ترامب لاعترافها بمغربية الصحراء، بل وعزمها على الطي النهائي لهذا الملف في أسرع وقت، بدليل الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها مستشار ترامب للمنطقة المغربية خاصة الجزائر والمغرب للبحث في سبل تطبيق هذا الحل".

أما السبب الثاني، وفق شقير، يرجع إلى العديد من العوامل المؤثرة، من أبرزها "تغيير إسبانيا لموقفها ودعمها لمبادرة الحكم الذاتي بعد زيارة رئيس الحكومة للمملكة بعد فترة من التوتر بين البلدين، إلى جانب الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، ومساندة بريطانيا للحكم الذاتي"، مشيرا إلى أن هذه العوامل لن تزيد "البرتغال إلا تشبثا بموقفها بحكم أنها من ضمن دول جنوب أوروبا المرتبطة بعلاقات تاريخية وسياسية مع المغرب، الذي يشكل أحد حراس أوروبا من تدفقات الهجرة السرية، وأيضا كون البرتغال تعتبر من ضمن دول الحلف الأطلسي الذي تترأسه الولايات المتحدة المعترفة بمغربية الصحراء".

كما لفت شقير أيضا إلى أن "البرتغال إلى جانب إسبانيا ترتبطان مع المغرب في المشاركة في تنظيم أكبر تظاهرة كروية تجمع بين القارتين الأوروبية والإفريقية (مونديال 2030)، والتي تنسق البلدان الثلاثة لتنظيمها في أحسن الظروف"، وبالتالي حسب المتحدث نفسه، "لن يقبل المغرب بأي تراجع من البرتغال بهذا الشأن، بعدما حدد العاهل المغربي تعامله مع شركائه، خاصة الأوروبيين، من خلال الخروج من المنطقة الرمادية والنظر إلى علاقات معها من خلال بوصلة موقفها من القضية الوطنية".

هذا، وتكمن رمزية توقيت الإعلان البرتغالي الجديد أنه يأتي في وقت يتسع فيه الاعتراف الدولي بأن مبادرة الحكم الذاتي هي الإطار الأنجع والوحيد لحل النزاع في ظل الجمود الذي يطبع المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة.

كما يُعري هذا الموقف البرتغالي المتجدد، حسب مراقبين، فشلا جزائريا ذريعا لدفع بعض الدول لاتخاذ مواقف لا تتماشى مع الزخم الدولي الذي يرغب في إنهاء نزاع الصحراء تحت مبادرة الحكم الذاتي، وهو ما يجعل الجزائر اليوم أمام معطى دبلوماسي أكثر تعقيدا، ويزيد من إظهارها في موقف الدول "المعزولة".

جدير بالذكر في هذا السياق، أن الموقف البرتغالي يأتي بعد يوم فقط من إعلان جمهورية مقدونيا الشمالية دعمها لمخطط الحكم الذاتي المغربي كأساس "وحيد لتسوية نزاع الصحراء"، وقد تم التعبير عن هذا الموقف في الإعلان المشترك، الموقع من قبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة ووزير الشؤون الخارجية والتجارة الخارجية لجمهورية مقدونيا الشمالية تيمتشو موتسونسكي، وذلك قي أعقاب لقائهما اليوم الاثنين في سكوبي.

وجاء في هذا الإعلان المشترك أن موتسونسكي "جدد التأكيد على دعم بلاده طويل الأمد، للمسلسل الذي تقوده الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي، عادل ودائم ومقبول من لدن الأطراف".

وشدد الإعلان المشترك على أن "المملكة المغربية وجمهورية مقدونيا الشمالية جددتا التزامهما لفائدة ريادة الأمم المتحدة في العملية السياسية، وأعربتا عن دعمهما لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2756 ( أكتوبر 2024) الذي أكد على دور ومسؤولية الأطراف في البحث عن حل سياسي واقعي ومستدام، قائم على التوافق".

كما جدد الوزيران، من خلال هذا الإعلان المشترك، التأكيد على دعم المغرب ومقدونيا الشمالية "لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، وكذا لمهمته الرامية إلى الدفع بالعملية السياسية طبقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة".

الصحراء للمغرب.. والمصالح للجميع

منصات التواصل الاجتماعي، هي بالتأكيد فضاء يلتقي فيه الجميع، العقلاء والمعتوهون، المنصفون والحاقدون، الذين يتكلمون في ما لا يفهمون، والذين لا يتكلمون في إلا في ما يفهمون... هو بحر متلاطم ...