صادرات المغرب الفلاحية نحو إسبانيا تواصل الارتفاع وسط ترقب لما سيؤول إليه الاتفاق الزراعي بين أوروبا والمغرب في أكتوبر المقبل
سجلت صادرات المغرب الفلاحية نحو السوق الإسبانية ارتفاعا جديدا خلال الربع الأول من سنة 2025، في وقت تتصاعد فيه مخاوف المزارعين الإسبان، وترتقب الأوساط الزراعية الأوروبية ما ستؤول إليه تداعيات الحكم القضائي الصادر عن محكمة العدل الأوروبية بشأن الاتفاق الزراعي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب.
وأفاد التقرير الشهري للتجارة الخارجية، الصادر عن وزارة الاقتصاد الإسبانية، أن واردات إسبانيا من المنتجات المصنفة ضمن فئة "الأغذية والمشروبات والتبغ" القادمة من المغرب بلغت 808 ملايين أورو خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية، مقابل 689 مليون أورو في الفترة نفسها من 2024، أي بزيادة بلغت 119 مليون أورو.
وسجل التقرير أيضا، حسب ما نقلته الصحافة الإسبانية، ارتفاعا في حجم الكميات المستوردة بنسبة 16%، لتصل إلى 242,736 طنا، في مؤشر على تزايد الاعتماد الإسباني على الواردات الفلاحية المغربية، على الرغم من الاحتجاجات المتكررة التي يقودها المزارعون المحليون.
ووفق المصدر نفسه، تُعد الفواكه والخضروات المنتج الرئيسي ضمن هذه الصادرات، حيث بلغت الكميات المستوردة منها 196,295 طنا، ما يمثل 80.8% من إجمالي الواردات، في حين سجلت المنتجات السمكية القادمة من المغرب تراجعا طفيفا إلى 30,219 طنا، مقابل 31,984 طنا السنة الماضية.
وبموازاة هذا النمو، تعيش الأوساط الفلاحية الإسبانية حالة من الترقب، خصوصا في ظل القرار القضائي الصادر عن محكمة العدل الأوروبية في أكتوبر الماضي، الذي قضى بعدم شرعية الاتفاق المعدل بين الاتحاد الأوروبي والمغرب بدعوى أنه يشمل منتجات إقليم الصحراء "المتنازع عليه" ضمن الامتيازات التجارية.
وقررت المحكمة الأوروبية على إثر ذلك إلغاء الاتفاقية الزراعية بين بروكسيل والرباط، لكن بالمقابل منح المؤسسات الأوروبية مهلة انتقالية تستمر حتى 4 أكتوبر 2025 لتسوية الوضع، وهو ما جعل مخرجات هذا الملف مرهونة بما ستسفر عنه المشاورات الجارية في بروكسيل.
وفي هذا السياق، دخلت تنسيقية منظمات المزارعين ومربي الماشية في إسبانيا (COAG) على الخط، وقادت هذا الأسبوع جولة مشاورات في العاصمة الأوروبية، مطالبة بعدم اتخاذ أي قرار يضر بمصالح الفلاحين الإسبان أو يزيد من هشاشة القطاع الزراعي المحلي.
وطالب ممثلو التنسيقية، خلال لقاءاتهم مع مفوضين أوروبيين ونواب إسبان وممثلين عن الحكومة الإسبانية لدى الاتحاد، باحترام الأفضلية الأوروبية وسيادة الأمن الغذائي يجب أن يظل في صلب أي حل تتم بلورته في ملف الاتفاق مع المغرب.
وعبّرت المنظمة عن استيائها من غياب الشفافية بشأن المفاوضات، معتبرة أن الحكومة الإسبانية لم تقدم معلومات كافية حول مآل تطبيق الحكم الأوروبي، محذّرة من أن قرارات خاطئة قد تُفاقم الأزمة التي يعيشها المنتجون المحليون.
كما دعت "COAG" إلى إقرار تعويضات مباشرة للفلاحين المتضررين، وتحسين آليات الدعم الحالية، وعلى رأسها برامج المنظمات المهنية الفلاحية، للحد من آثار تدفق المنتجات المغربية على السوق الإسبانية.
ورغم هذه المطالب المتكررة، لا تظهر مؤشرات على وجود نية لدى الحكومة الإسبانية للتراجع عن سياستها التجارية الحالية مع المغرب، خاصة في ظل التزاماتها تجاه التحول الأخضر الأوروبي وتخفيف التكاليف المرتبطة بالإنتاج الداخلي.
وتُرجع مدريد هذا التوجه إلى الحاجة لتنويع سلاسل التوريد الغذائية والبحث عن شركاء تجاريين خارج المنظومة الأوروبية، وهو ما يضع المغرب في موقع مفضل، خصوصا بالنظر إلى القرب الجغرافي وجودة الإنتاج.
ومع اقتراب شهر أكتوبر المقبل، يتزايد الضغط على المؤسسات الأوروبية للحسم في مصير الاتفاق الزراعي مع المغرب، وسط تحديات متشابكة تجمع بين المواقف القانونية، والمصالح الاقتصادية، والتحولات الجيوسياسية في شمال إفريقيا.




