الآراء الواردة في مقالات الرأي تعبر عن مواقف كاتبيها وليس على الخط التحريري لمؤسسة الصحيفة

عاش الشَّعبُ وعاش الحُكْمْ

أسامة بوكرين
الخميس 7 نونبر 2019 - 8:22

ان الحياة مُرهِقة تماما كما الحُكْم، والشعب مرهَقٌ تماما كما الحاكِم، والأمر لا يعدو أن يكون تبادلا للأدوار في الإحساس بالإرهاق، طيلة التسع سنوات الأخيرة، كان الحكم مرهقا بشدة، يعاني من ويلات جيل لم يعد يشعر بالرعب .

وقبل ذلك بسنوات، كان الشعب مرهقا، يعاني أيضا من ويلات لامست قدرته الشرائية وحريته في التعبير، والمساحة الاقتصادية التي كان يلعب فيها كي يكسب قوت يومه، اليوم عادت الآية لمكانها، وبعد ان استقر الحكم على راحته، وامتلأ الشعب شغفا في أن يقول "لا" مرة أخرى، وبطريقة أخرى، وهذا ما عبر عنه المغاربة في تفاعلهم مع أغنية "عاش الشعب" .

الشعب ليس بنقيض للحُكم والحكم هو أساس الشعب ووليدُه، فمن يحكمنا جزء لا يتجزء منا، من عاداتنا، وتقاليدنا، وسلوكاتنا، بل وحتى طريقة تفكرينا، وهذا واضح، فلا يمكن أبدا ان تفصل الشعب عن سلطته، ولا أن تفصل السلطة عن الشعب الذي هي نتيجته .

ان السلطة في هذا البلد، كانت في حاجة لمتنفس بعد أن خرَّت قِواها وهي تواجه عراقيل كبرى لاقت الدولة منذ انتفاضة العشرين من فبراير، أعدنا بناء الدولة وفق معايير حتى ولو اختلفنا عليها، الا أنه لا يمكن ان نقول أنها لم تستلزم جهدا كبيرا من جميع مكونات الحكم .

أما الشعب، فهو الأخر، انكسر وانذل وانهزم في هذه الفترة التي تمت فيها اعادة احياء معالم الدولة الجديد وفق منظور الجهة التي تحكم، ومع كل خطوة كانت تتخذها الحكومة، أو بالأحرى تدبرها الحكومة وتعرضها على الشعب، كان هذا الأخير، يزيد سخطه قليلا بقليل .

وما عبر عنه المغاربة، في محطات عديدة في السنوات الاخيرة، هو ردة فعل في نفس المستوى الثقافي والأخلاقي لممارسات المخزن الحاكم، فأن يهاجم رمز من رموز الدولة لوجوده في ملهى ليلي، ذلك تماما مثل ان يتم اعتقال مناضل معارض لوجوده مع خليلته داخل غرفة النوم، الأمر سيان، وردة فعل الشعب من جنس عمل الدولة، وعمل الدولة من جنس محرمات الشعب الخرافية .

ماوفي الأمر ان الشعب المغربي غارق في التفاهة، والدولة ليست وحدها المسؤولة، كما أن الدولة غارقة في القرف والفساد، والشعب ليس مسؤولا عن كل ذلك، بل المسؤولية مشتركة، وإن زحزحنا جلها الى كفة على حساب الاخرى، لن نجد يوما طريقا الى التطور والديمقراطية .

السلطة تصنع لنا شعبا سودويا غارقا في المآسي والفضائح، والشعب يعطينا نماذح في السلطة كل همها ان تستفيد من الريع كي لا تعود الى مصاف الطبقات الشعبية مرة اخرى، وهذا مخيف، بل ويثير أحيانا نوعا من التساؤل، إلى أين نسير ؟

سؤال يمكن الاجابة عنه فلسفيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، بدراسات وأبحاث وندوات، لكن الأهم من كل هذا، هو أن نعلم أين يسير المغاربة في علاقتهم بالسلطة، وأين يسير الحكم في علاقته بالشعب .

أن يعيش الشعب، ويعيش الحكم، هذا ما قد يريده المرء في بلد آمن ومستقر مثل المغرب، لكن أيضا، لا يمكن الحديث عن العيش بمعناه الطبيعي، بل أن يعيش كل طرف في اطار صلاحياته وواجباته . أن يكون الحكم حكما يعيش على راحة شعبه، وأن يكون الشعب شعبا يحيي في الحكم روحه الحقيقي القائم على العدل، لذا كما قالوا عاش الشعب، نقول أيضا عاش الحُكْمْ، والأكبر من هذا، عاش المغرب
.

هل يستحق تنظيم 30 مباراة في كأس العالم 2030 صرف 7 ملايير دولار؟

وفق تقرير صدر عن "صوجي كابيتال جستيون" (Soge Capital Gestion)، وهي شركة إدارة الأصول التابعة لبنك "الشركة العامة" المغربي، تحتاج المملكة إلى استثمارات تفوق 5 مليارات دولار من أجل تهييء بنيتها التحتية، من ملاعب وطرق ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...