فاطمة الزهراء عمور: لغة وزارة السياحة.. العربية أولا، الأمازيغية في المسار واللغات الأجنبية للترويج والتواصل مع الأجانب فقط
قالت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، إن وزارتها حريصة على جعل اللغة العربية هي اللغة الرئيسية المعتمدة في تحرير المراسلات الإدارية، مع المضي في إدماج تدريجي للغة الأمازيغية داخل وثائق ومرافق القطاع، في احترام لمقتضيات الدستور والقانون التنظيمي المتعلق بتفعيل طابعها الرسمي، مشيرة في المقابل إلى أن اللغات الأجنبية لا يُلجأ إليها إلا في نطاق محدود يقتضيه التواصل مع الشركاء الدوليين أو الرد على مراسلات بلغات أجنبية، أو في إطار الترويج السياحي الموجه للأسواق العالمية.
الوزيرة عمور، وفي تفاعل كتابي مع سؤال برلماني يتعلق بحماية اللغتين الرسميتين للمملكة، وجهه لها المستشار خالد السطي عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أكدت التزام الوزارة بتفعيل الطابع الرسمي للغتين العربية والامازيغية داخل القطاع، كاشفة عن جملة من التدابير المتخذة، والمراحل التي يجري اعتمادها لتنزيل هذا الورش الدستوري، مع استحضار طبيعة الخصوصية التي يفرضها القطاع السياحي، من حيث حاجياته اللغوية المتعددة وارتباطه المباشر بالتواصل الدولي.
وأكدت الوزيرة أنها واعية بأهمية البعد الدستوري الذي تحظى به اللغتان الرسميتان، ومتمسكة بتفعيل مقتضيات الفصل الخامس من دستور المملكة، الذي نص بشكل صريح على كون العربية والامازيغية لغتين رسميتين للدولة، يتعين حمايتهما والنهوض بهما وتطوير استعمالهما، وتفعيل مقتضيات هذا الفصل وفق ما جاء في القانونين التنظيميين المؤطرين لهذا الورش، لا سيما القانون 26.16 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية.
وأوضحت الوزيرة أن وزارتها تعتمد في المرحلة الراهنة على اللغة العربية كلغة رئيسية في تحرير المراسلات الإدارية الداخلية والخارجية، كما شرعت في التنسيق مع الجهات المختصة قصد أجرأة مضامين القانون التنظيمي المشار إليه، وذلك من خلال العمل على إدماج تدريجي للغة الأمازيغية داخل وثائق ومرافق الوزارة، انسجاما مع المقاربة التدرجية التي نص عليها التشريع، ومع مراعاة الامكانات البشرية والتقنية المتوفرة، بما في ذلك الموارد المؤهلة لتأمين هذا الانتقال اللغوي.
أما في ما يتعلق باستخدام اللغات الأجنبية، فقد أكد جواب المسؤولة الحكومية أن الأمر يظل محدودا في حالات خاصة فقط، خصوصا في ما يتصل بالتواصل مع الشركاء الأجانب، أو الرد على المراسلات التي ترد إلى الوزارة بلغات غير رسمية، أو في ما يتعلق بأنشطة التسويق والترويج السياحي الموجهة إلى الأسواق الدولية، وهي حالات ترى الوزارة أنها تقتضي استعمال لغات متعددة لتسهيل التفاعل مع المستثمرين والسياح القادمين من مختلف الجنسيات.
واعتبرت الوزيرة أن هذا الاستعمال لا يتعارض مع الالتزام الدستوري تجاه اللغتين الرسميتين، بل يندرج في إطار الضرورة الوظيفية التي يفرضها البعد الدولي للقطاع، مع التذكير بأن اللغة العربية تظل معتمدة بشكل أساسي في تدبير شؤون الوزارة، والتواصل مع باقي القطاعات الوطنية والمؤسسات العمومية.
وأكدت على انفتاح وزارتها على كل المبادرات الهادفة إلى تعزيز حضور اللغتين الرسميتين في الفضاء المؤسساتي، وعلى التزامها بمواصلة التنسيق مع مختلف الفاعلين المعنيين لضمان تنزيل أمثل لهذا الورش الوطني، بما ينسجم مع الرؤية الدستورية ويستجيب لتطلعات المواطنين في الإنصاف اللغوي والعدالة الثقافية.
وبالرجوع إلى المعطيات الميدانية، تفيد الوثائق المتاحة بأن وزارة السياحة كانت قد أبرمت اتفاقية شراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، تروم إدماج اللغة الامازيغية في خدمات الاستقبال والإرشاد بالمرافق التابعة لها، كما تم إطلاق ورشات تكوين لفائدة الأطر العاملة بالمندوبيات الجهوية من أجل تعزيز كفاءاتها في التواصل بالامازيغية، خصوصا في الجهات ذات الحضور الوازن لهذه اللغة.
وقد رافق هذه الخطوات شروع الوزارة في إدراج اللوحات التوجيهية واللافتات باللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية في عدد من المؤسسات التابعة لها، إلى جانب إعداد مضامين رقمية وسياحية تستحضر البعد اللغوي والثقافي الأمازيغي، في إطار استراتيجية الترويج المتعدد للوجهة المغربية.
وإذا كانت اللغة العربية تستفيد من حضور رسمي واضح داخل وثائق الوزارة وتواصلها المؤسساتي، فإن إدماج الأمازيغية لا يزال يتم بطريقة تدريجية وفق جدولة زمنية تستند إلى ما نص عليه القانون التنظيمي، والذي منح آجالا تمتد من خمس إلى خمس عشرة سنة بحسب المجالات، من أجل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بشكل كامل في مختلف القطاعات وتفيد بعض التقارير أن الوزارة تسعى إلى توسيع نطاق استعمال الامازيغية ليشمل أيضا التطبيقات الرقمية السياحية، والدلائل الموجهة للزوار المحليين، وحملات التوعية الداخلية، غير أن هذا المسار لا يزال في مراحله الأولى.
وفي ما يتعلق باستعمال اللغات الأجنبية، فإن المعطيات الرسمية للمكتب الوطني المغربي للسياحة تؤكد أن الأسواق المستهدفة في السنوات الأخيرة تشمل بالأساس فرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة وألمانيا والولايات المتحدة، وهو ما يفسر الحاجة إلى توفير محتوى تواصلي بهذه اللغات، سواء في المواد الترويجية أو على مستوى التواصل المباشر في المعارض الدولية، ومع الفاعلين في قطاع السفر والسياحة الخارجية، وهي حاجة تُستثمر أيضا في إنتاج مواد تعريفية رقمية ومطبوعة تتوجه إلى جمهور متعدد الجنسيات، دون أن يتعارض ذلك مع الالتزامات اللغوية الوطنية.
في ضوء ذلك، يعكس جواب وزارة السياحة توجها عاما نحو التوفيق بين متطلبات الهوية اللغوية للمؤسسات ومستلزمات الانفتاح الدولي للقطاع، من خلال المحافظة على اللغة العربية كلغة رئيسية للمراسلات، والانخراط التدريجي في إدماج الأمازيغية وفق ما يتيحه القانون، مع استعمال اللغات الأجنبية حين تفرضها طبيعة التفاعل الدولي.




