في الدبلوماسية والطاقة والسياحة.. هذه أرباح وخسائر المغرب من الحرب الروسية على أوكرانيا

 في الدبلوماسية والطاقة والسياحة.. هذه أرباح وخسائر المغرب من الحرب الروسية على أوكرانيا
الصحيفة – حمزة المتيوي
السبت 12 مارس 2022 - 21:44

كثيرة هي الضرائب التي وجد المغرب نفسه مجبرا على تحملها جراء الأزمة التي أحدثتها الحرب الروسية على أوكرانيا، إذ بين عشية وضحاها وجدت المملكة نفسها مجبرة على إيجاد حل لأفواج الطلبة المغاربة الذين اضطروا إلى ترك جامعاتهم ثم أصبحت ملزمة بالتعامل مع مشكلة ارتفاع أسعار المحروقات ووقف صادرات القمح والشعير وما يلي ذلك من انعكاسات اجتماعية على المواطنين.

لكن كل ذلك قد لا يكون إلا النصف الفارغ من الكأس، لأن هذه الأزمة فتحت أمام المغرب سبلا عديدة للاستفادة منها سياسيا واقتصاديا إن هو أحسن التعامل مع العديد من الفرص التي قد تجعله البديل الأقرب للاتحاد الأوروبي من جهة ولروسيا من جهة أخرى، وكل ذلك منوط بمدى إتقان الرباط للغتي الدبلوماسية والمال.

البداية.. مكسب دبلوماسي

ويبدو أن أول مكسب حققه المغرب في ظل هذه الأزمة كان سياسيا، فالمملكة فاجأت المتتبعين للشأن الدولي الذين توقعوا أن تكون تلقائيا جزءا من التحالف الغربي الذي حرك قرار إدانة الحرب على أوكرانيا داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي طالب موسكو بسحب جيشها بشكل فوري من البلاد، لكن غياب ممثل المغرب عن جلسة التصويت أكد أن منطق "التبعية" للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية غاب بدوره وعوضه منطق "المَصلحة".

وظهرَ أن المغرب لا يرغب في تحمل تكلفة مواقف مجانية، إذ بالنسبة له كانت الفكرتان الأساسيتان اللتان يدافع عنهما أمام العالم هما رفض اللجوء للقوة واحترام الوحدة الترابية للدول، وهو ما عبر عنه بالفعل بلاغ لوزارة الخارجية، أما في بقية الأمور فإن المنطق المغربي كان أقرب إلى المعاملة بالمثل، لأن أوكرانيا ودول الاتحاد الأوروبي لا تختلف عن روسيا في رفض حسم موقفها من ملف الصحراء ولم تقدم للرباط دعما صريحا لمبادرة الحكم الذاتي حتى يقدم لها دعما مُطلقا ضد الخطوة الروسية.

وأتت هذه الخطوة بأكلها على المستوى الدبلوماسي حتى الآن، فالسفير الروسي في الرباط، فاليريان شوفاييف، أشاد باحتفاظ المغرب بعلاقات جدية مع بلاده ومع أوكرانيا في آن واحد، وفي خطوة رمزية أعلن انسحاب السفارة من "الرالي الدبلوماسي" حرصا على "جهود أصدقائنا المغاربة" على حد تعبيره في ظل عدم رغبة السفراء الغربيين في مشاركته، لكن، وفي المقابل، لم تخسر المملكة تحالفها مع واشنطن، وهو ما ظهر خلال زيارة نائبة وزير الخارجية، ويندي شيرمان، للعاصمة المغربية، حيث جددت دعم بلادها لمقترح الحكم الذاتي كحل لملف الصحراء.

إحياء خط نيجيريا المغرب

لكن الفائدة الدبلوماسية قد لا تكون الشيء الوحيد الذي يمكن أن يكسبه المغرب من الأزمة الروسية الأوكرانية، ففي الوقت الذي تعاني فيه المملكة على غرار باقي دول العالم من غلاء أسعار الطاقة نتيجة تبعات الحرب، وفي الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا إقبار مشروع خط أنابيب الغاز القادم من روسيا إلى غرب القارة الأوروبية، بشكل مؤقت على أقل تقدير، تبزغ مجددا شمس مشروع خط الغاز نيجيريا المغرب، كبديل منطقي بحكم الجغرافيا وحجم التدفقات المتوقعة.

وأصبح هذا الخط من بين الحلول المطروحة على طاولة الاتحاد الأوروبي، الذي وجد نفسه أمام ضرورة ملحة للتخلص من التبعية الطاقية لروسيا، في ظل أن العديد من البدائل تبدو صعبة ومكلفة بما في ذلك التوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية أو دول الخليج، بل إن غاز النرويج، الدولة المنتمية للاتحاد الأوروبي، قد لا يكون بدوره الحل الأمثل ليس فقط لأن المغرب أقرب جغرافيا لدول جنوب القارة ذات الكثافة السكانية العالية وبالتالي الطلب المرتفع، بل أيضا لأن النرويج حاليا لا توفر سوى 17,53 في المائة من الغاز الذي تحتاجه دول الاتحاد، مقابل احتكار روسيا لنسبة 44,48 في المائة.

ويصل إلى الاتحاد الأوروبي من روسيا سنويا ما بين 150 و190 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وهو ما يُبرز أهمية الاعتماد على الخط النيجيري المغربي مستقبلا لتغطية هذه الحاجيات بشكل جزئي، فالأمر يتعلق بقدرة إنتاجية سنويا تبلغ 40 مليار متر مكعب سيمر جزء منها إلى دول غرب إفريقيا لضمان أمنها الطاقي، أما الحصة الأكبر فستُصدر إلى أوروبا عبر خط يصل طوله الإجمالي إلى 5660 كيلومترا ينتهي قاريا في المغرب ليصل منه إلى إسبانيا، إحدى أكثر الدول تضررا من الوضع الحالي.

نحو الهيدروجين الأخضر

ومن ناحية أخرى، تفتح الأزمة الروسية الأوكرانية الباب على مصراعيه أمام المغرب من أجل الاستفادة من العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو، إذ بالإضافة إلى إمكانية تقديم نفسها كبديل أول لروسيا في مجال صادرات الفوسفات، وهو الاحتمال الذي تطرقت إليه "الصحيفة" سابقا في تقرير مُفصل، يمكن أن يُحيي الوضع الحالي مشروعا استراتيجيا للطاقة النظيفة بين المغرب وألمانيا والذي كان قد دخل مرحلة السبات، ويتعلق الأمر بمشروع الهيدروجين الأخضر.

ويبدو الوقت الحالي ملائما لإعادة بعث هذا المشروع الذي يعد بتزويد العالم بما يصل إلى 4 في المائة من حاجياته من الطاقة المتجددة، فهو يأتي بعد عودة الدفء إلى العلاقات المغربية الألمانية بعد الأزمة الدبلوماسية التي بلغت حد القطيعة في ماي الماضي، ثم أنه يأتي أيضا في الوقت الذي تبحث فيه برلين عن بدائل قصيرة وبعيدة الأمد في ظل قرارها وقف الترخيص لخط "نورد ستريم 2"، وقد تكون العودة للاتفاق الموقع سنة 2020.

وحسب أرقام وزارة التنمية والتعاون الدولي الألمانية، فإن هذا المشروع سيُلبي 25 في المائة من حاجيات البلاد للطاقة المتجددة، وهو ما دفع برلين في عهد المستشار السابقة أنجيلا ميركل، إلى إعلان استثمار بـ325 مليون يورو من أجل تحويل المملكة إلى أكبر مصدر للهيدروجين الأخضر عالميا، خاصة وأن الألمانية يتوقعون أن يرتفع استهلاكهم للكهرباء خلال الفترة ما بين 2018 و2050 بنسبة 60 في المائة، وكان المشروع يهدف إلى استباق الارتفاع الكبير في الاستهلاك المتوقع سنة 2030، لكنه حاليا يبدو ضروريا خلال مدة أبكر من ذلك بكثير.

أرباح في السياحة والطيران

وإلى جانب ذلك، بدأ المغربي يتلمس بعض ثمار خياره الدبلوماسي في هذه الأزمة، ففي الوقت الذي تلقت طموحاته لأن يُصبح أول شريك تجاري إفريقي لروسيا ضربة قوية بسبب العقوبات التي طالت هذا البلد، فإن هذه العقوبات نفسها فتحت أمامه نافذة أخرى ليكون شريكا لموسكو في عدة مجالات، والظاهر منها حتى الآن ما يرتبط بالسياحة والنقل الجوي.

وخلال الأسبوع الجاري تحدث الممثل التجاري لروسيا في المغرب، رتيم تسينامدزغفريشفيلي، قد تحدث لوكالة الأنباء الرسمية لبلاده "سبوتنيك"، ليعلن أن المغرب هو الشريك التجاري الإفريقي الأهم لبلاده سنة 2021 بنسبة مبادلات وصلت إلى 1,6 مليار دولار، بارتفاع وصل إلى 42 في المائة، لكن الأهم هو إعلانه توجيه مؤسسات رسمية لبلاده دعوات للمواطنين الروس والمؤسسات التجارية في البلاد لاتخاذ المغرب وجهة سياحية بديلة عن أوروبا في ظل الوضع الحالي.

ومن ناحية أخرى، أعلن المسؤول الروسي نفسه أن النقل الجوي المباشر بين المغرب وروسيا سيتعزز بخطين جديدين، وهو الأمر الذي تزامن مع حديث الإعلام الروسي عن اختيار المطارات المغربية كنقط توقف في رحلاتها الطويلة غربا بعد قرار دول الاتحاد الأوروبي إغلاق مجالاتها الجوية أمام الرحلات الروسية، وقد بدأ العمل بذلك فعليا وفق ما تؤكده مواقع وتطبيقات النقل الطيران الدولية، التي تُظهر أن الطائرات الروسية أصبحت تتوقف في المملكة قبل مواصلة مسارها نحو دول أمريكا الجنوبية والكاريبي. 

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...