"كُورُونَا": دُروسٌ وأولَوِيّاتٌ مَغربية!

 "كُورُونَا": دُروسٌ وأولَوِيّاتٌ مَغربية!
أحمد إفزارن
الأحد 5 أبريل 2020 - 16:27

دَردَشةٌ مع خبيرٍ مَغرِبي عالَمِي، أفضَت إلى إنتاجِ ما يلي:

- قراراتٌ استِباقيةٌ في بلادِنا!
المغربُ سبّاق إلى إجراءاتٍ عَمليّة.. قراراتٌ مُهمّة اتّخذَها مَلِكُ المغرب، لإنقاذِ البلادِ من التّداعياتِ السّلبيةِ لفيرُوس "كُورُونَا"..
إجراءاتٌ منها: حالةُ الطّوارئ الصّحية، تَقيِيدُ الحرَكةِ في البلاد، تعليقُ الرّحلاتِ الجوّية والبَحريّة، صُندوقٌ مالِي لمُواجَهةِ "كُورُونَا"، لجنةُ اليَقظةِ الاقتِصاديّة...
وتَمّت تعبئةُ الأمنِ والصحّة والنظافةِ للعَملِ الميداني..
لقد أخذَ المغربُ هذه الجائحةَ مَأخَذَ الجدّ، وتَفاعلَ معها المُجتمَع..
ولم يتَطوّر الفيرُوسُ بالسّرعة التي حَدَثَت في دولٍ أخرى كثيرة..
وما زال المغربُ في حالةِ تعبِئةٍ استِباقيّة..

أحمد إفزارن

وفي مُجتمَعِنا من لا يَستَبعِدُون أن تمتَدّ الطوارئُ الصحّيّة إلى وقتٍ لاحِق، رُبّما الصّيف، نظرًا لكونِ الفيرُوسِ لم يَكشِف عن كلّ الإصابات.. فقد يكونُ عندَنا من يَجهَلون أنهُم مُصابُون، ومع ذلك يستطيعون تسريبَ الفَيرُوسِ إلى غيرِهم.. ومن بابِ الحيطةِ والحذَر، يُمكنُ تمديدُ مُدّةِ الطّوارئ الصّحية إلى حينِ التأكّدِ من نهايةٍ تامّة لجُرثومةِ "كُورُونَا"..
وتبقَى الوقايةُ خيرًا من العلاج..
و"المُجتمعُ المَدَني" نفسُه، وبقيةُ المَسؤولين الأمنيّين والصحّيّين، في حالةِ تعبئةٍ مُتواصِلة، لتَوعيةِ من يَحتاجُون إلى توعيّة، بأن يُلازمُوا - هُم أيضًا - مَنازلَهُم، ولا يُغادِرُوها إلاّ لضرُورةٍ قُصوَى: التّطبِيب، التّغذيّة، العمَل...

- وفي هذا الظّرف العَصِيب، لا نَنسَى أولويّاتٍ أخرى، علينا أن نُركّز عليها، تماشيّا مع الرؤيةِ الاستِباقيّة المغربيّة:

1- بلادُنا في حالةِ حربٍ مفتُوحةٍ على فَيرُوسٍ يُشكلُ خطرا على الجِنسِ البَشرِي، فإمّا القضاءُ عليه، أو جميعُنا في خَطر..
وعلينا أن نعملَ - كلٌّ في إطار مَسؤوليتِه - على إنتاجِ الاكتفاءِ الذّاتي من الموادّ الطبّية، تحسّبًا لأيّ طارئ.. ونستَطيعُ إنتاجَ كل الأدوات التي يحتاجُها الطّبيبُ في عمَلِه اليوم، وهذه ليست مُكلّفة.. ومنها التّنظيفية، والتّعقيمية، واللباسية، وغيرِها...
ويُمكنُ لشبابِنا المُهندسين أن يُنتِجُوا مشاريعَ طِبّيّة، ويُقدّمُوها في برنامجِ التّنمية..
وعلى الدولة أن تُعطِي الأسبقيّة لهذه المشاريع الطبية..
والهدف: هو أن يكون لبلادِنا الاكتفاءُ الذاتي من الأدواتِ الطبّية، والفائضُ يتمّ تصديرُه إلى الخارج..

2- نفسُ الهدَف السابق، وهذا يتَعلّقُ بالتّغذية: اكتفاءٌ ذاتي، والباقي للتّصدير.. وهذا الجانبُ الغذائي هو أيضا من المشاريع ذاتِ الأولوية، خاصةً وأننا بلدٌ في أصلِه زراعي فِلاحي..
ويجبُ أن نُعيد الاعتبار للاستراتيجيّة الفلاحية والزراعية والغابوية والمائية والبحرية.. والتّنمية القرَويّة.. وهُنا أيضا:  الاكتفاءُ الذّاتي، والفائضُ يتمّ تصديرُه إلى الخارج...

3 - الأولَويةُ لمن يَستَحقّها.. وفي الأوقاتِ الصّعبة يُعرَفُ من يَستحقّ، لأنه يُحافِظُ على استِمرايّة الحياة.. وفي هذه الفئةِ أيضا نساءٌ ورجال، بلا فرق: ضرورةُ العنايةِ الخاصة بعُلماءِ العلُوم، والأطبّاءِ والمُمرّضِين، والأساتذة، والأمنيّين، والجيش، والدرك، والوقاية المدنيّة، والنّظافة.. هؤلاء أعمدةٌ لتوازُناتِ البلد.. وحمايةٌ لاستقرار البلد.. ونظافةِ وصحةِ البلَد..
حُماةٌ لكل المُجتمع..
إنهم العمودُ الفِقري لدولةِ الوطنِ والمُواطن..
وبنظرةٍ تَسَلسُليّة، نرَى العالِمَ يُنتجُ الدّواء، والطبيبَ يكتُب الدواء، ويقومُ بالعلاجِ والتّشخيصِ والجراحة، وإلى جانبه المُمرّض.. وهذا إلى جانبِ المريضِ طيلةَ اليوم، من أجل عنايةٍ صحّية.. وإلى هؤلاء، نجدُ طاقمَ الوقايةِ المدَنيّة، والإسعافَ الطبّي، لنقلِ المريضِ إلى المستشفى..
والأستاذُ يُدَرّسُ كلَّ هؤلاء..
وجميعُهم يستأهلُون التّقديرَ والاحترام..

4 - الهواءُ النقيّ ضروريّ للصحةِ الوطنية.. نستَنشقُه بدُون مُقابل.. وفي الظروف الراهنة، اتّضحَ أن التّنفّس الاصطناعي يُكلّف في أوربا 500 أُورُو، على الأقلّ، لليومِ الواحد..
وعلينا بإيلاءِ البيئةِ الطبيعيّة ما هي أهلٌ لها.. وبفضلِها نَنعَمُ بالهواءِ النّقيّ..
وقد تبيّنَ أن "طبقة الأوزون"، وبفضل "كُورُونَا"، بدأت تَستعيدُ عافيتَها.. وهذا خبرٌ سارّ للبَشرِ والكُرة الأرضية.. ولا يجُوزُ العودة إلى التلوّث الصناعي.. لا بُدّ من غربلةٍ لدُخّانِ المصانع.. وغيرُ مقبولٍ أيُّ استعمالٍ عشوائي لوسائل النقل..
  - الأولويةُ للبيئة الطبيعية، وللطّاقةِ البديلة..

5 - النظافةٌ هي الأخرى ضروريةٌ وأساسية.. وهذا دورُ الجماعات المحلية.. وعليها واجبُ الحرصِ على نظافة الشوارع، والمدينة، والمَداشرِ والبوادي..
تحيّة إلى عُمّالِ النّظافة.. يبذلُون مجهودًا جبّارًا، وبلا حقُوق.. يتقاضون أجورًا زهيدة.. وتقاعُدا ضعيفا جدا.. جدا..
وهذه أيضا من دُروس "كُورُونَا"..

6 - ومن أبطالِ الكفاحِ ضدّ "كُورُونَا" نجدُ الجُمرُكي النّزيه..
يتمَكّن من القضاء على التّهريب، بكُلّ أنواعه وأشكاله..
"كُورُونَا" ألزَمت النقلَ الجوّي والبحري والبرّي بعَدمِ الدّخول من دولةٍ إلى أخرى..
وأمام إغلاقِ الحُدُود، لم يعُد للمُهرّبين أيُّ مَنفَذٍ إلى الخارج..
والنتيجة: الأموالُ التي كان يُمكنُ أن تُهرّب، ما زالت في البلد.. والفضلُ يعودُ إلى "كُورُونَا" التي رغمَ مَخاطرِها قضَت على أباطرةِ التّهريب..

7 - ومن مَنافعِ "كُورُونَا": جمعُ أفرادِ العائلة..
الأبُ يقضي يومَه خارجَ البيت، وقد لا يرى أبناءَه إلاّ في المساء، أو عند الفُطور في الصباح..
"كُورُونَا" جمَعت شملَ العائلة، من جديد..
وأصبحت جلساتُ الأسرة ذاتَ طَعمٍ خاص.. الأسرةُ تتكلم.. تتناقش.. تبحثُ جماعةً عن حلول.. وتَبتسمُ وتَضحك..
ورغمَ الفيروس، يتحوّل الجوّ العائلي إلى تشارُك.. وتخفيفٍ من أهوالِ الجراثيم..
وتُخيّمُ الحياةُ على جوّ عائلي مُنشرِح..

8 - "كُورُونَا" لها مساوئ.. ومن مَساوئِها ما يُتوَقّع حتى عندنا: أمراضٌ نفسيّةٌ سوف تظهرُ في وقتِ "ما بعدَ كُورُونَا" على الصعيدِ العالمي..
وعلى الدولة أن تَعملَ لإعداد طاقمٍ من الأطبّاءِ النّفسانيّين، وخُبراءِ العلاجِ النّفسي..
إن أكثرَ من نصفِ مُجتمَعِنا يعاني أمراضًا عقليةً ونفسية وعصَبيّة.. وعندما تنتهي "كُورُونَا"، سنجدُ في طريقِنا أمراضًا نفسيةً هي تراكُمٌ لِمَا عندَنا، ومَا سيأتي، والعلاج يتطلّب بِنيةً تَحتيّة وكفاءاتٍ وأدوية، لمُعالجةِ مُجتمَعٍ بحاجةٍ إلى توازُن نفسي...
وهذا ليس حالَنا وحدَنا..
هذا حالُ كلّ العالَم..

9 - بلادُنا وَرِثَت من الماضي تقاليدَ وعاداتٍ ليست كلُّها سليمة.. وعلينا بيَقظَة وطنيةٍ واجتماعيةٍ وإدارية، في مُراجعةٍ شاملةٍ لسُلوكاتٍ ليست كلُّها في المُستوى المطلوب..
يَقظةٌ لمواجهة مرحلة ما بعد "كُورُونَا"، من أجل  إعدادِ ناشئةٍ هي بحاجةٍ إلى تربيةٍ وتكوين، وبناءِ دولةِ الحقوق والواجبات، وأيضا مؤسّسات تسهرَ على تعليمٍ جيّد، وصحّةٍ جيّدة، وعدالةٍ عادِلة..
يَقظةٌ تبنِي دولةَ المؤسّسات.. بتعليمٍ عموميّ واحِد، وصحّةٍ عموميّةٍ واحدة..
وعندَما يَمرضُ مغربيّ، مهما كان شأنُه، يُعالَجُ هُنا، داخلَ البلد، وفي المُستَشفَى المَغرِبي..
وهكذا يكُون الاعتِبارُ للمُؤسّساتِ العمُومية، ومنها المدرسة، والمُستشفَى..
وكلّ المُواطنين، عندنا، يُعالَجون في المُستشفَى المَغربي، ويتَعلّمون في المَدرسة المغربية..
وبهذا تكونُ "كُورُونَا" قد وحّدَتنا في التّكوينِ والعِلاج..
وعندئذٍ كُلُّنا سواسية..
وأمامَ هذا "الكُورُونَا"، لا فرقَ بين الدّول، وبين البَشر..
"كُورُونَا" تُوحّدُنا.. وتُوَحّدُ العالَم..
- وعلينا بأخذِ العِبرةِ ممّا وقَع.. وما يَقَع!

[email protected]

هناك ما هو أهم من "ذباب الجزائر"!

لم تكن العلاقة بين المغرب والجزائر ممزقة كما هو حالها اليوم. عداء النظام الجزائري لكل ما هو مغربي وصل مداه. رئيس الدولة كلما أُتيحت له فرصة الحديث أمام وسائل الإعلام ...

استطلاع رأي

في رأيك، من هو أسوأ رئيس حكومة مغربية خلال السنوات الخمس والعشرين من حكم الملك محمد السادس؟

Loading...