لتفادي تغذية أي "حرب بَاردة" مع الجزائر.. المغرب يوضح طبيعة القاعدة العسكرية بجرادة

 لتفادي تغذية أي "حرب بَاردة" مع الجزائر.. المغرب يوضح طبيعة القاعدة  العسكرية بجرادة
الصحيفة – حمزة المتيوي
الأحد 31 ماي 2020 - 13:23

اختار المغرب مرة أخرى نزع فتيل "سوء الفهم" مع الجزائر مبكرا، وهذه المرة في قضية القاعدة العسكرية التي يخطط لبنائها بإقليم جرادة غير بعيد عن الحدود المغربية الجزائرية، إذ أعلنت القوات المسلحة الملكية عبر "مصدر عسكري" أن الأمر يتعلق ببنايات سكنية خاصة بالجنود وليس بمنشأة مُعدة للعمليات العسكرية الميدانية.

وفي الوقت الذي بدأ فيه الحديث عبر الإعلام الجزائري عن أن هذه الخطوة "استفزازية وعدائية"، اختار المغرب مجددا، وإن بشكل غير رسمي وعبر منابر إعلامية وطنية، نزع "الطابع العدائي" عن قراراته حتى وإن كان الأمر يتعلق بقضايا استراتيجية داخلية، وهو الأمر الذي سبق أن انتهجه مرارا، وخاصة عندما يتعلق الأمر بشأن عسكري أو موقف دبلوماسي.

قاعدة مثيرة للجدل

وكانت "الصحيفة" قد كشفت بتاريخ 23 ماي الجاري، أن المغرب يستعد لإنشاء قاعدة عسكرية بإقليم جرادة وتحديدا بغابة "بني يعلى" بجماعة العوينات التي تبعد عن الجزائر بـ53 كيلومترا، وهو الأمر الذي أكده المرسوم الصادر عن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 21 ماي 2020، والقاضي بفصل القطعة الأرضية المحددة للمشروع البالغة مساحتها أكثر من 23 هكتارا والتابعة للملك الغابوي، وضمها إلى ملك الدولة الخاص تحت بند المنفعة العامة.

وعقب ذلك تساءلت وسائل إعلام جزائرية عن سر قيام المغرب بهذه الخطوة، بل إن بعض تقاريرها لمحت إلى أن المملكة "تُعد العدة لأعمال عسكرية"، لتخرج القوات المسلحة الملكية بتوضيح غير رسمي ينفي صبغة الأعمال الحربية عن هذه القاعدة، مبرزا أن الأمر يتعلق بإعادة نشر وحدات من الجيش المغربي، حيث سيتم ترحيلها من قواعد وحاميات موجودة داخل الوسط الحضري إلى مناطق أخرى خارجه.

ليست المرة الأولى

لكن هذه ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها الجيش المغربي لتوضيح معطيات خاصة بأنشطته، ففي 7 أبريل من سنة 2019 بدأت مناورات للقوات المسلحة بمناطق "جبل صغرو" و"فم زكيد" و"تاغونيت" القريبة من الحدود الجزائرية جرت خلالها الاستعانة بدبابات ومقاتلات برية إلى جانب طائرات حربية، وكانت هذه العملية هي الأكبر من نوعها في تاريخ الجيش المغربي، وهو الأمر الذي أثار قلقا جزائريا دفع بعض التقارير الإعلامية إلى الحديث عن "استعداد المغرب لحرب الرمال الثانية".

ورغم أن الجيش المغربي لم ينف علاقة هذه المناورات بحرب الرمال التي جرت سنة 1963، ولم يُخف أن لاختيار تلك المنطقة دلالات رمزية لكونها قد شهدت انتصارا عسكريا مغربيا على الجيش الجزائري، إلا أن "مصدرا عسكريا" نفى لوسائل إعلام مغربية حينها أن يكون للأمر علاقة بـ"عمليات استفزازية" أو رغبة في "استغلال الأوضاع القائمة في الجزائر" في إشارة إلى الحراك الذي كان قد بلغ ذروته خلال تلك الفترة.

في الدبلوماسية أيضا

وحتى على الصعيد السياسي، يمكن الانتباه بسهولة إلى أن المغرب يلجأ بسرعة إلى محاولة نزع مواقف وتصريحات قد تصنف في خانة "استفزاز الجزائر"، وهو ما يتضح بجلاء من خلال الرجوع إلى الموقف الصادر عن وزارة الخارجية شهر أكتوبر الماضي، إثر تصريحات صلاح الدين مزوار، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب حول الأوضاع السياسية في الجزائر، وحينها وصف بلاغ رسمي كلامه بـ"غير المسؤول والأرعن والمتهور"، ما اضطره إلى الاستقالة من منصبه.

وبالرجوع إلى كلام مزوار، الذي كان وزيرا للخارجية قبل الوزير الحالي ناصر بوريطة، نجد أنه لم يعرض قراءته بوصفه مسؤولا حكوميا سابقا أو باعتبار ما جاء فيها موقفا دبلوماسيا رسميا، وكان أقصى ما تطرق له هو ضرورة "قبول الجيش الجزائري بتقاسم السلطة مع الإسلاميين باعتبارهم القوة المنظمة الموجودة في الشارع التي تلقى قبولا في الوقت الذي تم رفض قوى أخرى من طرف المحتجين"، لكن ذلك كان كافيا لتلقيه تأنيبا شديد اللهجة باعتباره يُقحم المغرب في قضايا داخلية لدول أخرى.

على طرفي نقيض

ويبدو أن النهج الذي يسير عليه المغرب بنزيع فتيل أي "سوء فهم" مع الجزائر، ليس معمولا به أيضا على الجانب الآخر، فالتصريحات الرسمية والتقارير الإعلامية هناك تنحو عادة نحو التصعيد، وهو ما كان عليه الأمر في قضية القاعدة العسكرية ومناورات "جبل صغرو"، وكان آخر مثال عليها رد الفعل الذي تلا تصريحات منسوبة لقنصل المغرب بوهران وصف فيها الجزائر بـ"البلد العدو"، وحينها نقلت وسائل إعلام محلية عن خارجية بلادها أن الجزائر "تستعد لطرده".

ولا يبدي المسؤولون السياسيون والعسكريون الجزائريون كثيرا من التحفظ في تصريحاتهم حول المغرب، مثل ما كان عليه الأمر بالنسبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي اعتبر يوم تنصيبه أن قضية الصحراء تعد "قضية تصفية استعمار"، ثم دعا مؤخرا مجلس الأمن للانعقاد لمناقشة هذا الموضوع، أو حتى تصريحات السعيد شنقريحة، القائد الجديد للجيش الجزائري الذي وصف المغرب سنة 2016 بـ"البلد المحتل" معلنا دعمه الصريح لعمليات جبهة لبوليساريو ضده.

هناك ما هو أهم من "ذباب الجزائر"!

لم تكن العلاقة بين المغرب والجزائر ممزقة كما هو حالها اليوم. عداء النظام الجزائري لكل ما هو مغربي وصل مداه. رئيس الدولة كلما أُتيحت له فرصة الحديث أمام وسائل الإعلام ...

استطلاع رأي

في رأيك، من هو أسوأ رئيس حكومة مغربية خلال السنوات الخمس والعشرين من حكم الملك محمد السادس؟

Loading...