ما هي اتفاقية "إيفيان" التي أعلنت فرنسا بموجبها تأسيس الجزائر سنة 1962 وطالب الرئيس تبون بتفعيلها لأنها تمنح "الخصوصية" لبلاده؟

 ما هي اتفاقية "إيفيان" التي أعلنت فرنسا بموجبها تأسيس الجزائر سنة 1962 وطالب الرئيس تبون بتفعيلها لأنها تمنح "الخصوصية" لبلاده؟
الصحيفة – حمزة المتيوي
الأحد 1 يناير 2023 - 12:00

استحضر الرئيس الجزائر، عبد المجيد تبون، في حواره مع جريدة "لوفيغارو" الفرنسية، "اتفاقيات إيفيان"، في سياق حديثه عن قرار فرنسا تخفيض التأشيرات المُسَلمة للجزائريين بنسبة 50 في المائة، كرد فعل على رفض الجزائر تسلم مواطنيها غير المرغوب فيهم على الأراضي الفرنسية، حيث اعتبر أن منطوق تلك الاتفاقيات يعطي الجزائريين امتيازا أمام باقي دول المنطقة المغاربية.

واعتبر تبون أن قيام فرنسا مؤخرا بإلغاء هذا القرار المعمول به منذ العام الماضي، وإعادة الخدمات القنصلية إلى وتيرتها الطبيعية، هو عودة إلى "منطق الأشياء"، قائلا إن "اتفاقيات إيفيان تمنح الخصوصية للجزائريين في هذا الشأن بين الدول المغاربية"، وأضاف "لذا من الأنسب أن يُحترم ذلك"، الأمر الذي أعاد تلك الاتفاقيات، التي نالت الجزائر استقلالها بعد التوقيع عليها، إلى الواجهة.

وبالنسبة للكثير من الجزائريين، فإن اتفاقيات إيفيان كانت سببا في التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية لفرنسا المستمرة، في نظرهم إلى غاية اليوم، لأن الأمر يتعلق بـ"استقلال ممنوح"، أنهت بموجبه فرنسا استعمارها للجزائر بشروط مقابل إيقاف ثورة التحرير الجزائرية، وهو ما تمخض عنه استفتاء تقرير المصير الذي أسس دولة الجزائر سنة 1962.

وحلت هذه السنة، في 19 مارس، الذكرى الستون لتوقيع هذه الاتفاقيات التي كانت نتيجة للمفاوضات بين الحكومة الجزائرية المؤقتة الممثلة في جبهة التحرير الوطني، وبين الحكومة الفرنسية ممثلة في وزير الشؤون الجزائرية في عهد الجنرال شارل ديغول، لويس جوكس، والتي انطلقت في 20 ماي 1961 بمدينة إيفيان الفرنسية، وذلك بعد إعلان الرئيس الفرنسي سنة 1959 نيته منح الجزائريين حق تقرير المصير.

والمثير في الأمر هو أن تبون يستند إلى اتفاقية تعد السند القانوني الذي تأسست بموجبه دولة الجزائر، لأنها انبنت وعد ديغول الذي أعلن قبلها بـ 3 سنوات عن استعداده لمنح الجزائريين حق تقرير المصير في ظرف زمني لا يزيد عن 4 أعوام، وقال في خطابه بشكل صريح إن سؤال الانفصال عن فرنسا، باعتبار الجزائر حينها مقاطعة فرنسية، "سيُطرح على الجزائريين بصفتهم أفرادا".

وحينها قال ديغول "منذ بداية التاريخ لم يكن هناك أي سبب قوي للسيادة الجزائرية"، وأضاف "القرطاجيون والرومان والواندال والبيزانطيون وعرب الشام وعرب قرطبة والأتراك والفرنسيون، كلهم دخلوا هذا البلد الواحد تلو الآخر، ولم تكن هناك دولة جزائرية في أي وقت ولا بأي طريقة"، الأمر الذي أعاد مكرون التذكير به العام الماضي حين قال "هل وُجدت أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟".

ونصت هذه الاتفاقية على تنظيم استفتاء الذي حصلت بموجبه الجزائر على الاستقلال الرسمي بتاريخ 5 يوليوز 1962، وكان هو المعلن عن تأسيس الدولة الجزائرية لأول مرة، كما نصت الوثيقة على إطلاق سراح المقاومين الجزائريين من السجون الجزائرية والفرنسية والسماح بعودة المُطاردين منهم، الذين كانوا مستقرين بالمغرب وتونس، بالإضافة إلى الاعتراف بشرعية جبهة التحرير.

لكن المحور الثاني من مضامين هذه الاتفاقية، هي التي تجعل الكثير من الجزائريين غير راضين عنها ولا يعتبرونها مصدرا للفخر، عكس تبون، فقد وضعت يد فرنسا على الثروات الطبيعية الجزائرية من خلال التنصيص على "التعاون في مجال استخراج النفط"، بالإضافة إلى السماح للجيش الفرنسي باستخدام القاعدة البحرية العسكرية في وهران ومجموعة من القواعد العسكرية الأخرى البرية والبحرية.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...

استطلاع رأي

مع تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر وتكثيف الجيش الجزائري لمناوراته العسكرية قرب الحدود المغربية بالذخيرة الحيّة وتقوية الجيش المغربي لترسانته من الأسلحة.. في ظل أجواء "الحرب الباردة" هذه بين البلدين كيف سينتهي في اعتقادك هذا الخلاف؟

Loading...