محمد سالم عبد الفتاح: التصعيد العسكري للمغرب في الصحراء فرضته "أنشطة غير قانونية أخرى" وليس فقط "البوليساريو"

 محمد سالم عبد الفتاح: التصعيد العسكري للمغرب في الصحراء فرضته "أنشطة غير قانونية أخرى" وليس فقط "البوليساريو"
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
الجمعة 9 دجنبر 2022 - 17:45

تشهد الصحراء المغربية، خاصة المنطقة العازلة، في الأيام الأخيرة، تصعيدا عسكريا من طرف القوات المسلحة الملكية المغربية، التي نفذت عدد من عمليات القصف ضد أهداف مشبوهة، في الوقت الذي تتحدث "البوليساريو"، عن استهداف المغربي لـ"مدنيين"، بالرغم من المناطق التي تستهدفها القوات المغربية تعرف "حالة حرب" وفق تأكيدات جبهة "البوليساريو" نفسها.

وقال رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، محمد سالم عبد الفتاح، في حديث لموقع "الصحيفة"، في هذا السياق، بأن هناك "خلط متعمد من طرف دعاية البوليساريو لسياقات مختلفة، تتعلق بالوضع الأمني في المنطقة العازلة، الأول يتعلق بإجراءات روتينية يعكف عليها الجيش المغربي لتأمين المنطقة العازلة إزاء عديد المخاطر الأمنية المرتبطة بتجاوزات وخروقات تقدم عليها البوليساريو للملحق العسكري لاتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما أكد عليه مرارا الأمين العام الأممي في تقاريره نقلا عن عناصر البعثه الاممية المكلفين بمراقبه وقت اطلاق النار والمتواجدين على اأض الواقع".

أما السياق الآخر، يقول عبد الفتاح "فيتعلق بامتدادات الجماعات المسلحة المتواجده بشمال مالي وببقية بلدان الساحل، وبعصابات الجريمة المنظمة التي تنشط بالمنطقة العازلة، وهي ظواهر تتقاطع مع الأنشطة غير القانونيه التي تعكف عليها قيادة البوليساريو من قبيل تهريب المساعدات الانسانية، ورعاية تجار ومهربي المخدرات، فضلا عن تجارة السلاح أيضا الذي مصدره مخازن الجبهة الإنفصالية، الأمر الذي حذرت منه أيضا تقارير الأمين العام الأممي حول الصحراء مرارا".

وأشار ذات المتحدث، إلى وجود حالات أخرى تتعلق بـ"الاستغلال غير القانوني لبعض حقول مناجم الذهب بطرق تقليدية، وللأسف كثيرا ما يتورط مواطنون أجانب من عديد بلدان المنطقة في هذه الأنشطة غير القانونية، حيث يلقى بعضهم مصرعه على وقع بعض الأعمال العدائية المحدودة التي تعكف عليها البوليساريو في المنطقة العازلة، منذ إعلانها عن تنصلها من اتفاق وقف إطلاق النار."

وبخصوص وصف صحافة "البوليساريو" لقتلى القصف المغربي بـ"المدنيين"، قال محمد سال عبد الفتاح، بأن "دعاية البوليساريو العسكرية التي كذبتها تقارير الأمين العام الأممي مرارا وتكرارا، كثيرا ما يختلط الحابل بالنابل، ويصعب التفريق بين الأسباب الحقيقية لبعض الحوادث المتداولة، خاصة طبيعة العناصر المستهدفة فيها، إن كانت تتعلق بعناصر البوليساريو، أم بمنقبين أجانب، أو حتى بمهربين…، فضلا عن الجهة التي تقف خلف استهدافهم."

وأضاف رئيس المرصد الصحراوي في هذا السياق بأن جبهة البوليساريو "تعيش على وقع حالة التفكك والفوضى الأمنية العارمة، والتي كثيرا ما تفرز صدامات داخلية، فيما تتورط عناصرها الأمنية في حالات اقتتال داخلي بين مجموعات تهريب وعصابات ذات طابع قبلي، فضلا عن الانتشار الكبير للفكر المتطرف وتغلغل الجماعات المسلحة داخل الجبهة الإنفصالية".

ولم تسلم من الفوضى، وفق نفس المتحدث، حتى مخيمات تندوف التي يفترض أنها "مؤمنة" ومحاصرة من طرف الجيش الجزائري وعناصر الجبهة الإنفصالية، "فكثيرا ما يخرج الوضع الأمني عن السيطرة، وتشهد احترابا واقتتالا، فضلا عن حالات تصفية المهربين العديدة التي يتورط فيها الجيش الجزائري، ومن غير المستبعد أن يمتد الوضع الأمني المتأزم بمخيمات تيندوف الى المنطقة العازلة بالصحراء، بحكم تواجد عناصر الجبهة الإنفصالية. "

لكن ما يزيد هذا الوضع التباسا حسب محمد سالم عبد الفتاح، "هو غياب المصادر المستقلة، في ظل الحصار الذي تفرضه البوليساريو في مناطق تواجدها، والتضييق الكبير على البدو الذين يترددون على المناطق العازلة. فالجهة المحايدة الوحيدة المتواجدة في المنطقة العازلة هي عناصر البعثة الأممية التي لطالما أدانت خروقات الجبهة الإنفصالية، وكذبت دعايتها في متن إحاطات رئيسها، وفي تقارير الأمين العام الأممي ومبعوثه الشخصي."

وبشأن ما يردده الكثير من المتتبعين للوضع في الصحراء، بأن المغرب وسّع من عملياته العسكرية في الصحراء، على اعتبار أنه لم يعد يعترف بأي منطقة عازلة ويرى أن الصحراء المغربية هي كل المناطق التي تحدها حدود الجزائر شرقا وحدود موريتانيا جنوبا، قال رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان إن هناك بالفعل "تطورات ميدانية عديدة تتعلق بتعاطي المغرب مع المنطقة العازلة، خاصة منذ تأمينه لمعبر الگرگرات في 13 من نوفمبر202‪0 شملت تمديد بعض المقاطع في الجدارات الدفاعية، وكرست سيادة المغرب على كافة ترابه الإقليمي، بما في ذلك المناطق العازلة شرق الجدار، كما شملت تغيرا ملحوظا في قواعد الاشتباك.

وأضاف محمد سالم بأن المغرب "بات يضطلع بمسؤولياته القانونية والسياسية إزاء فرض الأمن والاستقرار بالمنطقة العازلة، خاصة بعد إعلان البوليساريو لانسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بينها وبين الأمم المتحدة من جهة وبين المغرب والهيئة الدولية من جهة أخرى، إلى جانب تفكك الجبهة الانفصالية الملحوظ وتورط عناصرها القيادية في أنشطة التهريب وفي تغلغل عصابات الجريمة المنظمة والجماعات المسلحة في المنطقة العازلة. وضع أمني عززته إشادات الأمين العام الأممي بحالة الأمن والإستقرار في مناطق غرب الجدار بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وتكذيبه للدعاية الحربية للبوليساريو، حيث نفى علم عناصر البعثة الأممية المكلفين بمراقبة وقف إطلاق النار بحدوث أي خسائر في الجانب المغربي".

وأوضح نفس المتحدث أن "المنطقة العازلة أنشأت أول الأمر بهدف ترك مسافة أمان لمطاردة الأهداف المعادية، دون الاضطرار لتجاوز الحدود البرية مع البلدين الجارين موريتانيا والجزائر. لكن استغلال تلك المنطقة العازلة في أنشطة غير قانونية باتت تهدد الأمن وتقوض الاستقرار في كافة بلدان المنطقة، قد يفرض على المغرب تمديد جداراته الدفاعية حتى حدوده الرسمية مع البلدين الجارين، وإنهاء أي إمكانية لتواجد البوليساريو خارج حدود الجزائر. ما سيقبر المشروع الإنفصالي ويقضي على ما تبقى من تمظهرات تواجده الميداني."

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...