مركز كارنيغي: الجيش الجزائري لن يسمح بتداول السلطة واستبداده يغذيه الرئيس والأجهزة والريع

 مركز كارنيغي: الجيش الجزائري لن يسمح بتداول السلطة واستبداده يغذيه الرئيس والأجهزة والريع
الصحيفة من الرباط
الثلاثاء 23 مارس 2021 - 12:54

تواصل الصحيفة عرض أجزاء من تقرير "سياسات السلطوية العسكرية في شمال إفريقيا" الصادر مؤخرا عن مركز "مالكوم كير كارنيغي للشرق الأوسط"، وهذه المرة من خلال المحور المتعلق بـ"ثبات السلطوية في الجزائر ومصر وليبيا والسودان"، والذي يرى أن السياسة العسكرية السلطوية في هذه البلدان تتشكل من خلال "العلاقات بين المؤسسة العسكرية ورئيس الدولة، والديناميات داخل القطاع القسري، وتهميش القطاع الخاص، وقدرة أجهزة الدولة على الاستفادة من الدعم الأجنبي".

ويرى المركز في تقريره أن الحركات الاحتجاجية خلقت قدرة على التعبئة والاستمرار فرصة غير متوقعة للانتقال السياسي خلال عام 2019 في الجزائر كما في السودان، إذ في إن "التقبل الضمني للقوات المسلحة، إن لم يكن تواطؤها النشط في الإطاحة برئيسين للجمهورية كانت قد ساندتهم في الحكم لفترة طويلة، عزز الآمال في هاتين الدولتين في حلول حقبة جديدة من التعددية السياسية والديمقراطية".

لكن سقف هذه التوقعات سينخفض بعد ذلك، نتيجة "استغلال جائحة فيروس كورونا خلال عام 2020 لترسيخ الحكم السلطوي"، لكن التقرير يتطرق لأمر آخر وهو "اشتداد الخصومات الجيوسياسية امتدادا من القرن الأفريقي إلى الصحراء الغربية" على حد توصيف التقرير، وهو ما أدى إلى إعادة بروز القوّات المسلحة في شمال إفريقيا، وبالتالي إلى "انحسار الأمل الأولي بحدوث تغيير سياسي فعلي في الجزائر، وربما يحدث الأمر نفسه في السودان، ما قد يضع البلدين على مسار مصر منذ انقلاب عام 2013 وليبيا منذ بداية الحرب الأهلية فيها في عام 2014".

"لا واقعية" سماح الجيش بتداول السلطة

ومن الناحية العملية، يتساءل التقرير الذي أعده الباحث الرئيسي في مركز "كانيغي"، الفلسطيني يزيد صايغ، بروفيسور دراسات الشرق الأوسط بجامعة "كينغز كولدج" بلندن سابقا، ما إذا كان واقعيا أن ننتظر من القوات المسلحة السودانية والجزائرية السماح بتعددية سياسية حقيقية، أو الالتزام بشكل لا رجعة فيه بالتداول السلمي للسلطة عقب الانتخابات الدورية، أو الانصياع للحكومات المدنية.

ووفق التقرير، يشير تاريخ العلاقات العسكرية المدنية في هذين البلدين، كما في مصر وليبيا، اللتين خضعتا لعمليتي انتقال سياسي في عام 2011 واللتين "تم إحباطهما" لاحقا، إلى أن قواتهما المسلحة "ستسعى بأي ثمن تقريبا للاحتفاظ بموقعها السياسي القوي في مؤسسات الدولة والحياة الوطنية، وأنها ستستمر بذلك" ويضيف "ربما لم يكن انسحاب القوّات المسلّحة السودانية والجزائرية في عام 2019 أكثر من إجراء تكتيكي".

ويرى مركز "كارنيغي" أن القادة والجهات المتنفذة في جميع البلدان الأربعة، بما فيها الجزائر، يواجهون بشكل واضح تحديات اجتماعية واقتصادية كبيرة لا يستطيعون معالجتها، فبدلا من تحرير السياسة وزيادة التشاركية في السلطة، تشير التوجهات على مستوى المنطقة برمتها إلى أنهم سيركزون الموارد الشحيحة على خدمة الائتلافات الحاكمة الضيقة بشكل متزايد، فضلا عن إجبار قطاعاتها العامة الضخمة، التي شكّلت لعقود من الزمن حاضنتها الاجتماعية والسياسية الرئيسة، على تحمل وطأة تقليص الأجور وانخفاض الخدمات والرعاية.

ومن المفارقات التي رصدها التقرير "أن هذا يجعل المؤسسة العسكرية، التي تمثل حاضنة رئيسة في القطاع العام في حد ذاتها، جزءًا لا غنى عنه في الائتلافات الحاكمة لمؤسسات الدولة"، خالصا إلى أن حركات الاحتجاج الشعبية من النوع الذي أطاح بالرؤساء المتسلطين في مصر وليبيا في عام 2011 وفي السودان والجزائر في عام 2019 "افتقرت إلى الوحدة والتماسك لفرض تغييرات أكثر عمقًا ومنهجية على المنظومة الحاكمة".

علاقات العسكر بالرئيس والأجهزة

وعلى الرغم من تباين شكل العقود السلطوية في البلدان الأربعة يرى التقرير أن الجزائر تتشارك مع الأنظمة العسكرية الأخرى في 4 عوامل رئيسة، العامل الأول هو العلاقة بين المؤسسة العسكرية ورئيس الدولة، التي كانت الدعامة الرئيسة للنظام السلطوي والضامنة لاستمراره، ولأن المؤسسة العسكرية كانت ترى أصلا أن الرؤساء قوضوا التفاهمات الأساسية أو هددوا المصالح الحيوية، تمكنت الحركات الاحتجاجية الشعبية من تعجيل الإطاحة بالرئيسين السابقين حسني مبارك في مصر ومعمر القذافي في ليبيا في عام 2011، ثم بعمر البشير في السودان وعبد العزيز بوتفليقة في الجزائر في عام 2019.

وتضيف الوثيقة "منذ ذلك الحين، سعت المؤسسة العسكرية إلى تأكيد استقلاليتها عن القادة الجدد في كل من هذه البلدان، سواء من خلال التعديلات الدستورية في مصر والجزائر أو من خلال المساومة والتنافس مع القادة المدنيين الناشئين والجهات المسلّحة المنافسة في المشهد السياسي والعسكري المتشظي في ليبيا والسودان".

والعامل الثاني هو العلاقات داخل كل من "الأجهزة القسرية" للدولة وفيما بينها، حيث اضطر الرؤساء في بلدان شمال إفريقيا الأربعة هذه، في عامي 2011 و2019، إلى الاعتماد بشكل أساسي على الشرطة وأجهزة الأمن الداخلي وغيرها من القوّات شبه العسكرية أو قوّات حفظ النظام لقمع الاحتجاجات عندما رفضت القوّات المسلّحة المهمة. ويعكس موقف القوّات المسلّحة إرث التنافس وانعدام الثقة إزاء هؤلاء النظراء، وفي جميع الحالات مكّنها من استعادة النفوذ السياسي.

وهذه الوضعية هي التي تفسر، حسب التقرير، عزم وزارتي الدفاع المصرية والجزائرية على تأكيد سلطتهما على أجهزة الأمن الداخلي والاستخبارات في مراحل ما بعد الفترة الانتقالية، ما يعزز استقلاليتهما المتزايدة عن السلطة الرئاسية.

فرض الريع والطمع في المساعدات

أما العامل الثالث في تشكيل السياسات العسكرية فهو "التطور المشوه والاستقلالية المقيدة بشدة للقطاع الخاص" العامل الثالث في تشكيل السياسة العسكرية، حيث إن إرث المراحل المتتالية من التأميم الاقتصادي وبرامج الخصخصة المتقطعة، جعل السعي وراء الريع نمطا اقتصاديا أساسيا وولَّد رأسمالية المحسوبية، وهو ما أدى، إلى جانب التدخلات الحكومية المكثفة التي تستمر في التحكم بالنشاط الاقتصادي للقطاع الخاص، إلى شلّ طبقة رجال الأعمال كقوّة اجتماعية سياسية.

 وأوضح التقرير أن المؤسسة العسكرية في الجزائر وفي كل من بلدان شمال إفريقيا الثلاثة الأخرى، استغلت الضعف الناتج في أداء القطاع الخاص وضعف طابعه المؤسساتي، واللوائح الحكومية المواتية، للظهور "كفاعل اقتصادي توسعي بل ومفترس في كثير من الأحيان".

ويتجلى العامل الرابع في تأثر مسار السياسة العسكرية بقدرة الفاعلين المحليين الرئيسين على الاستفادة من الدعم الأجنبي، وهذا يعني في المقام الأول رئيس الدولة والمؤسسة العسكرية، وتحديدا في الجزائر ومصر، حيث تُعدّ قدرة الرؤساء على حماية العلاقات مع مقدمي المساعدات العسكرية الأجانب في مواجهة المطالب الدولية باحترام حقوق الإنسان أو التحول الديمقراطي أمرًا أساسيًا للحفاظ على ولاء قواّتهم المسلّحة، فمن خلال تأمين صفقات أسلحة كبيرة على الرغم من قيود الميزانية، يُظهر الرؤساء نفعهم للمؤسسة العسكرية ويوازنونها في الآن نفسه.

السلطوية العسكرية مستمرة

واستنادا إلى هذه العوامل الأربعة يخلص التقرير إلى أن المؤسسة العسكرية في كل من هذه البلدان الأربعة في شمال إفريقيا لا تزال غير مستعدة للتخلي عن مكانتها المتميزة في الدولة والسياسة، ومع ذلك، فإن هذه المؤسسات العسكرية عالقة في معضلة، إذ لا يمكن أن يؤدي عملها على خدمة مصلحتها الذاتية إلى النتائج المثلى التي تريدها.

وترى الوثيقة أنه لا أمل للفاعلين العسكريين الأقوياء في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي ولّدت حركات احتجاجية شعبية في عامي 2011 و2019، والتي تلوح في الأفق أكثر من أي وقت مضى في أعقاب جائحة فيروس كورونا، حيث ساعدت هذه المؤسسات العسكرية في إدامة الظروف التي تولّد الأزمات على مستويات متعددة، لكنها أيضا تواصل عرقلة الحوار الهادف وإعاقة الإصلاحات التي يمكن أن تحسن الوضع، معتبرة الإصلاحات تهديدا لتفوقها السياسي واستقلاليتها.

هناك ما هو أهم من "ذباب الجزائر"!

لم تكن العلاقة بين المغرب والجزائر ممزقة كما هو حالها اليوم. عداء النظام الجزائري لكل ما هو مغربي وصل مداه. رئيس الدولة كلما أُتيحت له فرصة الحديث أمام وسائل الإعلام ...

استطلاع رأي

في رأيك، من هو أسوأ رئيس حكومة مغربية خلال السنوات الخمس والعشرين من حكم الملك محمد السادس؟

Loading...