من مسيرة بومدين الكحلاء إلى إخلاء العرجة.. المغرب يتفادى "الرد بالمثل" على انتقام الجزائر من مدنيين
كما كان متوقعا، دخلت السلطات الجزائرية اليوم الخميس 18 مارس 2021 لمنطقة "العرجة" الموجودة على الحدود المغربية بمحاذاة إقليم فجيج، بعد أن فرضت على المزارعين المغاربة الخروج من المنطقة باعتبارها تقع داخل الحدود الجزائرية دون الالتفات إلى عقود الملكية التي يتوفرون عليها والتي يعود بعضها إلى ثلاثينات القرن الماضي.
ولم تفوت سلطات الجزائر الفرصة لتسويق "انتصار إعلامي" بالمنطقة حيث حلت القنوات الرسمية بكاميراتها في عين المكان لتسويق "طرد" الفلاحين المغاربة من هناك، وهو الأمر الذي يتزامن مع الصراع الدبلوماسي بين الرباط والجزائر بخصوص الصحراء الذي تكبدت فيه هذه الأخيرة سلسلة من الخسائر خاصة عقب الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على المنطقة، كما يتزامن مع الحراك الذي عاد بقوة إلى شوارع البلاد خلال الأسابيع الأخيرة.
وتُذكر هذه الواقعة بالعديد من الوقائع الأخرى المشابهة التي عمدت خلالها الجزائر لـ"طرد" المدنيين المغاربة من أراضيها كورقة ضغط على المغرب، أبرزها قيام الرئيس الأسبق هواري بومدين، يوم 18 دجنبر 1975 المتزامن مع عيد الأضحى، على تهجير عشرات الآلاف من المغاربة بشكل مفاجئ ردا على ضم المغرب لأقاليم الصحراء في ما سمي بـ"المسيرة السوداء" التي أتت كرد على "المسيرة الخضراء"، وهو ما أدى إلى تشتيت أسر وقطع علاقات عائلية وحرمان المعنيين من ممتلكاتهم.
ومن جهته، يتفادى المغرب الرد بالطريقة نفسها على الجزائر، وهو الأمر الذي يتضح مرة أخرى في قضية منطقة "العرجة"، إذ حسب عارفين بالمنطقة الحدودية ليس المغاربة وحدهم الذين يستغلون مناطق توجد خارج حدود بلادهم بموجب معاهدة خط الحدود التي تعود لسنة 1972، فالعديد من الفلاحين ومربي المواشي الجزائريين يقومون بالأمر نفسه داخل إقليم فجيج.
وحسب رواية المصادر ذاتها، فإن جماعة بوعنان مثلا تعرف استغلال العديد من الفلاحين الجزائيين للموارد المائية بالمنطقة، حيث يعتمد هؤلاء على مياهها لسقي مزروعاتهم، بالإضافة إلى أن العديد من مربي المواشي يدخلون بقطعان الخراف والجمال إلى مواقع تابعة رسميا للتراب المغربي بهدف الرعي، وهو ما تتغاضى عنه السلطات المغربية.
بل أكثر من ذلك، يقول عارفون بالمنطقة إن "واد زلمو" الذي يصب من المغرب عبر إقليم فجيج وتحديدا قرية أنباج، يصب في ولاية بشار ويعد المصدر الرئيس للمياه في مجموعة من القرى الجزائرية، وكان بإمكان المغرب قطع مياهه عنها بسهولة بشكل نهائي بحكم وجود سد هناك، غير أنه لم يصدر أي قرار من السلطات بخصوص ذلك تجنبا لوقوع مشكلة إنسانية على غرار ما تسببت فيه السلطات الجزائرية لمزارعي "العرجة".