موقف مدريد الجديد من الصحراء يكشف ذلك.. كيف لم تعد "البوليساريو" تُقنع مدعميها السابقين!
أربك تغيير مدريد موقفها من الصحراء المغربية، حسابات جبهة "البوليساريو" الانفصالية المدعومة من الجزائر بشكل كبير، وقد زاد انفضاض المدعمين لها من حولها من هذا الارتباك الحاصل، حيث لم تبق إلى جانبها سوى محتضنتها الجزائر، التي استدعت سفيرها لدى مدريد للتشاور عقب الخطوة الإسبانية الأخيرة.
ولاحظ متتبعون لقضية نزاع الصحراء، أن إعلان مدريد بشكل رسمي موقفها الداعم لمقترح الحكم الذاتي المغربي، -وهو ما يعني تغيرا جذريا في موقفها من هذه القضية لصالح الرباط-، لم يُقابل بخطوات احتجاجية من طرف العديد من الدول، خاصة تلك التي كانت تُعلن مساندتها لـ"البوليساريو" وعلى رأسها جنوب إفريقيا، وكوبا، وزيمبابوي.
ووفق ذات المصادر، فإن الجزائر وحدها التي اتخذت خطوة "تُعتبر" في الأعراف الديبلوماسية "خطوة احتجاجية" على القرار الذي اتخذته مدريد، باستدعاء سفيرها، وهو "احتجاج" كان متوقعا، ليس من المغرب فقط، بل حتى من إسبانيا، بالنظر إلى أن الجزائر هي المحتضن الأول، -ويبدو أنها الأخير- للجبهة الانفصالية في صراعها مع المغرب على الصحراء.
ولم يُسجل لحدود الساعة، أي موقف رسمي لبلدان مثل جنوب إفريقيا التي تُعتبر من البلدان التي تميل للطرح الانفصالي لجبهة "البوليساريو"، بشأن الخطوة الإسبانية، على غرار ما فعلته بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية دعمها لسيادة المغرب على الصحراء أواخر 2020 تحت إدارة ترامب، وهو نفس الأمر لباقي البلدان الأخرى التي كانت تدعم بالأمس القريب جبهة "البوليساريو".
ويقرأ عدد من المتتبعين لقضية النزاع في الصحراء، أن هذه التحولات الكبيرة في هذه القضية التي عمّرت لعقود، تُبرز بالملوس، أن الطرح الانفصالي الذي تروجه جبهة "البوليساريو" لم يعد يُقنع الكثير من المدعمين السابقين، وهو الأمر الذي أدى إلى انفضاضهم جميعا عن الجبهة المذكورة، ولم تبق سوى الجزائر التي تجد نفسها اليوم أمام معضلة بدأتها ولا تعرف كيف تُنهيها.
كما أن ما يُظهر تقهقر صوت "البوليساريو" في السنوات الأخيرة، وفق ذات المتتعبين، هو لجوء الجبهة إلى الاعتماد على منظمات وكيانات تابعة لبلدان أوروبية وإفريقيا لتوجيه اتهاماتها بلسانها إلى المغرب، بعدما لم يعد أصحاب القرار في تلك البلدان يتماشون مع ما تروج له.
هذا التحول غير المسبوق في موقف إسبانيا في قضية الصحراء، قد يكون وفق الكثير من المحللين السياسيين، بداية النهاية لهذا النزاع الذي طال أمده، خاصة أن الأصوات المدعمة لمقترح الحكم الذاتي كأحد أكثر الحلول مصداقية وواقعية تتزايد بشكل كبير جدا في السنوات الأخيرة.