نفاق الـ FIFA.. رفضت رفع شعارات في الملاعب ضد إسرائيل عند قصف جيشها لأطفال فلسطين.. لكنها أوقفت منتخبات وفرق روسيا بسبب حربها على أوكرانيا !

 نفاق الـ FIFA.. رفضت رفع شعارات في الملاعب ضد إسرائيل عند قصف جيشها لأطفال فلسطين.. لكنها أوقفت منتخبات وفرق روسيا بسبب حربها على أوكرانيا !
الصحيفة
الثلاثاء 1 مارس 2022 - 21:44

طالما ما كان الاتحاد الدولي لكرة القدم والأجهزة التابعة له، في الصفوف الأولى الرافضة لأي تدخل سياسي في شؤون اللعبة، ما جعل الـ FIFA في مواجهة متكررة مع عدة خروقات للأعراف التي أسست لها، إلا أن مسار التاريخ أظهر بما لا يدع مجالا للشك، أن فصل كرة القدم عن سياق ما تعيشه المجتمعات، يبدو أمرا عصيا عن التحقيق، وما الأزمة الروسية-الأوكرانية، حاليا، إلا دليل فعلي على طريقة محاكاة الوضع.

تجميد كل أنشطة منتخبات روسيا من طرف رئيس الـ FIFA السويسري جياني انفانتينو، من خلال فرض عقوبات تأديبية على منتخباتها وأنديتها، ولو أن إطارها رياضي محض إلا أن محركاتها سياسية صرفة، تتنافى مع مبدأ "عدم تدخل الرياضة في السياسة"، التي دوما ما تعاملت به "فيفا" في مقاربتها لعدة جوانب، لعل أبرزها الشعارات المناهضة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

في غلاسكو الاسكتلندية، وبالتحديد في 17 غشت 2016، رفعت جماهير نادي سلتيك بعض الأعلام الفلسطينية، خلال مواجهة الفريق أمام ضيفه "هابويل بير شيفا" الإسرائيلي، وهي اللقطة التي ترتبت عنها غرامة مالية من قبل الاتحاد الاتحاد الأوروببي على إدارة النادي، قدرت حينئذ بأزيد من 10 آلاف دولار، لكن قيمتها المعنوية كانت أكبر، تحت غطاء النص القانوني الرافض لأي "وسيلة عنصرية، دينية، سياسية، عرقية أو تشهيرية بالميز ضد الأقليات".

جماهير سلتيك ترفع أعلام فلسطين خلال مواجهة"هابويل بير شيفا" الإسرائيلي

اللاعب الدولي المصري السابق محمد أبو تريكة، سبق له وأن تلقى انتقادات واسعة، بعد تعبيره عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني، خلال الحرب على غزة، وذلك بعد تسجيله أحد الأهداف في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2008 في غانا، حيث اعتبر البعض، حينها، أن "الملاعب الرياضية ليست فضاءات لتمرير الرسائل السياسية ويجب التزام مبدأ الحياد".

بعد أزيد من 14 سنة، وجه أبو تريكة، الذي يشتغل حاليا محللا كرويا بشبكة قنوات "بيين سبورت" القطرية، (وجه) انتقادا للاتحاد الدولي "فيفا" على خلفية منع الأندية والمنتخبات الروسية من المشاركة في بطولاته، متهما المنظمة الكروية ب"الكيل بمكيالين"، قائلا في تغريدة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر"، الاثنين، إن "قرار منع الأندية الروسية والمنتخبات من المشاركة في كافة البطولات يجب أن يكون معه منع مشاركة الأندية والمنتخبات التابعة للكيان الصهيوني لأنه محتل ويقتل الأطفال والنساء في فلسطين منذ سنين ولكنكم تكيلوا بمكيالين"، على حد تعببره.

محمد أبو تريكة في نهائيات "كان2008"

المؤكد أن نظرة المنتظم الكروي العالمي إلى أوكرانيا، التي أنجبت أندريه شيفشينكو، صاحب الكرة الذهبية لسنة 2004، (نظرة) مختلفة عن الوضع في سوريا وفلسطين والعراق.. لكن ماذا تغير بين الأمس واليوم؟

قبل سنوات، خاضت الـ FIFA صراعا كبيرا مع بريطانيا، من أجل ثني انجلترا واسكتلندا على تخليد ذكرى وفاة 750 ألف جندي في ساحة معارك الحرب العالمية الأولى، والتي تحتفي بها الأندية الكروية بوضع إكليل من الورود الحمراء على أقمصتها؛ حركت رمزية رفضتها أجهزة الاتحاد الدولي ل"تداخلها مع مبادئ الرياضة وكرة القدم".

تخليد ذكرى الحرب العالمية الأولى في ملاعب الدوري الإنجليزي الممتاز

تيريزا ماي، رئيسة الوزراء البريطانية، حينها، قالت إن "هذا أمر مرفوض، لاعبونا لكرة القدم أرادوا تكريم من ضحوا بحياتهم لأمننا، وهو أمر طبيعي أن يتم السماح لهم بذلك، كما أنها رسالة واضحة منا. قبل أن يفتوا علينا (الفيفا) ما يجب أن نقوم به، عليهم تسوية مشاكلهم الداخلية".

كيف حصلت ملاعب كرة القدم على ترخيص "التعاطف" مع الشعب الأوكراني دون غيرها من القضايا؟ سواء كان الأمر سياسيا أو مجرد دعاية إيكولوجية، كما حدث مع نادي بالميراس البرازيلي، الذي رفض الاتحاد الدولي "فيفا"، قبل أسابيع، دخول لاعبيه لخوض مباراة نهائي كأس العالم للأندية، أمام تشيلسي الإنجليزي، بأقمصة تحمل عبارة "من أجل مستقبل أخضر".

قبل أيام، وفي خضم الأحداث الجارية، أثار أيكون دمير، قائد فريق أرضروم سبورت التركي، جدلا واسعا، بعد رفضه ارتداء قميص تضامني مع أوكرانيا، على غرار الحملة الواسعة التي تشهدها مختلف الدوريات الأوروبية.

اللاعب التركي أثناء رفض ارتداء قميص "لا للحرب"

وسائل إعلام تركية، أفادت أن قائد فريق أرضروم سبورت التركي، رفض ارتداء قميص كتب عليه "لا للحرب" باللغة الإنجليزية، كباقي أعضاء الفريق، الذين عبروا عن رفضهم للغزو الروسي على أوكرانيا.

وبرر اللاعب الملقب بـ"الكوماندا" لشجاعته وشراسته في اللعب داخل أرضية الميدان، (برر) رفضه ارتداء القميص بالقول "إن الكثير من الحروب وقعت ولا تزال في منطقة الشرق الأوسط، ولم تبد أي دولة أو منظمة تضامنا مع شعوبها المنكوبة، أو رفضا للإجرام الممارس بحقها".

وأضاف أيكوت، في تصريحات عقب مباراة فريقه، أن "أمر التضامن عندما يتعلق بأوروبا؛ تجد الجميع بلا استثناء يقدمون الدعم اللازم. ولكن عندما تتحول أنظارهم نحو الشرق الأوسط، فلا تجد أي نوع من الدعم يقدم لملايين قتلوا وآخرين أصيبوا وتشردوا بسبب هذه الحرب".

وأردف، قائلا "لا أرغب في ارتداء القميص لأنه لم يتم صنعه لتلك البلدان، وإذا فعلت ذلك فلن يكون ضميري مرتاحا، كما أنني حزين لوجود الحرب في أي مكان في العالم. أشارك الأبرياء الألم".

معلوم أن جل الاتحادات الكروية الأوروبية، استغلت نشاطها الكروي، من أجل تمرير رسائل إلى روسيا لوقف غزوها ضد أوكرانيا، من بينها الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم الذي عبر عن تضامنه مع الشعب الأوكراني، على هامش مباراة نهائي كأس الرابطة التي جمعت ليفربول وتشيلسيى، فيما ارتأت رابطة الدوري الإسباني "الليغا" إلى تخصيص مساحة بصرية، أثناء العرض التلفزيوني للمباريات، بشعار "لا للحرب"، بمختلف اللغات.

شعار "لا للحرب" من ملعب "واندا ميتروبوليتانو" في مدريد بإسبانيا

الظاهر اليوم، أن كرة القدم أضحت جزءا من اللعبة السياسية ولا يمكن فصل الاثنين عن بعضهما البعض، كما أن عزل الملاعب عن سياق ما يجري حولها، أضحى مسألة صعبة، خاصة في ظل التطور السريع الذي يعرفه العالم، حيث أن المدرجات شأنها في ذلك شأن منصات مواقع التواصل الإجتماعي، أضحت منبرا لتمرير الرسائل وتبني قضايا المجتمعات الإنسانية، في إطار لا يتعدى الضوابط الأخلاقية.

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...