جياني انفانتينو.. وحيدا يَمشي في ملعب إفريقيا.. يفاوض في الرياضة كما في السياسة مثل زعيم قبيلة

 جياني انفانتينو.. وحيدا يَمشي في ملعب إفريقيا.. يفاوض في الرياضة كما في السياسة مثل زعيم قبيلة
الصحيفة - عمر الشرايبي
الجمعة 12 مارس 2021 - 10:50

سيكون السويسري جياني انفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، أول المهنئين، لانتخاب الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي، رئيسا جديدا للكونفدرالية الإفريقية للعبة "كاف"، على هامش الجمعية العمومية للجهاز القاري، اليوم، الجمعة، بالعاصمة المغربية الرباط.

رئيس الـ FIFA، الذي قاد جولات ماراتونية من المفاوضات، طيلة الأشهر الماضية، كما جاب جل الدول الإفريقية، يعبتر مهندس الفترة الانتقالية التي تعرفها الكرة الإفريقية، بعد نهاية ولاية الملغاشي أحمد أحمد، الأخير الذي تم توقيفه عن ممارسة أي نشاط، لفترة سنتين، بعد ارتبطاه بشبهات فساد خلال فترة تسييره لـ"الكاف".

وإن كان انفانتينو، الذي اشتهر بـ"ديمقراطية" سحب القرعة، حين كان أمينا عاما للاتحاد الأوروبي، فالأخير كان وراء تحريك الخيوط داخل كواليس الكرة الإفريقية، في سرية، قبل أن يعلن رسميا عن نواياه تحت غطاء "وحدة الكرة الإفريقية"، حين تزعم مشهد "تعيين" موتسيبي في ليلة انسحابات المرشحين الثلاث الآخرين؛ الموريتاني أحمد ولد يحيى، السنغالي أوغستين سانغور والإيفواري جاك أنوما.

اليوم، الجمعة، سيكون موتسيبي مرشحا وحيدا في امتحان "ديمقراطية" الكرة الإفريقية، في غياب لأي منافس، كما أن توزيع الغنائم الأخرى سيتم بسلاسة، وفق ما يرضي الاتحاد الدولي للعبة واستراتيجياته القادمة، خاصة وأن الأخير، حظي بإرث سلفه، حين كان يوصف الرئيس الأسبق سيب بلاتير، بـ"الأب' داخل منتظم القارة السمراء، فلم يكن انفانتينو سوى الابن الشرعي لهذا الامتداد السويسري من الرباط إلى جوهانسبورغ.

موقع "الصحيفة"، حاول البحث عن خبايا هذه "الوصاية" التي أضحت تمارسها الـFIFA على الكرة الإفريقية، في واضحة النهار، ليتضح أن علاقة الحب هاته التي تربط انفانتينو بعواصم إفريقية، يقابلها نفور من عقر داره في سويسرا، حيث أن البرود يطبع علاقة رئيس الاتحاد الدولي بنظرائه في الاتحادات القارية الأخرى، خاصة من أوروبا وأمريكا الجنوبية، حيث الخلاف قائم حول عدة ملفات وقضايا.

تحالف "أوروبي-أمريكي" ضد انفانتينو!

هذا التحالف المكون من قطبين كبيرين في كرة القدم العالمية، يهز رغبات هيمنة "فيفا' ورئيسها جياني إنفانتينو، حيث بدأت معالمه ترسم عندما دعا أعضاء اللجنتين التنفيذيتين لـ"Uefa" و"Conmebol" (اتحاد أمريكا الجنوبية)، إلى اجتماع مشترك، بتاريخ 12 فبراير الماضي في نيون السويسرية.

في عقر دارانفانتينو، تابع الأخير، بقلق، كواليس هذا الاجتماع غير المسبوق بين الاتحادين القويين داخل منظومة كرة القدم العالمية، والذي أعلن أنه يأتي في إطار "تحليل وتنسيق مشاريع التعاون المشترك في مجال كرة القدم" بين أمريكا الجنوبية وأوروبا.

تقارير صحافية عالمية قالت إن ظاهر البرنامج، بهدف  تعزيز التعاون والتباحث في مستقبل المسابقات القارية، فضلا عن تعزيز الحوكمة المؤسسية، إلا أن وراء لغة "تكنوقراط الكرة" هذه، يختبئ الهدف الحقيقي وراء هذا التحالف، ألا وهو مواجهة ميول الـFIFA ورئيسه جياني إنفانتينو.

ومن بين الملفات الجدلية التي تشغل سويسرا، والتي تزعج الاتحاد الأوروبي لكرة القدم وحلفائه، هي إعادة تنسيق كأس العالم للأندية إلى 24 فريقا (بما في ذلك ثمانية من أوروبا)، والتي كان من المقرر أن تقام النسخة الأولى منها، مطلع العام الجاري، في دولة الصين، وهي بطولة كانت ستصل إلى رقم 50 مليار دولار من حيث التسويق، حسب أطماع انفانتينو و"صفقة الموندياليتو الصيني".

رئيسا الـUEFA والـConmebol

في الوقت نفسه، قاد إنفانتينو، إطلاق الاتحاد العالمي للأندية (WFCA) في نونبر الماضي، الذي يقوده فلورينتينو بيريز، رئيس نادي ريال مدريد الإسباني، حيث تعمل هذه المجموعة المكونة من ثمانية أندية، كمحاور للهيئة الكروية العالمية، في الدفع بخروج "المونديالتو" الموسع للوجود.

هذان الملفان يثيران، غضب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وهما مصدر اندماج كونميبول مع الهيئة الأوروبية، حسب ما تناقلته عدة صحف عالمية، وذلك في مواجهة "الشركة الأم" في زيوريخ، علما أن اتحاد أمريكا الجنوبية كان بعيدا نوعا ما عن نظيره الأوروبي ومرتبطا ارتباطا وثيقت ب"الفيفا'.

علاقة رئيس اتحاد أمريكا الجنوبية، الباراغواياني أليخاندرو دومينغيز، بنظيره جياني انفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي للعبة، (علاقتهما) أضحت متشنجة، بعد شعور الأول بالخيانة والإنزعاج، عندما اتصل إنفانتينو بأندية أمريكا الجنوبية لدعم مشاريعه، ومن هنا جاء التقارب مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، بقيادة  السلوفيني ألكسندر تشيفرين، الذي انخرط بنفسه في حرب "الأنا والسطة" مع رئيس الـFIFA.

رئيس الـUEFA اعترض على وصاية سامورا على ال"كاف"..

في يونيو من سنة 2019، اتهم ألكسندر تشيفرين، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، رئيس الفيفا، بمؤامرة لتولي كرة القدم الأفريقية، بتعيين فاطمة سامورا "مندوبة عامة لإفريقيا"، كما اتهمه بتحويل مكتب مجلس الفيفا إلى وظيفة "ختم مطاطي" للمصادقة على قراراته الانفرادية.

حينها، كشف تشيفرين أن إنفانتينو منحه 90 دقيقة فقط للتصديق على القرار الذي تم إرساله إياه "في منتصف الليل"، فوفقا لصحيفة "دايلي مايل" البريطانية، فإن كلا الرجلين الأقوياء في كرة القدم العالمية، على خلاف، حول الأساس المنطقي وراء إنشاء مثل هذه اللجنة للإشراف على أنشطة القارة السمراء.

رئيس الاتحاد الأوروبي للعبة، عارض الاقتراح بشدة، بسبب عدم وجود وثيقة رسمية تدعمه من الـCAF، كما انتقد الوقت المحدود الممنوح لغيره لفحص الفكرة المقترحة إذا كانت تتماشى مع كل من قوانين الاتحادين، لتجنب "تضارب المصالح المحتمل".

وجاءت رسالة تشيفرين لنظيره انتفانتينو، كالاتي "أتفهم الوضع الصعب الحالي لـ CAF وأرحب بالجهود التي تبذلها جميع الأطراف لتحسينه، ومع ذلك، حتى مع أفضل الإرادة في العالم لمساعدة CAF، لا يمكنني في الوقت الحالي الموافقة على الاقتراح المفصل الوارد في رسالتك.

وأضاف "لهذه الأسباب المختلفة، أنا متأكد من أنك ستفهم تمامًا أنه في الوضع الحالي وبدون معلومات إضافية منك، لا يمكنني الموافقة على الاقتراح الوارد في رسالتك المرسلة إلى مكتب FIFA لأعضاء المجلس لتعيين مندوب FIFA العام لأفريقيا".

علاقة الشرخ بين تشيفرين وانفانتينو، استمرت إلى غاية اليوم، وذلك رغم نهاية مهام فاطمة سامورا في التدبير الحكماتي للكونفدرالية الإفريقية، ورفض تجديد ولايتها لفترة إضافية، من قبل المكتب التنفيذي لـ"الكاف"، الأخير الذي سيشهد تعديلات جديدية، خلال محطة الانتخابات، اليوم، الجمعة.

الـ FIFA بقيادة انفانتينو.. تداخل "رياضي-سياسي" في شؤون إفريقيا؟

اضطر السويسري جياني انفانتينو أن ينقل مفاوضاته مع رؤساء الاتحادات الإفريقية لكرة القدم، خلال الأشهر الماضية، إلى مكاتب حكومات الدول نفسها، نظرا لتعارض مقترحه بالتوافق على مرشح دولة جنوب إفريقيا من أجل رئاسة الـCAF، خاصة مع بعض الدول التي ترى في صعود موتسيبي خطرا على بعض التوازنات السياسية في المنطقة، كما هو مطروح بالنسبة لقضية الصحراء، موضوع النزاع بين المغرب وأطراف معادية للوحدة الترابية.

انفانتينو، وقبل تنزيله لما سمي ب"بروتوكول الرباط"، ارتأى طمأنة حكومة المملكة بأن "السياسة لن تتداخل في الرياضة"، ولو ظاهريا على الأقل، وبأن مصالح المغرب القومية لن تمس بوجود رئيس تعادي بلاده الوحدة الترابية للمغرب، لهذا، كان لقاءه بوزير الخارجية المغربية، ناصر بوريطة، بمقر الوزارة في الرباط، ضروريا، لـ"فهم" الخطوط الحمراء في جعل حظوظ  للجنوب الإفريقي موتسيبي مضمونة لفوزه برئاسة الـCAF.

وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة يستقبل انفانتينو في الرباط

بالرغم من حثها على استقلالية كرة القدم عن التدخل السياسي، إلا أن بسط الـ FIFA لسلطتها على الكرة الإفريقية، حرك حكومات عدة دول، الأخيرة التي كانت تدعم مرشحيها من رؤساء الاتحادات الكروية، من أجل دخول انتخابات 12 مارس، لما يمثله كرسي رئاسة الكونفدرالية القارية للعبة من وزن ديبلوماسي قوي.

في الأسابيع الماضية، أجبر انفانتينو، في إطار "البروتوكول" السالف الذكر، مرشحي موريتانيا، الكوت ديفوار والسنغال من أجل إعلان انسحابهم، شاكرين كلهم حكومات بلدانهم على دعمهم في حملة الترشح، وذلك رغم الانعكاسات السياسية التي قد تترتب عن التحالفات الجارية في دواليب الـ CAF، خاصة في علاقات بعض دول القارة مع جنوب إفريقيا ومرشحها باتريس موتسيبي، خليفة الملغاشي أحمد أحمد على هرم الكرة الإفريقية.

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...