أسوشيتد برس: سياسة سانشيز في الهجرة المخالفة لترامب والزعماء الأوروبيين ساهمت في ازدهار الاقتصاد.. والمغاربة في صدارة المهاجرين بالبلاد

قالت وكالة "أسوشيتد برس" الدولية للأنباء، إن سياسة الهجرة التي يعتمدها رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، والمخالفة لنهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والعديد من الزعماء الأوروبيين، ساهمت بشكل مباشر في تحقيق إسبانيا أداء اقتصاديا متفوقا داخل الاتحاد الأوروبي، في وقت يتصاعد فيه الخطاب المتشدد ضد المهاجرين في القارة.

وأبرزت الوكالة في تقرير نشرته أمس السبت أن سانشيز اختار الدفاع العلني عن الهجرة القانونية، معتبرا إياها رافعة اقتصادية واجتماعية، في مقابل موجة سياسية أوروبية تتبنى تشديد الحدود والتحذير من "خطر الهجرة" مع صعود اليمين المتطرف، وبالتالي – حسب الوكالة- فإن رئيس الحكومة الإسبانية يقدّم نموذجا مغايرا يقوم على الربط بين الانفتاح على المهاجرين والنمو الاقتصادي.

وحسب "أسوشيتد برس"، فقد سجّل الاقتصاد الإسباني نموا هو الأسرع داخل الاتحاد الأوروبي للسنة الثانية على التوالي، وهو ما يُعزى جزئيا إلى مساهمة المهاجرين في دعم سوق العمل، خصوصا في ظل شيخوخة اليد العاملة الإسبانية.

ونقلت الوكالة عن سانشيز قوله إن خيار إسبانيا هو "أن تكون بلدا منفتحا ومزدهرا أو بلدا منغلقا وفقيرا"، في موقف يتناقض بوضوح مع تحذيرات إدارة ترامب التي دعت الأوروبيين إلى تشديد سياسات الهجرة، ومع توجهات قادة أوروبيين باتوا يتحدثون عن "مشكلة الهجرة" تحت ضغط الأحزاب اليمينية المتطرفة.

وفي مقابل الخطاب السائد في فرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى، حيث جرى تشديد قوانين الهجرة وربطها بالأمن والضغط الاجتماعي، أشارت "أسوشيتد برس" أن سانشيز واصل الدفاع عن مساهمة المهاجرين في النمو الاقتصادي، معتبرا أن ازدهار إسبانيا الحالي مدين جزئيا للمهاجرين الذين اختاروا البلاد لبناء مشاريع حياتهم.

وأشارت الوكالة إلى أن إسبانيا استقبلت ملايين المهاجرين خلال السنوات الأخيرة، أغلبهم دخلوا البلاد بطرق قانونية، وهو ما جعل تأثيرهم الاقتصادي مختلفًا عن الصورة التي تروّج لها التيارات المناهضة للهجرة في أوروبا، لافتة إلى أن الخطاب السياسي في إسبانيا، رغم تصاعد نبرة حزب "فوكس» اليميني المتطرف، لم ينزلق بالكامل نحو التشدد.

وفي هذا السياق، أبرزت "أسوشيتد برس" أن المغاربة يتصدرون قائمة المهاجرين في إسبانيا، متقدمين على مهاجري دول أميركا اللاتينية، إلى جانب كولومبيا وفنزويلا، وفق المعطيات الرسمية. ويشكّل المغاربة إحدى أكبر الجاليات الأجنبية في البلاد، مع حضور قوي في قطاعات حيوية من الاقتصاد.

وأضاف التقرير أن البنك المركزي الإسباني يقدّر حاجة البلاد إلى ملايين المهاجرين في سن العمل خلال العقود المقبلة للحفاظ على التوازن بين السكان النشيطين والمتقاعدين، ما يعزز، حسب الوكالة، منطق سانشيز القائم على اعتبار الهجرة جزءا من الحل الاقتصادي لا مشكلة أمنية.

ويُشار في هذا السياق إلى أن أرقاما صادرة عن وزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة الإسبانية، كشفت عن تصدّر العمال المغاربة لائحة المنخرطين الأجانب في نظام الضمان الاجتماعي خلال شهر أكتوبر الماضي، بفارق واضح عن باقي الجنسيات، ما يعزز موقع المغرب كأول بلد مُصدّر لليد العاملة الأجنبية إلى إسبانيا.

وحسب المصدر نفسه، فقد بلغ عدد المشتغلين المغاربة الحاصلين على تصاريح عمل والمنخرطين بشكل نظامي 365 ألفا و89 عاملا، متقدمين على رومانيا التي حلّت في المرتبة الثانية بـ340 ألفا و449 منخرطا، ثم كولومبيا بـ251 ألفا و84 عاملا.

وأوضحت الوزارة أن حضور العمال المغاربة بات مستقرا داخل قطاعات حيوية تشمل الفلاحة والبناء والخدمات والنقل والصناعة الغذائية، ما يجعلهم عنصرا أساسيا في الدينامية الاقتصادية بعدة أقاليم إسبانية، مؤكدة أن المغرب يظل المصدر الأول لليد العاملة الأجنبية منذ سنوات، رغم تقلبات سوق الشغل.

وسجلت إسبانيا، إجمالا، أكثر من 3.1 ملايين عامل أجنبي منخرط في نظام الضمان الاجتماعي خلال أكتوبر، في مؤشر على تنامي الطلب على اليد العاملة في قطاعات تعاني من نقص هيكلي في الموارد البشرية.

وفي السياق نفسه، حذرت وزارة الإدماج والضمان الاجتماعي من التحديات المرتبطة بشيخوخة المجتمع الإسباني، مشيرة إلى أن أكثر من أربعة ملايين شخص مرشحون لبلوغ سن التقاعد خلال العقد المقبل، ما يفرض، بحسبها، الحاجة إلى هجرة منظمة للحفاظ على توازن سوق العمل، مع بقاء اليد العاملة المغربية في مقدمة القوى القادرة على المساهمة في سد هذا العجز البنيوي.