إغلاق الحدود التجارية مع سبتة ومليلية.. نهاية "التغاضي" المغربي عن "لعب" الحزب الشعبي لورقة الصحراء.. واستضافة "البوليساريو" نقطة التحول

 إغلاق الحدود التجارية مع سبتة ومليلية.. نهاية "التغاضي" المغربي عن "لعب" الحزب الشعبي لورقة الصحراء.. واستضافة "البوليساريو" نقطة التحول
الصحيفة - حمزة المتيوي
الأربعاء 9 يوليوز 2025 - 20:00

في الوقت الذي كانتا تضغطان فيه على الحكومة المركزية في مدريد من أجل توسيع نطاق اشتغال الجمارك التجارية، وجدت السُّلطتان المحليتان المنتخبتان لمدينتي سبتة ومليلية، اللتان يقودهما الحزب الشعبي، أمام مأزق اقتصادي جديد، بعدما قرر المغرب، ابتداء من أمس الثلاثاء، إغلاق المكتبين الجُمركيين بصفة رسمية ودون أي توضيحات، بالتزامن مع مرور الحزب المذكور إلى مرحلة جديدة  في لعب ورقة الصحراء.

ولم تمضِ سوى 5 أشهر على إعادة فتح مكتب الجمارك التجارية على مستوى المعبر الحدودي لمليلية، بعد إغلاق استمر منذ 2018، وتدشين آخر لأول مرة بالمعبر الحدودي لسبتة، حتى جرى إغلاقهما معا في وقت واحد، وفق ما أعلنته سلطات المدينتين المتمتعتين بحكم ذاتي، وأكدته أيضا وزارة الخارجية الإسبانية.

وبالنسبة لمدريد، فإن الأمر يتعلق بإجراء "مؤقت" يستند إلى أسباب "ظرفية" مُرتبطة بعملية عبور الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وذلك وفق ما نقلته صحيفة "إلباييس" عن مصادر من وزارة الخارجية، والتي قالت إن "الاتفاق مع المغرب، الذي لا يزال ساريا بالكامل، ينص على إمكانية تنظيم وتوقيف مؤقت لعبور البضائع في أوقات الذروة، مثل عملية العبور، من أجل تسهيل حركة المسافرين"، وأضافت أن "السلطات الجمركية (المغربية والإسبانية) تعمل معاً لضمان التوازن بين مرور البضائع وتنقل الأشخاص".

لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لخوان خوسي إمبرودا، رئيس حكومة مدينة مليلية، الذي عجل يوم أمس بعقد ندوة صحفية ليُعلن "إغلاق المعبر التجاري إلى إشعار آخر"، استنادا إلى قرار السلطات المغربية. وجوابا على ما أوردته وزارة خوسي مانويل ألباريس قال إن ذلك "غير صحيح، لأن عملية العبور يمكنها الاستمرار في ظل عمل الجمارك التجارية من خلال تخصيص ممر للشاحنات"، مضيفا "المغرب قرر ألا يمر أي منها".

وتوصلت الجمارك الإسبانية بالفعل بمراسلة من نظيرتها الإسبانية تخبرها بوقف العمليات التجارية وهو أمر أكدته وكالة الجمارك في مليلية، التي أوردت أن ذلك يعني أن القرار سيستمر إلى غاية 15 شتنبر 2025 على الأقل، وهو موعد انتهاء عملية "مرحبا" لعبور أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، لكن صحيفة "إل إنديبيندينتي" الإسبانية التي نشرت المعطى، أوردت أن الرباط لم تُوضح في مراسلتها لا سبب الإغلاق ولا مدته.

الصحيفة نفسها، وفي مقال صاغه المراسل السابق في المغرب إغناسيو سسمبريرو، تطرقت إلى "شائعات" تروج حول أن الإغلاق جاء كرد فعل من الرباط على دعوة وجهها الحزب الشعبي الإسباني لممثل جبهة البوليساريو، عبد الله العربي، لحضور مؤتمره نهاية الأسبوع الماضي، على اعتبار أن المدينتين يرأسه مجلسيهما هذا الحزب.

وبالفعل، فإن الحزب الشعبي، يتصدر المشهد السياسي في المدينتين، وهو صاحب أغلبية نسبية في سبتة ومطلقة في مليلية، وإذا كان رئيس هذه الأخير، خوان فيفاس قد التزم الصمت إلى الآن، فإن نظيره على رأس الأولى، خوسي إمبرودا شرع سريعا في مهاجمة المغرب، وفي وصف حكومة إسبانيا الاشتراكية التي يرأسها بيدرو سانشيز، بـ"الضعف" أمام الرباط في مسألة الحدود.

تعامل فيفاس وإمبرودا مع هذه القضية، يلخص الانقسام داخل الحزب الشعبي بخصوص مسألة التعامل مع الملف المغربي في كل جوانبه، فالأول عادة ما يختار الحذر ويبحث عن الحلول الدبلوماسية، بطريقة كان يُفضلها الأمين العام السابق بابلو كاسادو، عكس الثاني الذي يتجه عادة نحو الخطابات الصدامية، في انسجام مع اتجاه الزعيم الحالي للحزب الشعبي، ألبيرتو نونيز فييخو، الذي حول العلاقات مع المغرب إلى ورقة للضغط السياسي على غريمه سانشيز.

لكن النقطة التي أفاضت الكأس، والتي يُرجح أن تكون دافع الرباط نحو العودة إلى سياسية "الحصار الاقتصادي الخانق" على سبتة ومليلية، لم تكن دعوة الحزب صاحب أكبر كتلة في البرلمان الإسباني إلى التراجع عن دعم مدريد لمقترح الحكم الذاتي المغربي، والاعتراف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للرباط، استنادا إلى ما جاء في رسالة سانشيز للملك محمد السادس في 18 مارس 2022، والإعلان المشترك بتاريخ 7 أبريل من العام نفسه، وإنما استضافة جبهة "البوليساريو" بشكل رسمي.

فدعوة عبد الله العربي، ممثل الجبهة في إسبانيا، يُذكِّر بما حدث سنة 2021، حين سمحت مدريد لزعيم جبهة "البوليساريو" إبراهيم غالي، بدخول أراضيها بشكل سري وباستعمال وثائق هوية جزائرية مزيفة، لحمايته من المحاكمة في قضايا تتعلق بجرائم ضد الإنسانية، وكانت تلك بداية لأزمة هي الأسوأ من نوعها منذ عقدين من الزمن، شملت إغلاق المعابر الحدودية مع سبتة ومليلية أمام حركة الأشخاص والبضائع، إلى جانب إجراءات أخرى رسمية وغير رسمية.

وباستضافته أحد قيادات "البوليساريو" بشكل رسمي، تجاوز الحزب الشعبي خانة لعب ورقة الصحراء في مواجهة الحزب الاشتراكي العمالي، إلى استخدامها ضد المصالح المغربية، وذلك في سياق دولي وإقليمي متسم بتركيز الرباط على تحقيق مكاسب حاسمة في هذه القضية خلال العام الجاري، في أفق طي الملف نهائيا في أسرع وقت، بدعم مُعلن من دول كبرى على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة المتحدة، البلدان دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...