التهريب المعيشي: تحذيرات برلمانية و"غموض" حكومي ومواطنون يختنقون

 التهريب المعيشي: تحذيرات برلمانية و"غموض" حكومي ومواطنون يختنقون
الصحيفة – حمزة المتيوي
الأربعاء 8 يناير 2020 - 18:19

لم تزد نتائج المهمة الاستطلاعية البرلمانية لمعبر باب سبتة، حول موضوع وقف نشاط التهريب المعيشي إلا غموضا، فالتوصيات التي خلص إليها البرلمانيون والمحذرة من التبعات السلبية لإنهاء هذا النشاط على سكان مجموعة من المناطق الشمالية للملكة، انضافت لتأكيدات حكومية بقرب عودة العمل للمعبر، غير أن واقع الحال يؤكد استمرار الإغلاق إلى غاية اليوم.

وتم عرض التقرير أمس الثلاثاء خلال اجتماع لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج بمجلس النواب، والذي حضرته أيضا جميلة المصلي وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، ورغم أن الخلاصات أكدت على "تهديد التهريب للأمن الصحي والاقتصادي للمغاربة"، إلا أنها أوردت أن توقيفه "لا يؤثر فقط في المشتغلين في تجارة حمل البضائع المهربة من النساء والرجال، بل في الحركة التجارية لكل من إقليمي تطوان والمضيق - الفنيدق لارتباط جزء من التجارة فيها بالسلع المهربة من باب سبتة المحتلة".

البدائل قبل المنع

وأشار التقرير بوضوح إلى كون الإقليمين المذكورين غير مستعدين لهذا الإغلاق، من خلال دعوته إلى "اعتماد بديل اقتصادي حقيقي من خلال تشجيع وإعطاء امتيازات تحفيزية للأنشطة المنتجة لفرص الشغل والتسريع بفتح منطقة صناعية على المدى المتوسط، لاستيعاب العاطلين من ممتهني التهريب المعيشي"، مع ضرورة القيام "بدراسة سوسيو اقتصادية لكل هذه الفئات لمعرفة ظروفها الاجتماعية ومستواها الدراسي واحتياجاتها في سوق الشغل من أجل الاشتغال على البدائل الممكنة".

بل إن التقرير ذهب أبعد من ذلك حينما دعا ضمنيا إلى السماح، في المدى القريب، بعودة نشاط التهريب المعيشي، مشددا على توفير موارد بشرية مؤهلة في المعبر من أجل أنسنة المعابر وتنظيمها بشكل جيد من خلال الفصل بين مختلف الطوابير، مع تعزيز التنسيق مع كل الأطراف المعنية لضمان الانسيابية، إلى جانب توفير وسائل تنظيمية إلكترونية بدل التدخل البشري لضبط وتيرة التدخل، وتوفير أبسط شروط الصحة والسلامة في انتظار حلول جذرية.

لكن الحل النهائي وفق تقرير "المهمة الاستطلاعية المؤقتة للوقوف على الأوضاع التي يعيشها الأطفال المهملون ووضعية النساء الممتهنات للتهريب المعيشي بمعبر باب سبتة"، والمندرجة ضمن العمل الرقابي لمجلس النواب، لن يكون إلا بـ"إحداث منطقة تجارية حرة بمدينة الفنيدق يكون من شأنها المساهمة في الحد من هذه ظاهرة التهريب".

موقف حكومي غامض

وفي المقابل لم يحمل نص جواب الوزيرة المكلفة بالتضامن والتنمية الاجتماعية، أي تأكيد لعودة نشاط التهريب المعيشي أو إيقافه بشكل نهائي، بل حمل الكثير من الكلام "العام"، مثل ضرورة "اعتماد مقاربة مندمجة وشمولية من شأنها المساهمة في إيجاد الحلول لهذه الظاهرة"، أو التذكير بالاستثمارات التي تمت بجهة طنجة تطوان الحسيمة، أو الإشارة إلى "الفرص الكثيرة التي يتيحها صندوق التماسك الاجتماعي وصندوق التكافل العائلي"، دون طرح أي حلول تهم بشكل مباشر أوضاع ممتهني التهريب المعيشي وأغلبهن نساء.

غير أن المصلي كشفت أن تعداد النساء اللواتي يعملن في هذا المجال يصل إلى 3500 امرة من مختلف الأعمار، مبرزة أن "من بين المداخل الأساسية للتغلب على وضعية الهشاشة التي توجد فيها هؤلاء النسوة، تعزيز التكوين المهني كمدخل لتمكين للنساء على مستوى الجهة من خلال الفضاءات المهمة للقرب المتواجدة والتي تمكن من توفير المعلومة والتكوين المناسب من أجل الاندماج الاجتماعي".

ويأتي تدخل المسؤولة الحكومية أمام اللجنة البرلمانية ليزيد من غموض موقف حكومة سعد الدين العثماني حول هذا القضية، إذ لم تكن لها سوى خرجة واحدة رسمية بخصوصها تمثلت في تصريح حسن عبيابة، لوزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة، قبل شهر، حين نفى وقف عمليات التهريب بشكل "نهائي".

وجاء رد عبيابة متزامنا مع حديث وسائل إعلام الإسبانية على كون المغرب اتخذا قرارا نهائيا بوقف عمليات التهريب المعيشي على الحدود مع سبتة المحتلة، إذ أورد خلال ندوة صحفية تلت مجلسا حكوميا، أن "الحركة ستعود إلى طبيعتها في المعبر الحدودي"، غير أن أنه لم يحدد زمن هذه "العودة" التي لا تزال مؤجلة إلى اليوم.

مخاوف من "الانفجار"

وعلى أرض الواقع بات سكان مدن تطوان والفنيدق والمضيق ومارتيل يعانون من أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، جراء اعتماد آلاف الأسر على التهريب المعيشي كمورد وحيد لرزقها، إلى جانب ارتباط أغلب المحلات التجارية هناك بالسلع القادمة من سبتة، وهو الأمر الذي دفع عدة هيآت جمعوية وحقوقية إلى دق ناقوس الخطر، والمطالبة بإيجاد بدائل للمتضررين

لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ مع نهاية نونبر من العام المنقضي انتشرت دعوات مجهولة المصدر عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحث سكان مدينة تطوان على النزول إلى الشارع من أجل الاحتجاج على تفشي البطالة وضعف الخدمات الاجتماعية التي تعيشها المنطقة، والتي ربطها الكثير من الداعين إلى هذه الوقفة التي كان يفترض أن تكون ساحة "المولى المهدي" مسرحا لها، بوقف عمليات التهريب المعيشي وافتقار تطوان والمدن المجاورة لها للمناطق الصناعية.

واستطاعت وزارة الداخلية عبر السلطات المحلية إقبار هذه المحاولة عن طريق منع الوقفة، على اعتبار أن الجهة الداعية لها "لم تُعَرِّف بهويتها والهدف من وراء تنظيمها، ولم تتقدم بالإشعار إلى السلطات المحلية في الآجال القانونية"، غير أن وسائل التواصل الاجتماعي عادت مؤخرا للحث على "تحرك شعبي" في جهة لا زالت متأثرة إلى اليوم بتبعات حراك الريف. 

كوكب الجزائر

كثيرة هي الأمور التي يمكن استنتاجها من "معركة القميص" بين المغرب والجزائر، والتي هي في الحقيقة صدام بين فريق لكرة القدم يمثل مدينة مغربية صغيرة غير بعيدة عن الحدود الجزائرية، ...