الحدود البحرية وإدارة المجال الجوي وجبل تروبيك.. هل يكون اجتماع مدريد الموعد الحاسم للمضي نحو "الخطوة الموالية" في حل القضايا العالقة بين المغرب وإسبانيا؟

 الحدود البحرية وإدارة المجال الجوي وجبل تروبيك.. هل يكون اجتماع مدريد الموعد الحاسم للمضي نحو "الخطوة الموالية" في حل القضايا العالقة بين المغرب وإسبانيا؟
الصحيفة – حمزة المتيوي
الخميس 4 دجنبر 2025 - 14:40

بدأ اليوم الخميس في مدريد، الاجتماع رفيع المستوى بين الحكومتين المغربية والإسبانية، الذي تتجه له الأنظار باعتباره سيُفرز العديد من الاتفاقيات التي تشمل مجالات اقتصادية بالدرجة الأولى، لكن المباحثات التي ستجري بعيدا عن وسائل الإعلام هي التي تستأثر أكثر بالاهتمام، كونها تطرح قضايا دبلوماسية وحدودية حساسة، أعطت الرباط إشارات سابقة إلى أنه حان الوقت للحسم فيها.

وإذا كان الاجتماع رفيع المستوى الحالي هو ثاني نسخة بعد رسالة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس، في 18 مارس 2022، التي أعلنت لأول مرة دعم إسبانيا لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، وأقرت بأهمية هذه القضية بالنسبة للرباط، فإن العديد من المؤشرات تشي بأن الرباط ترغب في المضي نحو "الخطوة الموالية" في العديد من المسائل السيادية العالقة.

ففي فبراير من سنة 2023 احتضنت الرباط النسخة الـ 12 من الاجتماع رفيع المستوى بين حكومتي المغرب وإسبانيا غثر 8 سنوات من الانقطاع، وذلك بعد نحو 10 أشهر على الإعلان الثنائي الصادر يوم 7 أبريل 2022، إثر استقبال الملك محمد السادس لرئيس الوزراء بيدرو سانشيز، والذي كان بمثابة خارطة طريق أنهت أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين البلدين محورها قضية الصحراء.

ومنذ ذلك; التاريخ مضت الشراكة الاقتصادية والتعاون الأمني والتنسيق السياسي بين البلدين في مسار تصاعدي غير مسبوق، خصوصا مع التزام مدريد بموقفها الذي يعتبر الحكم الذاتي المغربي الأساس الأكثر واقعية وجدية ومصداقية لحل قضية الصحراء، غير أن الثابت أيضا أن ملفات مثل الحدود البحرية للأقاليم الجنوبية، والمجال الجوي للمنطقة، ووضع سبتة ومليلية، لا زالت بدون حل.

طرح هذه المواضيع على طاولة النقاش من أجل حسمها في مدريد، يثير قلقا إسبانيا مُعلنا، فصحيفة "إلموندو" مثلا، تحدثت عن "سلسلة تنازلات" من سانشيز لصالح المغرب، خصوصا ما يتعلق بالمياه الإقليمية للصحراء وإدارة المجال الجوي، رابطة الأمر بجزر الكناري، على الرغم من أن الأمر يتعلق بقضيتين لا زال الحسم فيهما مؤجلا، باعتبار ذلك التزاما من الطرفين منذ أكثر من 3 سنوات ونصف.

فإذا ما عُدنا إلى البيان المشترك لـ7 أبريل 2022، نجد أن البند الأول منه ينص على أن إسبانيا "تعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، وبالجهود الجادة وذات المصداقية للمغرب في إطار الأمم المتحدة لإيجاد حل متوافق بشأنه"، ويضيف "في هذا الإطار، تعتبر إسبانيا المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع".

وإذا كان البند الثاني يتحدث عن "معالجة المواضيع ذات الاهتمام المشترك بروح من الثقة والتشاور، بعيدا عن الأعمال الأُحادية أو الأمر الواقع"، فإن النقطة السابعة تتحدث صراحة عن أنه "سيتم تفعيل مجموعة العمل الخاصة بتحديد المجال البحري على الواجهة الأطلسية، بهدف تحقيق تقدم ملموس"، أما النقطة السابعة فتقول نصًّا "سيتم إطلاق مباحثات حول تدبير المجالات الجوية".

الجديد هذه المرة، والذي يمكن أن يكون محفزا للمغرب لدفع إسبانيا نحو حسم القضايا المرتبطة بالصحراء، هو قرار مجلس الأمن رقم 2797 لـ31 أكتوبر 2025، الذي يجعل، بشكل صريح، مقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء أساسا لمفاوضات ترعاها الأمم المتحدة لإنهاء صراع امتد لخمسين عاما، وهو القرار الذي تعاملت معه وسائل الإعلام والطبقة السياسية الإسبانية كانتصار دبلوماسي للمغرب.

لكن التخوف الإسباني راجع إلى ما سيعقب تحول "مغربية الصحراء" إلى أمر واقع، فالتخلي عن إدارة المجال الجوي المدني (المجال الجوي العسكري يُدار عمليا من طرف المغرب) بالإضافة إلى إعادة ترسيم الحدود البحرية انطلاقا من أن الأمر يتعلق بأراضٍ مغربية مجاورة لأخرى إسبانيا، سيعني دخول الطرفين في تضارب مصالح، خصوصا على جبل "تروبيك".

بالرجوع إلى "إلموندو"، فإن المنطقة البحرية "المتنازع عليها" تضم جبل "تروبيك"، الغني بكميات كبيرة من التيلوريوم والكوبالت، وهما عنصران أساسيان لصناعة الألواح الشمسية وبطاريات السيارات الكهربائية، وهو موجود في نطاق 350 ميلً بحريا التي تطالب بها كل من إسبانيا لصالح إقليم الكناري والمغرب عبر الصحراء، متوقعة أن يكون "ورقة تفاوضية" في يد الرباط، وفق تقديرها.

غير أن نظرة المغرب لهذا الجبل البركاني القديم الواقع تحت سطح البحر بحوالي 1000 متر، تتجاوز مجرد استعماله كوسيلة للتفاوض من أجل الضغط، لأنه عمليا أقرب إلى حدودها من الحدود الإسبانية، فإذا كانت كانت أقرب نقطة منه بالنسبة إلى هذه الأخيرة هي جزيرة "إل هييرو" التابعة لأرخبيل الكناري، على مسافة 500 كيلومتر، فإنه لا يبعد عن الصحراء سوى بـ100 كيلومتر.

والأمر يتعلق بثروة ضخمة من الموارد الطبيعية، وفق ما سبق أن كشفت عنه صحيفة ABC الإسبانية، فهو يعدُ أكبر مستودع في العالم لمادة "التيلوريوم"، إذ يقدر إجمالي مخزونه بـ2670 طنا، بالإضافة إلى أنه يحتوي على كميات أكبر بـ54 مرة من المخزون العالمي الحالي لمادة "الكوبالت"، وهي الكمية الكافية لتصنيع 270 مليون سيارة كهربائية.

لذلك، يبدو أن مخاوف العديد من الإسبان من "ضياع" ورقة الحدود البحرية وإدارة الأجواء، له ما يبرره من الناحية الاقتصادية، خصوصا وأنهم يرون أن "الخناق الاقتصادي" المغربي مستمر على مدينتي سبتة ومليلية المتنازع عليهما، غير أن المسار التصاعدي الذي يسير فيه المغرب، في المقابل، لحسم قضية الصحراء، باعتبارها مسألة سيادة ترابية، يجعل من فتح النقاش خلال قمة مدريد أمرا بديهيا.

ما يجب قوله للإسبان في مدريد؟

في الوقت الذي تعقد فيه الحكومة الإسبانية ونظيرتها المغربية، اليوم الخميس، بمدريد الدورة الثالثة عشرة من الاجتماع الرفيع المستوى، مع ما يعكس ذلك من تطور كبير في العلاقات الثنائية بين ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...