الرئيس الموريتاني يدعو المسؤولين لقضاء عطلهم داخل البلاد بعد تنامي شرائهم شقق فاخرة بالمغرب و"جزر الكناري"

 الرئيس الموريتاني يدعو المسؤولين لقضاء عطلهم داخل البلاد بعد تنامي شرائهم شقق فاخرة بالمغرب و"جزر الكناري"
الصحيفة - محمد سيدي عبدالله (نواكشوط)
السبت 28 يونيو 2025 - 19:24

وجّه الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، بعيد اجتماع مجلس الوزراء الأخير، دعوة مباشرة إلى أعضاء الحكومة وكبار المسؤولين لقضاء عطلتهم الصيفية داخل البلاد، معتبرًا أن سفرهم وأسرهم إلى الخارج خلال العطل يمثل “سلوكًا غير مناسب” يعطي صورة سلبية عن الوطن.

الرئيس لم يكتف بالانتقاد، بل أوضح أن تكرار مثل هذا السلوك يوحي بأن البلاد تفتقر إلى ما يستحق الزيارة أو الاستكشاف، وهو تصور يرى أنه لا يليق بالجهود الجارية لتحسين صورة موريتانيا وتعزيز الانتماء الوطني. وبهذا المعنى، دعا الغزواني المسؤولين لأن يكونوا قدوة في هذا المسعى، عبر تمضية العطلة مع عائلاتهم وفي مواطنهم الأصلية.

وقد جاء هذا التوجيه الرئاسي في وقت تتعالى فيه أصوات الانتقاد حيال مظاهر الترف والتملك العقاري خارج البلاد من قبل بعض المسؤولين، حيث كشف الصحفي الموريتاني الخليل ولد أجدود، المقيم في العاصمة المغربية الرباط، عن معطيات مثيرة تتعلق بإقبال عدد من كبار الموظفين والمستفيدين من الصفقات العمومية على شراء شقق فاخرة في جزر الكناري ومدن مغربية، كلما وقعت “طفرة” مالية مشبوهة.

وكتب ولد أجدود في تدوينة على “فيسبوك” أنه أمضى ثلاثة أيام في مدينة لاس بالماس الإسبانية، حيث استمع لشهادات تؤكد اتساع رقعة التملك العقاري من قبل نفس الفئة، لافتًا إلى أن الأمر لا يقتصر على إسبانيا، بل يمتد إلى الرباط والدار البيضاء وأكادير، حيث تُشترى الشقق في أحياء راقية بأموال لا يُعرف لها مصدر شرعي واضح

وتفتح هذه الدعوة بابا واسعًا للمقارنة مع خطوة مماثلة اتخذها الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطايع في تسعينيات القرن الماضي، حين أوصى المسؤولين بقضاء عطلتهم داخل الوطن. وقد لقيت دعوته آنذاك استجابة واسعة، فُسّرت بوصفها انعكاسًا لهيبته وسطوته داخل الجهاز التنفيذي. بل إن الأمر تجاوز حدود العطل إلى توصية ببناء منازل في المناطق الأصلية للمسؤولين، فظهرت مساكن حديثة في قرى وبلدات كانت، حتى وقت قريب، تفتقر لأبسط أشكال العمران.

ويرى مراقبون أنه ومع اختلاف مناخ الحكم وتعدد مراكز النفوذ وتبدل العلاقة بين السلطة والنخب، يبدو اختبار محمد ولد الشيخ الغزواني أكثر تعقيدًا.

وفي ذات السياق، بادر رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين، محمد زين العابدين ولد الشيخ أحمد، إلى التعبير عن دعم القطاع الخاص لهذا التوجه الرئاسي، داعيًا الفاعلين الاقتصاديين ومنتسبي قطاعه إلى المساهمة الفعلية في تجسيده.

وقال في منشور له على “فيسبوك” إن الدعوة تأتي في إطار دعم جهود الحكومة لتحفيز الدورة الاقتصادية الداخلية، وتعزيز الاستفادة من الإمكانات السياحية والتنموية المتوفرة في البلاد، على حد قوله.

وأكد ولد الشيخ أحمد أن نجاح هذا التوجه يتطلب مساهمة ملموسة من القطاع الخاص، خصوصًا عبر تشجيع الموظفين والعمال على قضاء عطلهم داخل البلاد، بما ينعكس إيجابًا على الحركة الاقتصادية في المدن الداخلية، وينشط قطاع السياحة، ويدعم جهود التنمية المحلية.

وأضاف أن تحقيق هذا الهدف يتطلب كذلك استثمارات نوعية في البنية السياحية والخدمية، لتحسين مستوى العرض المحلي وتعزيز ثقة المواطنين بإمكانات بلادهم الطبيعية والاقتصادية، وختم بتأكيد التزام الاتحاد بدعم كافة المبادرات الرامية إلى إنعاش الاقتصاد الوطني وتحقيق تنمية متوازنة.

وعلى الجانب الشعبي، لطالما ارتبط موسم العطلة الصيفية عند الموريتانيين، بقدوم فصل الخريف، حيث يشد سكان العاصمة والمدن الكبرى الرحال إلى المناطق الداخلية التي بدأ العشب يغطي جنباتها وتضوعت منها رائحة الأرض بعد المطر. مع كل موسم خريفي، يتحول الداخل الموريتاني إلى ملاذ شعبي، حيث يعود كثيرون إلى قراهم الأصلية، بينما يختار آخرون وجهات تشتهر بهدوئها وجمال مناظرها، بعد أشهر من الصخب المديني وتعب الحياة اليومية.

هذه العادة ليست وليدة اليوم، بل تُعد امتدادًا لثقافة متجذرة في وجدان الموريتانيين منذ تأسيس الدولة الحديثة. فهي لحظة يتصالح فيها الموريتاني مع جذوره البدوية، حين يمد خيمته في السهول أو عند حافة وادٍ، وكأنه يكتب سطرًا جديدًا في سيرة الرحيل المؤقت بحثًا عن السكينة والتوازن.

وتوفر موريتانيا إمكانات سياحية واعدة، أبرزها محميات طبيعية. ففي الشمال، بين رأس تيميريس وخليج الكلب، يقع حوض آركين؛ المحمية التي تمثل نموذجًا بيئيًا نادرًا، إذ تُعد من أكبر مصائد الأسماك في العالم وموطنًا لملايين الطيور المهاجرة من سيبيريا وشمال أوروبا وغرينلاند. كما تزخر بتنوع بيولوجي يشمل البجع والنحام والدلافين والسلاحف والكائنات البحرية النادرة، وتتيح لزوارها فرصة عيش تجربة الصيد التقليدي إلى جانب “الأيمراكن”.

أما في أقصى الجنوب الغربي، وعلى ضفاف نهر السنغال، تستقر حديقة جاولينغ الطبيعية، الغنية بالتنوع البيئي والمشهورة بالطيور المائية والبرية النادرة، مثل البلشون والنعام والبط البري. ويمكن لزائرها الاستمتاع بمناظر الشلالات والبحيرات والنباتات البرية التي تتناثر بين الجروف الصخرية والكثبان الرملية، في مشهد طبيعي قلّ نظيره في المنطقة.

ورغم هذه المؤهلات، لا تزال أعداد السياح الأجانب إلى موريتانيا دون المستوى المأمول، إذ يُتوقع أن تصل هذا العام إلى نحو خمسة آلاف سائح فقط، مقارنة بعشرين ألفًا قبل جائحة كورونا. ويرجع ذلك، وفق مختصين، إلى ضعف البنية التحتية من طرق ومطارات وموانئ، ما يعرقل قدرة البلاد على استقطاب الأعداد المرجوة.

ولا تغيب عن هذا التراجع آثار الوضع الأمني الذي شهدته البلاد بين 2005 و2009، حين وقعت عدة هجمات إرهابية أودت بحياة جنود ومدنيين، بينهم أربعة سياح فرنسيين في مدينة “ألاك”. وقد دفع هذا الواقع دولًا أوروبية، كفرنسا حينها إلى إصدار تحذيرات من السفر إلى البلاد، فيما صنف البنك الدولي موريتانيا ضمن “الدول الأقل نموًا”، محتلة المرتبة 160 من أصل 189 في مؤشر التنمية البشرية.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...