المتطوعات البلجيكيات للصحيفة: قيم التعايش في المغرب أكبر من تدوينة "شاذة"

 المتطوعات البلجيكيات للصحيفة: قيم التعايش في المغرب أكبر من تدوينة "شاذة"
الصحيفة -هشام الطرشي
الجمعة 9 غشت 2019 - 21:00

هـن طفلات بلجيكيات بمعدل أعمار لا يتجاوز 15 سنة، دأبن على المشاركة في أوراش تطوعية داخل وخارج بلجيكا، شعارهن في الحياة "لنبادر بالخير خدمة للإنسانية".

إلا أن الورش الذي انتقلن، من بلجيكا إلى المغرب وبالضبط إلى إحدى القرى ضواحي مدينة ورزازات، للمشاركة فيه لم يكن كسابقيه. ففي عـز انغماسهن، إلى جانب عدد من صديقاتهن وأصدقائهن من أبناء القرية، في برنامج الورش التطوعي، فوجئن بنقاش حامي الوطيس على شبكات التواصل الاجتماعي، حول خلفيات لباسهن ومدى صفاء نواياهن بخصوص ما يقمن به من أعمال تطوعية، وما إذا كان هدفهن الحقيقي هو المعلن عنه أم أن هناك مخططات تآمرية على ساكنة المنطقة البسطاء والأمن الروحي للمغرب عموما، كما لمح إلى ذلك علي العسري، البرلماني عن حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، وما خلقته من  ردود أفعال من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالتنديد تارة، وبالاسهاب في الساركازم تارات آخرى.

"الصحيفة"، التقت بالفتيات المتطوعات بمدينة مراكش، حيث لهن مقام من يومين في ضيافة جمعية "مغرب شباب"، جالسناهن وسألناهن على هذه التجربة، وكيف عشن تفاصيلها، سواء في علاقتهن بالرأي العام أو في علاقتهن بأسرهن..

وبحسب تصريحات خصت بها"ألين.إ" ذات الخمسة عشر ربيعا موقع "الصحيفة"، أكدت لنا أن جمعيتهم دأبت على تنظيم والمشاركة في الكثير من الأوراش التطوعية في عدد من دول العالم بما فيها المغرب الذي استفادت عدد من مناطقه من مثل هذه الأنشطة، وذلك راجع إلى حرص الدولة والمجتمع البلجيكيين على زرع قيم التطوع الانساني لدى الناشئة. 

وبخصوص تفاعل ساكنة دوار "اضارنومان" الذي تمت به أشغال تبليط بعض الأزقة وتشييد مجاري مياه للسقي، أكدت ذات المتحدثة في تصريحها للموقع أن السكان رحبوا بالمبادرة واستحسنوا ما تم تحقيقه على أرض الواقع، وفي كثير من الأحيان كانوا يقدمون المساعدة والدعم، معبرة عن فرحتها إلى جانب صديقاتها بحفاوة الاستقبال الذي خصهم به إمام مسجد القرية الذي أقام لهن وجبة غذاء بمنزله احتفاءا وامتنانا بما يقمن به لصالح سكان القرية.

في مقابل هذا الاجماع على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، لمسنا في موقع "الصحيفة" ترددا في قراءة أبعاد تدوينة المستشار البرلماني الذي انتقد لباس الفتيات المتطوعات وشكك في نواياهن، وهو ما عكسه تجنبهن لالتقاط صور جماعية ونشرها على المنصات الاجتماعية.

حالة الارتباك في صفوف المتطوعات بلغت مداها حينما اتصل أفراد من عائلات بعضهن للتأكيد على أن ما صدر عن البرلماني من تصريحات هي موقف رسمي للبرلمان المغربي وأن عليهن العودة إلى بلجيكا في أقرب فرصة، فيما عبرت أخريات عن إقتناعهن بأن المغرب الآمن الذي عاشوا فيه تجربة إنسانية رائعة، ولمسوا حفاوة استقبال أهله لن يكون إلا نموذجا للتعايش وسمو القيم الانسانية، مشددات على أن المواقف "الشاذة" التي انتقذت لباسهن هي حالات معزولة لا تتعدى شخص واحد أو الاثنين، وأنهن يثقن في المغاربة الذين يلتقون بهن في الأزقة والشوارع، وفي نظراتهم حبا وامتنانا صادقين، وهي نفس القناعة التي تقاسمنها مع عائلاتهن كلما رن هاتف إحداهن للاطمئنان على أحوالهن.

وفي خضم هذا النقاش الذي عرفته مواقع التواصل الاجتماعي والذي اتخذ امتدادا دوليا، اختارت جمعية "مغرب-شباب" النزول إلى الميدان واستضافة الفتيات المتطوعات، حيث برمجت لهن طيلة يومي الخميس/الجمعة 8/9 غشت الجاري برنامجا مكثفا، هـم زيارة أهم معالم ومتاحف مدينة مراكش، إضافة إلى تنظيم لقاءات تواصل وتفاعل مع مجموعة من الشباب عن النسيج المدني "موروكو الغد".

منير أزناي، منسق جمعية "مغرب-شباب" وفي تصريحه للموقع، شدد على أن مبادرة استقبال المتطوعات البلجيكيات هي تجسيد عملي للتوجه العام الذي تبناه المغرب، قيادة وشعبا، ليكون أرض تعايش وسلام، مؤكدا على أنه "لا مجال للتراجع إلى الوراء في هذا المجال، وأن لا أدل على ذلك من حالة الاحتضان العفوي والامتنان والترحيب الذي حضي به وفد المتطوعات البلجيكيات من طرف المواطنات والمواطنين في أزرقة وشوارع مدينة مراكش".

مبادرة استقبال المتطوعات البلجيكيات من طرف جمعية "مغرب-شباب"، اعتبرتها "ألين" تجسيد آخر على ذلك التعايش الانساني الراقي الذي تطمح جمعيتهن إلى تحقيقه في كل بقعة حول العالم، مؤكدة على أنها إلى جانب صديقاتها، عازمات على زيارة المغرب في أقرب فرصة ممكنة لاستكمال بناء هذه العلاقات الانسانية وفي نفس الوقت المشاركة في أوراش تطوعية أخرى.

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...