انقطاع التيار الكهربائي في "الرباط سانتر" يوقف المصاعد وفضاءات المطاعم وتسليم الطلبات ويتسبب في خسائر مالية للمتاجر
لم يكن مساء أمس الأربعاء عاديا داخل "الرباط سانتر"، ثاني أكبر مركز تجاري في المغرب، إذ عرف توقفا جديدا في التيار الكهربائي استمر لساعات بعد انقطاعات سابقة شهدها المركز خلال الأيام القليلة الماضية ما أثار ارتباكا في صفوف الزوار وتذمرا وسط عدد من أرباب المحلات التجارية، بعدما توقفت الحركة التجارية بشكل كلي وغابت الإنارة، فتعذرت مختلف المعاملات الإلكترونية، فيما أكدت الشركة المشرفة على تدبير المركز في توضيح رسمي لـ"الصحيفة" أن هذه الانقطاعات كانت محدودة زمنيا، ومرتبطة بأشغال خارجية تُنجز في محيط المركز، ولا علاقة لها بالبنية التحتية أو التجهيزات التقنية الخاصة به.
الانقطاع المفاجئ الذي دام لساعات، أثار ارتباكا واسعا بين رواد المركز ومستخدميه، حيث توقفت المحلات عن العمل، واضطرت معظم العلامات التجارية إلى إغلاق أبوابها مؤقتا فيما توالت ردود الأفعال الغاضبة، خاصة من أرباب المحلات الذين عبّروا في تصريحات مختلفة لـ "الصحيفة" عن استيائهم من الخسائر التي يتكبدونها مع كل توقف كهربائي، في مركز تجاري يعد الآكبر في العاصمة الرباط.
بعض أرباب المحلات التجارية ممن تواصلت معهم "الصحيفة"، أكدوا أيضا أن الانقطاع تكرر مرارا في غضون الأسبوع الجاري وذلك في ظرف زمني ضيق ما ألحق أضرارا مهمة بأنشطتهم، خاصة المحلات التي تعتمد على أنظمة التبريد والعرض الرقمي، كما أن الزوار بدورهم أبدوا استغرابهم من انقطاع الكهرباء في مركز حديث التجهيز، يضم عشرات العلامات التجارية العالمية، ويُفترض أن يشتغل وفق أعلى المعايير التقنية.
المشهد في "الرباط سانتر" عشية أمس الأربعاء، ووفق ما عاينته "الصحيفة" استمر لقرابة ساعتين في بعض المحلات، إذ لم يكن من الممكن تفعيل أي معاملة تجارية أو استخدام وسائل الأداء الإلكتروني، فحتى المصاعد توقفت، وفضاءات المطاعم أوقفت تسليم الطلبات مؤقتا، بينما اضطرت بعض المحلات إلى إغلاق أبوابها قبل الوقت المعتاد، وقد كان الوضع مربكا لا سيما أن "الرباط سانتر" يُعد من أكثر المراكز التجارية حركية في العاصمة، ويقع في حي أكدال الذي يعرف تدفقا مستمرا من المتسوقين.
وفي هذا الإطار، بادرت "الصحيفة" للتحقق من خلفيات ما وقع، فراسلت الجهة المكلفة بتدبير المركز، ويتعلق الأمر بشركة "إيوان"، التابعة لصندوق الإيداع والتدبير، وذلك من أجل الحصول على توضيح رسمي بشأن هذه الانقطاعات المفاجئة، وتقديم معطيات دقيقة تطمئن الزوار والفاعلين التجاريين حول سلامة البنية التحتية للمركز.
وفي رد توصلت به الجريدة، أوضحت شركة "إيوان" أن العطب المسجل خارج عن نطاق تجهيزات المركز، ولا علاقة له ببنيته الداخلية، مؤكدة أن "انقطاعات التيار الكهربائي التي شهدها المركز التجاري 'الرباط سانتر' خلال الأيام الماضية، كانت محدودة زمنيا، ونتجت عن أشغال خارجية تُنجز في محيط المركز، دون أن تكون لها علاقة مباشرة بالبنية التحتية أو التجهيزات التقنية الخاصة بالمركز".
كما أبرزت الجهة المدبرة للمشروع أن إدارة المركز "تفاعلت مع الوضع بشكل فوري ومسؤول، حيث تم اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان استمرارية الخدمات داخل المركز، ومواكبة المحلات التجارية التي تأثرت مؤقتاً بهذه الانقطاعات".
وأضافت "إيوان" أن "الوضع حاليا مستقر وتحت المراقبة التقنية المستمرة، ويتم تتبعه بتنسيق مع الجهات المعنية بالأشغال المجاورة"، مشددة في السياق ذاته على أن "مرافق المركز تشتغل بشكل طبيعي، ولم يتم تسجيل أي خلل داخلي يؤثر على البنية التقنية أو التشغيلية للموقع"، كما جددت "إدارة الرباط سانتر تواصل التزامها بضمان جودة الخدمات وسلامة التجربة داخل فضاءات المركز".
التوضيح وضع حدا للتأويلات التقنية التي راجت داخل المركز بعد الحادث، وقدم صورة دقيقة عن كون ما جرى يعود إلى أشغال جارية في محيط المشروع، بعيدا عن منشآته الداخلية وتجهيزاته التقنية الخاصة، بيد أنه ورغم هذا الطارئ، فإن "الرباط سانتر" يظل مشروعا من أبرز المشاريع العقارية والاستثمارية التي شهدتها العاصمة في السنوات الأخيرة، من حيث الضخامة الهندسية وتنوع المرافق.
المركز، الذي افتتح رسميا في 20 نونبر 2019، يُعد ثاني أكبر مركز تجاري في المغرب بعد "موروكو مول"، وقد استغرق إنجازه سنوات من العمل بكلفة مالية بلغت حوالي 2.4 مليار درهم، بتمويل من صندوق الإيداع والتدبير.
ويمتد المشروع على مساحة تناهز 45 ألف متر مربع، ويضم ثلاثة طوابق مخصصة للتسوق والترفيه، تتوزع على حوالي 150 نقطة بيع تمثل علامات وطنية وعالمية في مجالات الأزياء، الإلكترونيات، مستحضرات التجميل، المطعمة، وألعاب الأطفال، بالإضافة إلى مرافق موازية تمنح المركز أبعادًا مركبة تجارية وسياحية ومهنية.
كما يتضمن المشروع حوالي 30 ألف متر مربع من المساحات المكتبية الحديثة، موزعة على 11 بناية مجهزة، تستضيف شركات كبرى ومكاتب تمثيلية لمؤسسات متعددة الجنسيات، ويضم المركز كذلك مركبا سينمائيا "ميغاراما" مكونًا من 11 قاعة عرض بطاقة استيعابية تقارب 1400 مقعد، إلى جانب مركز للمؤتمرات يتسع لـ500 مقعد، ومجموعة من فضاءات المطعمة السريعة والمقاهي.
أما المربد فيمتد على طابقين، ويتسع لحوالي 1900 عربة، وهو ما يسهل عملية الولوج إلى المركز دون اكتظاظ. ويحتضن المشروع أيضًا فندقًا من فئة خمس نجوم تابعًا لسلسلة "ماريوت" العالمية، بطاقة استيعابية تصل إلى 186 غرفة، أنجز من طرف شركة "مضائف"، فرع مجموعة صندوق الإيداع والتدبير المختص في الاستثمار الفندقي.
وكان الإشراف على المشروع منذ انطلاقته تحت مسؤولية "الوكالة العقارية شالة"، قبل أن ينتقل سنة 2023 إلى إشراف شركة "إيوان"، التي تم تأسيسها في أكتوبر 2023، إثر عملية دمج بين "شالة العقارية" و"إيوان للأصول" التي أُنشئت سنة 2005، وتُعد "إيوان" اليوم فاعلا وطنيا رئيسيا في مجال الإيجار العقاري المهني، وتسهر على تدبير محفظة عقارية متنوعة تغطي مختلف جهات المملكة.
وتسعى "إيوان"، وفق مصادر مسؤولة تحدثت لـ"الصحيفة"، إلى ترسيخ "الرباط سانتر" كأحد أبرز مشاريعها النموذجية، نظرا لموقعه الاستراتيجي في قلب العاصمة، وتنوع مرافقه، وجاذبيته لدى المواطنين والسياح على السواء فالمركز لا يضم فقط فضاءات التسوق، بل يشكل نقطة تقاطع بين الدينامية التجارية، والاستثمار الإداري، والخدمات الفندقية، ضمن رؤية متكاملة لخلق قطب حضري مندمج.
ورغم ما شهده من ارتباك عارض، فإن "الرباط سانتر" واصل اشتغاله بوتيرة عادية، واستأنفت المحلات أنشطتها بشكل سريع، وسط إجراءات لوجستيكية وتقنية متواصلة لضمان استقرار الخدمات ويمثل هذا المشروع واجهة استثمارية كبرى في العاصمة، وركيزة استراتيجية في خارطة تطوير المراكز الحضرية المتعددة الوظائف بالمغرب.