بسبب أجندة "أمريكا أولا" التي تتضمن حل نزاع الصحراء.. ترامب يتجه لتعيين سفراء جدد يحملون توجهاته السياسية في عدد من البلدان من ضمنها الجزائر
تتجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إعادة تشكيل واسعة للتمثيل الدبلوماسي الأمريكي في عدد من دول العالم، في إطار تنزيل عملي لأجندة "أمريكا أولا"، التي باتت تشمل، بشكل واضح، ملفات جيوسياسية حساسة من بينها نزاع الصحراء الذي ترغب واشنطن لإنهائه وفق مقترحها الذي تبناه مجلس الأمن الدولي في 31 أكتوبر الماضي أو ما يُعرف بقرار"2797".
وفي هذا السياق، أنهت الولايات المتحدة مهام سفيرتها لدى الجزائر، إليزابيث مور أوبن، ضمن قرار جماعي شمل سحب عشرات السفراء والدبلوماسيين المهنيين، في خطوة تعكس رغبة البيت الأبيض في تعيين ممثلين دبلوماسيين ينسجمون سياسيا مع توجهات الرئيس ترامب وخياراته الاستراتيجية.
ووفق ما أوردته وكالة "أسوشيتد برس"، نقلا عن مصادر في وزارة الخارجية الأمريكية، فإن إدارة ترامب قررت استبدال عدد من السفراء الذين جرى تعيينهم خلال عهد الرئيس السابق جو بايدن، بشخصيات أقرب إلى الخط السياسي الجديد، خاصة في الدول التي تُعد مفصلية في حسابات واشنطن الإقليمية.
ويأتي سحب السفيرة الأمريكية من الجزائر في توقيت بالغ الحساسية، تزامنا مع تحركات أمريكية مكثفة تهدف إلى إعادة ضبط التوازنات في منطقة شمال إفريقيا، ومحاولة الدفع نحو تهدئة التوتر المزمن بين الرباط والجزائر، باعتباره أحد العوائق الرئيسية أمام الاستقرار الإقليمي، وعوائق حل نزاع الصحراء أيضا.
وتُعد الجزائر من بين الدول التي ترغب إدارة ترامب في إعادة صياغة مقاربتها الدبلوماسية تجاهها، عبر تعيين سفير يحمل تفويضا سياسيا أوضح، وقادرا على تمرير رسائل مباشرة تتعلق بملف الصحراء ومسار العلاقات الإقليمية، خاصة أن واشنطن أعلنت مؤخرا رغبتها في تحقيق "اختراق دبلوماسي" في العلاقات بين المغرب والجزائر.
وفي خلفية هذا التوجه، يبرز ملف الصحراء المغربية كأحد المحاور الأساسية في السياسة الخارجية الأمريكية الحالية، حيث أكدت واشنطن، في أكثر من مناسبة، اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، واعتبار مبادرة الحكم الذاتي الإطار الوحيد الجاد والواقعي لتسوية النزاع.
وفي تصريح رسمي سابق لـ"الصحيفة إنجليزية"، شدد مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية على أن إدارة ترامب، ووزير الخارجية ماركو روبيو، يدعوان إلى مفاوضات دون تأخير لحل نزاع الصحراء في إطار مقترح الحكم الذاتي، وجددا التأكيد على دعم الحكم الذاتي المغربي.
وأوضح المسؤول ذاته أن الولايات المتحدة تسعى إلى تسهيل التقدم نحو حل نهائي للنزاع، منسجم مع أولويات "أمريكا أولًا"، بما في ذلك تقييم دور بعثة “المينورسو” ومدى مساهمتها في دفع العملية السياسية وفق الرؤية الأمريكية الجديدة.
وفي هذا السياق، يُقرأ سحب السفيرة الأمريكية من الجزائر باعتباره جزءا من إعادة تموضع دبلوماسي أوسع، يهدف إلى ممارسة ضغط سياسي ناعم على الجزائر، ودفعها إلى التعاطي مع الطرح الأمريكي الجديد بخصوص الصحراء.
ويُعتقد أن تعيين سفير أمريكي جديد في الجزائر، يحمل تفويضا سياسيا صريحا من إدارة ترامب، قد يكون مدخلا لمحاولة كسر الجمود في العلاقات المغربية-الجزائرية، أو على الأقل تقليص هامش المواجهة الدبلوماسية حول ملف الصحراء.
كما أن هذه الخطوة تأتي بعد أسابيع من حلول السفير الأمريكي الجديد لدى الرباط، ديوك بوكان الثالث، الذي يُعد أحد أبرز الدبلوماسيين الأمريكيين المؤمنين بالتوجهات السياسية لدونالد ترامب، وخاصة أجندة "أمريكا أولا"، والتي تتضمن حل نزاع الصحراء في إطار الحكم الذاتي المغربي.




