بعد إعلان قيام "جمهورية القبائل" من باريس.. البرلمان الجزائري يناقش مقترح "تجريم" الاستعمار الفرنسي

 بعد إعلان قيام "جمهورية القبائل" من باريس.. البرلمان الجزائري يناقش مقترح "تجريم" الاستعمار الفرنسي
الصحيفة - إسماعيل بويعقوبي
الأربعاء 17 دجنبر 2025 - 9:00

يستعد البرلمان الجزائري، الأسبوع المقبل، لمناقشة مقترح قانون يقضي بـ"تجريم الاستعمار الفرنسي" للجزائر خلال الفترة الممتدة بين 1830 و1962، في خطوة تعيد إلى الواجهة أحد أكثر الملفات حساسية في العلاقة بين البلدين، وتأتي في سياق دبلوماسي مشحون، شهد خلال الأشهر الأخيرة تراجعا نسبيا في حدته قبل أن يعاود التصعيد من جديد.

وأفاد المجلس الشعبي الوطني، الغرفة الأولى في البرلمان الجزائري، أن جلسة علنية خُصصت لمناقشة المقترح ستُعقد يوم 21 دجنبر الجاري، وستتضمن تقديم مشروع القانون والتقرير التمهيدي المرتبط به، إلى جانب مداخلات رؤساء المجموعات البرلمانية الممثلة داخل المجلس.

وبحسب البيان ذاته، فإن هذه الجلسة تُعدّ الأولى من نوعها التي يُدرج فيها مقترح قانون يتعلق بـ"تجريم الاستعمار الفرنسي" للنقاش العلني داخل البرلمان، بعد مبادرات سابقة لم يكتب لها أن تبلغ هذه المرحلة، رغم تداولها في سياقات سياسية متقاربة.

وتولّت لجنة برلمانية خاصة، تضم سبعة نواب، ستة منهم يمثلون مختلف الكتل البرلمانية داخل المجلس الشعبي الوطني، إضافة إلى نائب مستقل، صياغة مقترح القانون، تحت إشراف مباشر من رئاسة البرلمان الجزائري، حيث كان رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، قد أشرف على تنصيب هذه اللجنة في 23 مارس الماضي، معتبراً أن المبادرة تعكس "إجماعاً سياسياً وطنياً" حول ضرورة مقاربة هذا الملف، في ما وصفه بـ"تكريم ذاكرة أجيال المقاومة وثورة التحرير".

ومن المنتظر، وفق البرنامج البرلماني المعلن، أن يُعرض مقترح قانون "تجريم الاستعمار" على التصويت في جلسة 24 دجنبر الجاري، إلى جانب عدد من النصوص التشريعية الأخرى، حيث يهدف المشروع، وفق مضامينه، إلى تسليط الضوء على ما يعتبره واضعوه من أحلك فصول التاريخ الاستعماري للجزائر، ومن بينها قضية تعذيب وقتل المحامي علي بومنجل، التي ظلت فرنسا تصنفها لعقود كحالة انتحار.

كما يتضمن المقترح إشارات إلى وقائع تاريخية، من بينها ما يُعرف بـ"محرقة جبال الظهرة" سنة 1845، حيث أُحرق مئات الجزائريين داخل الكهوف، ومجازر 8 ماي 1945 التي خلفت، وفق الرواية الجزائرية، أكثر من 45 ألف قتيل، إضافة إلى استخدام الأسلحة البيولوجية في الأغواط عام 1852، والتجارب النووية التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية، وما خلّفته من آثار إشعاعية طويلة الأمد.

ورغم الطابع الرمزي والسياسي القوي للمقترح، فإن نصه، بحسب المعطيات المتوفرة، لا يحدد في صيغته الحالية عقوبات مباشرة أو آليات تنفيذية تُلزم فرنسا قانونيا، وهو ما يترك الباب مفتوحا أمام نقاشات موسعة داخل البرلمان وخارجه حول مآلات المشروع وحدوده العملية.

وليست هذه المحاولة الأولى لطرح قانون من هذا النوع في الجزائر، إذ تعود أولى المبادرات إلى عام 2005، كرد فعل على صدور قانون فرنسي أشاد بـ"الدور الإيجابي للاستعمار"، غير أن تلك المبادرة لم تبلغ مرحلة الاعتماد، وفي مارس الماضي، أعاد البرلمان الجزائري إحياء الملف عبر تنصيب لجنة خاصة لصياغة مقترح جديد، خلال يوم برلماني خُصص حصرياً لهذه القضية.

وتأتي هذه الخطوة التشريعية في وقت تمر فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية بحالة من التذبذب الحاد، بين انفراجات محدودة وتصعيد متكرر، فقد شهدت حدة التوتر تراجعا نسبيا عقب الإفراج عن الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال وترحيله إلى فرنسا بوساطة ألمانية.

غير أن هذا الهدوء لم يدم طويلا، إذ عادت الأجواء المشحونة لتخيّم على العلاقة الثنائية بعد تثبيت الحكم الصادر في الجزائر بحق الصحافي الفرنسي كريستوف غليز، إلى جانب إعلان حركة تقرير المصير في منطقة القبائل "الماك"، من العاصمة الفرنسية باريس، قيام ما تسميه "جمهورية القبائل" في 14 دجنبر الجاري، وهو ما زاد من تعقيد المشهد السياسي والدبلوماسي.

وكانت الأزمة الأحدث بين البلدين قد تفجرت صيف 2024، عقب اعتراف باريس بسيادة المغرب على الصحراء، في رسالة بعثها الرئيس إيمانويل ماكرون للملك محمد السادس، ما دفع الجزائر إلى استدعاء سفيرها من فرنسا وإلغاء زيارة كانت مرتقبة للرئيس عبد المجيد تبون إلى باريس.

 ومنذ ذلك الحين، تبادل الطرفان تصريحات متشددة، من دون أن تفضي إلى اختراق دبلوماسي ملموس، رغم استمرار العلاقات التجارية، وإن بوتيرة متراجعة، خاصة بعد استبعاد الشركات الفرنسية من مناقصات جزائرية استراتيجية، من بينها استيراد القمح.

وفي مارس الماضي، لمح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى إمكانية فتح صفحة جديدة في العلاقة مع باريس، معبّرا عن استعداده للحوار مع نظيره الفرنسي، رغم ما وصفه بـ"لحظات سوء فهم" شابت العلاقات الثنائية، غير أن تطورات الأسابيع الأخيرة أعادت مناخ التوتر إلى الواجهة، في ظل تداخل الملفات التاريخية والسياسية والحقوقية.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...