بعد دعوة الملك لعدم نحر الأضاحي هذه السنة.. وزارة الفلاحة تستعين بالداخلية في معركتها لمنع ذبح إناث المواشي
خطت الحكومة المغربية خطوة جديدة بشأن حماية ما تبقى من القطيع الوطني، بعد الرسالة الملكية التي تهيب بالمواطنين عدم القيام بشعيرة نحر الأضاحي خلال عيد الأضحى المقبل، إذ أصدرت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، مذكرة مشتركة رفقة وزارة الداخلية، تمنع بموجبها بشكل نهائي نحر إناث المواشي.
الوثيقة الموقعة من لدن الوزيرين أحمد البواري وعبد الوافي لفتيت، لا يقتصر مضمونها على منع ذبح الإناث من الأغنام والماعز خلال عيد الأضحى المقبل فقط، بل أيضا في سائر الأيام، وهو القرار الذي يمتد تطبيقه لمدة سنة، في إجراء يؤكد اختيار الحكومة تشديد إجراءاتها في مواجهة التراجع المهول لتعداد رؤوس الماشية.
استنفار للولاة ولمسؤولي الفلاحة
وأوردت المذكرة الصادرة بتاريخ أمس الأربعاء 19 مارس 2025، أن توالي سنوات الجفاف التي شهدها المغرب، والتي أثرت، من بين أمور أخرى، على إنتاجية القطيع الوطني من الأغنام والماعز، وأدت إلى انخفاض أعداده بنسبة 38 في المائة مقارنة بسنة 2016، دفع بعض مربي المواشي إلى تقليص أعداد قطعانهم عبر ذبح الإناث المنتجة من الأغنام والماعز، مما قد يهدد مستقبل نشاط تربية الماشية، مشيرة أيضا إلى جانب ارتفاع أسعار السوق وأعلاف الماشية.
المراسلة الموجهة إلى ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم وعمالات المقاطعات، وأيضا إلى المدير العام للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، والمدراء الجهويين والإقليميين للفلاحة، أوردت أنه من أجل التحكم بشكل أفضل في مؤشرات تطور هيكلة القطيع، وتحسين آليات إعادة تكوين القطيع الوطني من الأغنام والماعز، قررت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزارة الداخلية، منع ذبح إناث الأغنام والماعز.
وتابعت الوثيقة التي تتوفر "الصحيفة" على نسخة منها، أنه تم وضع خطة عمل مشتركة لهذا الغرض، ترتكز على ضبط ومنع ذبح إناث المواشي على مستوى المجازر الوطنية، باستثناء الإناث الموجهة للذبح لأسباب صحية أو تقنية، كأن تكون غير ولودة أو متقدمة في السن، وهو الإجراء الذي الذي يستثني أيضا الإناث المستوردة والموجهة للتسمين أو الذبح.
وتشمل خطة وزارتي الفلاحة والداخلية مجموعة من الإجراءات في مقدمتها تنفيذ قرار منع ذبح إناث الأغنام والماعز، مع منع دخولها إلى المجازر، وتحسيس الفاعلين في قطاع اللحوم الحمراء بقرار منع ذبح إناث الأغنام والماعز.
وشددت الوثيقة على "الأهمية البالغة" لتنفيذ هذا القرار، بتنسيق مع السلطات المحلية والجماعات الترابية المعنية، التي يجب أن تقوم بإبلاغ وتحسيس تجار اللحوم بقرار منع الذبح، إلى جانب المصالح البيطرية التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
وأوردت الدورية المشتركة أن مضمونها يدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من تاريخ توقيعها، وتظل سارية حتى نهاية شهر مارس 2026، مضيفة أنه بالنظر لأهمية عملية منع ذبح هذه الإناث المنتجة من الأغنام والماعز، فإن الولاة وعمال العمالات والأقاليم وعمالات المقاطعات، والمدير العام للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، والمديرون الجهويون للفلاحة، مكلفون، كلٌّ فيما يخصه، بالتطبيق الصارم لمقتضياتها.
مراقبة داخل المجازر
تعتبر هذه الخطوة نزيلا لما كشف عنه وزير الفلاحة أحمد البواري، بداية الأسبوع الجاري، بخصوص تصدي الحكومة لعمليات ذبح إناث المواشي، باعتماد عدد من الإجراءات ذات الطابع الاستعجالي، في أفق سن قانون ينظم القطاع برمته، وذلك بعد أسابيع على قرار الملك محمد السادس إلغاء شعيرة نحر الأضاحي هذه السنة.
البواري أوضح، في حوار مع جريدة "الصباح"، نشر مضامينه أيضا الموقع الرسمي لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي ينتمي إليه، أنه تم الشروع، ابتداء من الأسبوع الماضي، في تفعيل قرار منع ذبح إناث الأغنام في المجازر المعتمدة لمرحلة معينة، بينما سيجري التنسيق مع السلطات الأخرى من أجل تفعيل الإجراء نفسه في أماكن الذبح الأخرى إذا كانت موجودة.
وأورد البواري أن مشروع القانون المرتقب الخاص بتربية المواشي، يُنتظر صدوره هذه السنة، لتأطير عمل القطاع وتمكين الدولة من آليات التقنين لبعض المهن الأساسية في السلسلة، مثل التلقيح الصناعي والحفاظ على الإناث والتتبع، مرورا بتحسين النسل والحفاظ على القطيع وغيرها من التدابير الأخرى.
وأشاد المسؤول الحكومي نفسه بالقرار الملكي الذي أهاب بالمواطنين بعدم ذبح الأضاحي في العيد المرتقب، نظرا للظروف الصعبة التي يعيشها قطاع تربية المواشي، وبسبب الجفاف الذي دام 7 سنوات متتالية، وتدهور المراعي، ما أدى إلى تراجع رؤوس الماشية.
تكملة لقرار الملك
وكان الملك محمد السادس، في رسالته بتاريخ 26 فبراير 2025، التي حث فيها المواطنين على عدم القيام بنحر المواشي في عيد الأضحى المقبل، قد أشار إلى أن للأمر علاقة مباشرة بتراجع تعداد القطيع الوطني نتيجة توالي سنوات الجفاف، هي الخطوة التي ظلت المملكة تتفادى اتخاذها خلال السنوات الماضية، ما أدى إلى تسجيل أرقام قياسية في أسعار الأضاحي العام الماضي.
وجاء في رسالة العاهل المغربي، التي تولى قراءتها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق عبر القناة الأولى، "إن حرصنا على تمكينكم من الوفاء بهذه الشعيرة الدينية في أحسن الظروف، يواكبه واجب استحضارنا لما يواجه بلادنا من تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية. ولهذه الغاية، وأخذا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى هو سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود".
وأهاب الملك محمد السادس بأن يتم إحياء عيد الأضحى "وفق طقوسه المعتادة ومعانيه الروحانية النبيلة وما يرتبط به من صلاة العيد في المصليات والمساجد وإنفاق الصدقات وصلة الرحم، وكذا كل مظاهر التبريك والشكر لله على نعمه مع طلب الأجر والثواب"، في حين سيتولى العاهل المغربي ذبح كبشين نيابة عن الشعب استحضار للسنة النبوية، وفق منطوق الرسالة.





تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :