بين إسبانيا وروسيا.. هل تبحث فرنسا عن موقع في الخريطة المستقبلية للصيد البحري بالسواحل المغربية؟
لم تشأ فرنسا أن تكون مشاركتها في الدورة السابعة لمعرض "أليوتيس" الدولي في أكادير، عاديةً، فباريس، التي كانت من بين الدول المُعلِنة عن دعم الشراكات الاقتصادية مع المغرب، إثر قرار محكمة العدل الأوروبية بإبطال الاتفاقيات المتعلقة بالصيد البحري والفلاحة، بدت وكأنها تبحث عن موطئ قدم وسط منافسةٍ تبرز فيها إسبانيا وروسيا بالدرجة الأولى.
وحلت فرنسا بالمعرض الدولي الخاص بقطاع الصيد البحري، الذي أُسدل عليه الستار أمس الأحد، ممثلةً بعشرات العارضين، وبسفيرها في الرباط كريستوف لوكورتيي، الذي اجتمع برئيس الحكومة عزيز أخنوش، في مقدمةِ مجموعة من المسؤولين المغاربة الذين جالسهم، مؤكدًا أن بلاده تنوي أن تجد لها مساحة أكبر في هذا القطاع مستقبلا.
20 شركة في المغرب
حضرت فرنسا إلى معرض "أليوتيس" باعتبارها ضيف شرف الدورة السابعة، ووفق ما كشف عنه السفير لوكورتيي، فإن بلاده كانت ممثلة بـ20 شركة، في حين أن إجمالي العرضين، وفق ما أوردته كاتبة الدولة المغربية المكلفة بالصيد البحري، كان هو 500 عارض من 54 بلدا، عوض 350 من 39 بلدا الذين حضروا الدورة السابقة.
وظهر السفير الفرنسي في اجتماعٍ مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، إثر زيارتهما للرواق الفرنسي في "أليوتيس"، لكن أيضا كان لكورتيي اجتماعٌ ثنائي مع كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، وفق ما أعلنت عنه السفارة الفرنسية.
ووفق لوكورتيي، فإن بلاده تعتبر أن المغرب "فاعلٌ رئيسي" في مجال الصيد البحري، كما أنه "يحمل صوت القارة الإفريقية والعديد من دول الجنوب، من خلال تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف بشكل واسع"، مبرزا أن الشركات الفرنسية تعرض "حلولا وابتكارات لدعم تطوير الاقتصاد الأزرق في المملكة".
الصحراء.. كلمة السر
يبدو أن الاهتمام الفرنسي بقطاع الصيد البحري في المغرب أمر حديث، إذ لا نجدُ، مثلاً، ضمن قائمة الـ22 اتفاقية التي وقعها المسؤولون المغاربة والفرنسيون، أمام أنظار الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارة هذا الأخير إلى الرباط أواخر أكتوبر الماضي، أي واحدة تتعلق بهذا المجال.
إلا أن فرنسا، كانت من بين الدول التي أبدت مساندتها للمغرب بعد قرار محكمة العدل الأوروبية، القاضي بإلغاء الاتفاقيات التجارية مع المغرب التي تشمل أقاليم الصحراء، بما فيها اتفاق الصيد البحري، إذ أعلنت، من خلال وزارة أوروبا والشؤون الخارجية، أنها "متشبثة بالشراكة الاستثنائية" مع المملكة، معتبرة أنها ذات طابع "استراتيجي".
هذا الموقف أتى بعد رسالة ماكرون إلى الملك محمد السادس، في 30 يوليوز 2024، والتي تزامنت مع الذكرى الخامسة والعشرين لجلوس العاهل المغربي على العرش، وفيها فتح الرئيس الفرنسي الباب أمام حضور اقتصادي أوسع لبلاده في المغرب بما يشمل الصحراء، المنطقة التي قال إن باريس تعتبر أن حاضرها ومستقبلها يندرجان ضمن سيادة الرباط.
منافسة مع إسبانيا وروسيا
تعد فرنسا إحدى الدول الـ10 التي كانت مستفيدة من اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، والتي كانت تشمل الأقاليم الصحراوية، إذ كانت سفنا من بين 128 سفينة معنية بحق الصيد في السواحل المغربية من منطقة كاب سبارتيل في طنجة إلى شبه جزيرة الكويرة، إلى جانب إسبانيا وألمانيا وإيطاليا والبرتغال وهولندا وبولندا ولاتفيا وليتوانيا وجمهورية أيرلندا.
إلا أن الحضور الفرنسي كان محدودا جدا بالمقارنة مع جارتها إسبانيا، التي ظلت تتوفر لوحدها على 92 سفينة، وهو ما يُفسر تصدر مدريد لواجهة المدافعين على استمرار الشراكة مع المغرب بما يشمل منطقة الصحراء، في ظل الضغط الممارسة عليها من طرف الفاعلين في مجال الصيد البحري بأقاليم الأندلس وغاليسيا والكاناري، لإبرام اتفاقية مباشرة مع الرباط، لإنهاء العَطالة التي يعيشونها.
وإذا كانت إسبانيا محكومة بضوابط الاتحاد الأوروبي، فإن فرنسا قد تنظرُ إلى منافسَة أخرى أكثر حدة، قادمة من روسيا، البلد الذي مدد، في أكتوبر الماضي، اتفاقيته مع المغرب التي تم توقيعها سنة 2020 والتي تشمل سواحل الصحراء، إلى غاية نهاية 2024، لإتاحة المجال أمام المفاوضات الجارية بين حكومتي البلدين من أجل توقيع اتفاق جديد، والمتوقع أن يتم الحسم فيها في فبراير الجاري، وفق ما كشفت عنه وسائل إعلام روسية.




