بين التبرير للعثماني والهجوم على الخارجية.. ألم يعد بنكيران مقتنعا بأن موضوع العلاقات مع إسرائيل بيد الملك؟

 بين التبرير للعثماني والهجوم على الخارجية.. ألم يعد بنكيران مقتنعا بأن موضوع العلاقات مع إسرائيل بيد الملك؟
الصحيفة من الرباط
الأثنين 8 غشت 2022 - 16:23

عجل رئيس الحكومة الأسبق، عبد الإله ابن كيران، باستدعاء لجنة العلاقات الخارجية لحزب العدالة والتنمية، بصفته الأمين العام للحزب، بعد البيان الأخير لوزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج حول العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، حيث صب بلاغ اللجنة جام غضبه على الوزارة باعتبارها لم تُدن الهجوم الإسرائيلي، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان خطابا سابقا لابن كيران دافع فيه بشدة على سعد الدين العثماني حين وقع الاتفاق الدبلوماسي الثلاثي أواخر سنة 2020.

ويدفع الموقف الذي أعرب عنه "البيجيدي"، والذي وصف لغة بيان الخارجية المغربية بـ"التراجعية" وطالبها باستخدام عبارات مباشرة لتوصيف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة وإعلان الدعم الصريح للفلسطينيين، (يدفع) إلى المقارنة بينه وبين ما صدر عن ابن كيران يوم 23 دجنبر 2020، حين كان العثماني رئيسا للحكومة وجالس مائير بن شبات مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، وجاريد كوشنير كبير مستشاري الرئيس الأمريكي وقتها دونالد ترامب، لتوقيع اتفاق عودة العلاقات الدبلوماسية بالقصر الملكي بالرباط في حفل ترأسه الملك محمد السادس.

ويومها انتقد ابن كيران بشدة دعوات صادرة عن أعضاء حزبه لإقالة العثماني وأورد "ليس هذا هو الحزب الذي أعرفه، إننا حزب مؤسسات، والمؤسسات تجتمع في الوقت المناسب وتتناقش"، وأضاف أن الحزب اليوم "ليس حزبا سياسيا عاديا، بل هو حزب يترأس الحكومة منذ 2011 أي أنه عضو أساسي في بنية الدولة التي يترأسها الملك، والذي يتخذ القرار في مثل هذه القضايا المصيرية والسيادية"، مشددا على أنه "لا يمكن أن نتصرف تصرفات تدفع للاعتقاد بأننا خذلنا الدولة في قضية حرجة".

ومضى ابن كيران أبعد من ذلك، حين أبرز أن الأمر يتعلق بـ"مصالح الدولة العليا"، وأن هذه المرحلة تتطلب "التند خلف الملك"، وقال إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "كبير جدا ولا يُتخيل مدى حجمه"، وأضاف "كنت رئيسا للحكومة ولكن لا أتدخل في قضية الصحراء إلا بإذن الملك لأنها قضية سيادية فيها معركة دامت أكثر من 40 سنة"، تابع "نحن كحزب سياسي قادم من الحركة الإسلامية ثقافتنا هي أننا ضد التطبيع" لكنه أردف لكنه في المقابل أن "المغرب ليس هو دولة أخرى وخطواته محددة ومضبوطة والقرارات بيد الملك"، مثمنا دعم الأمانة العامة للعثماني ومساندتها الصريحة للخطوات الملكية.

وعلى العكس من ذلك، لم يجد حزب العدالة والتنمية أي "مبرر" لبيان الخارجية الذي وصفته بـ"المتأخر" وعبرت اللجنة التي اجتمعت يوم أمس الأحد عن أسفها لما وصفته "اللغة التراجعية لبلاغ وزارة الخارجية الذي خلا، على غير العادة، من أية إشارة إلى إدانة واستنكار العدوان الاسرائيلي ومن الإعراب عن التضامن مع الشعب الفلسطيني والترحم على شهدائه، بل وخلا أيضا من أية إدانة لاقتحام الصهاينة لباحات المسجد الأقصى المبارك".

وقالت اللجنة إنها تستغرب كون البلاغ المذكور "ساوى بين المحتل والمعتدي الإسرائيلي والضحية الفلسطيني،  وهو يصف ما تتعرض له غزة بـ"الاقتتال والعنف"، مضيفا أن الأمر "يتعلق بالقتل والتقتيل الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني"، وتابع أن ذلك يعني "الهروب من إدانة المعتدي، وهو موقف غريب لا يشرف بلدنا، في الوقت الذي  عبرت فيه مجموعة من الدول العربية والإسلامية الشقيقة عن مواقف واضحة في تحميل المسؤولية للاحتلال الإسرائيلي وإدانة عدوانه الإجرامي"، على حد تعبيرها.

ووجه "البيجيدي" خطابه للجنة القدس التي يرأسها الملك أيضا، موردا أن الهدف العام من تأسيس هذه اللجنة التي تشكلت بقرار من منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد بفاس سنة 1975، كان هو "حماية القدس من المخططات والمؤامرات الصهيونية لتهويد القدس، ولا يمكن لبلدنا الذي يرأس لجنة القدس في شخص الملك، إلا أن يكون سباقا للدفاع عن القدس الشريف وعن الأقصى المبارك".

وقالت الوثيقة "ننبه إلى خطورة الانزلاق في هذا المنحى الذي عبرت عنه لغة بلاغ وزارة الخارجية، والذي لا يليق ببلادنا ومواقفها المشرفة، ولا ينسجم مع مواقف الشعب المغربي الراسخة في دعم القضية الفلسطينية ونصرة الشعب الفلسطيني الشقيق، ونؤكد أن التطبيع، الذي ما فتئ الحزب يعبر عن رفضه له، لا يمكن أن يبرر السكوت عن إدانة العدوان الصهيوني الإجرامي وعدم الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في محنته المستمرة، حيث يتزايد عدد شهدائه وجرحاه جراء هذا الهجوم الغاشم".

وكان بيان صادر عن وزارة الخارجية قد أورد أن المملكة المغربية تتابع بقلق بالغ ما تشهده الأوضاع في قطاع غزة من تدهور كبير، نتيجة عودة أعمال العنف والاقتتال وما خلفته من ضحايا وخسائر في الأرواح والممتلكات، مضيفا أن أن المملكة التي يرأس عاهلها الملك محمد السادس، لجنة القدس، تدعو إلى تجنب مزيد من التصعيد واستعادة التهدئة لمنع خروج الأوضاع عن السيطرة وتجنيب المنطقة مزيدا من الاحتقان والتوتر الذي يقوض فرص السلام.

وأكدت وزارة الخارجية في بلاغها أن المملكة المغربية أنها تجدد مواقفها الثابتة والداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، وتؤكد أن الحل المستدام للصراع بين الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل في أمن وسلام.

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...