تنافس إسباني فرنسي على صفقة تعزيز خطوط القطار السريع في المغرب.. ومدريد تراهن على الأزمة بين الرباط وباريس لتعزيز تموقعها الاقتصادي

 تنافس إسباني فرنسي على صفقة تعزيز خطوط القطار السريع في المغرب.. ومدريد تراهن على الأزمة بين الرباط وباريس لتعزيز تموقعها الاقتصادي
الصحيفة - خولة اجعيفري
الجمعة 26 ماي 2023 - 14:55

من المتوقع أن تحتدم المنافسة بين باريس ومديد، للظفر بصفقة مخطط تعزيز السكك الحديدية الرامي إلى رفع عدد المدن المرتبطة بالقطار من 23 حالياً إلى 43 وتعزيز قطارات المملكة في أفق 2040، والتي أطلقها المغرب معبئا لها ميزانية تتجاوز 35 مليون أورو.

وبدأت إسبانيا بالفعل في العمل على محاولة الفوز بالمناقصة التي أطلقها أخيرا، المكتب الوطني للسكك الحديدية "لإجراء دراسات التصاميم الأولية المطلوبة" لهذا المشروع الضخم، الذي دعا إليه الملك محمد السادس في خطاب وجهه في 2019، بمناسبة الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء عندما قال: "إننا ندعو للتفكير، بكل جدية، في ربط مراكش وأكادير بخط السكة الحديدية؛ في انتظار توسيعه إلى بقية الجهات الجنوبية، ودعم شبكة الطرق التي نعمل على تعزيزها بالطريق السريعة، بين أكادير والداخلة".
وتصب الدراسات المذكورة، في الشق المرتبط بالبنية التحتية، الهندسة المدنية، معدات السكك الحديدية، وعمليات القطارات وأنظمة تشغيل السكك الحديدية، الأمر الذي حمّس الشركات الإسبانية في مجال بناء السكك الحديدية والهندسة المدنية والصناعات، مبدية رغبتها الكبيرة في ولوج السوق المغربية، وإنجاز مشاريع في شبكة السكك الحديدية عالية السرعة.

وأكدت مصادر إعلامية إسبانية، اتخاذ شركات بلدها الراغبة في الاستثمار بالمغرب، خطوات جدية لتفعيل آلياتها جنبًا إلى جنب مع الحكومة الإسبانية سيما فيما يخص مشروع الخط السككي السريع ما بين مراكش وأكادير، تفعيلا لأجرأة مخرجات القمة المغربية الإسبانية التي احتضنتها الرباط شهر فبراير الماضي.

وبالمقابل، أبدت الشركات الإسبانية، تخوفها من المنافسة الفرنسية المدعومة بعلاقة تاريخية مع الرباط، خاصة على المستوى التجاري والاستثماري بحيث كانت باريس مسؤولة عن إطلاق أول خط فائق السرعة في البلاد منذ سبع سنوات، والذي تراهن عليه لمحاولة الفوز بعقود أخرى مماثلة داخل المغرب وأيضا على مستوى أفريقيا في مجال السكك الحديدية.

وانطلقت أولى المحادثات بين مدريد والرباط بهذا الخصوص، على هامش القمة الإسبانية المغربية، حيث أبلغت وزارة النقل الاسبانية، نظيرتها المغربية، أنه سيكون هناك العديد من الشركات الوطنية المهتمة بتنفيذ المشاريع المختلفة التي سيتم تطويرها قريبا في المغرب.

وأسفر اجتماع بين وزيرة النقل الاسبانية، راكيل سانشيز والوزراء محمد عبد الجليل (النقل واللوجستيات) ونزار بركة (البنية التحتية والمياه) من الجانب المغربي، وقتها، عن توقيع مذكرة تفاهم بهدف التعاون في مجال النقل، وخاصة في مجال السكك الحديدية وبنيتها التحتية، إلى جانب امتدادات مطارات طنجة ومراكش وأكادير، وتحسينات الموانئ المختلفة وتوسيع شبكاتها والمساعدات الملاحية ومراقبة الحركة البحرية، كما تفتح الاتفاقية الباب أمام التعاون في بناء الخطوط وتشغيل خدمات السكك الحديدية وصيانة المواد والتدريب أو تنفيذ الأنظمة التكنولوجية.

وبهذا تكون الشركات الاسبانية، قد تسلحت بالاتفاق المغربي الاسباني، وعودة الدفء إلى العلاقات منذ سنة عقب التغيير التاريخي في موقف مديد من مغربية الصحراء، لتنافس فرنسا التي بدأت حالة الجمود السياسي والدبلوماسي، تتسرب إلى علاقاتها التجارية والاقتصادية.

وبالإضافة إلى الشركات الإسبانية، فإن الشركات الفرنسية مهتمة أيضًا، بهذه الصفقة، بعدما حشدت الحكومة الفرنسية بالفعل مليار أورو من الائتمان لتمويل أول خط فائق السرعة في المغرب، والذي بدأ العمل في عام 2016، لذا، فإن "المعركة" بين البلدين الأوروبيين لاستمالة المغرب قد بدأت للتو.

من جهة أخرى، يعتزم المغرب بدوره تحويل وتعزيز شبكة السكك الحديدية الخاصة به، معلنا استثمار ما يقرب من 35000 مليون أورو حتى عام 2040.

ويتمثل هدفه في إنشاء 1100 كيلومتر من الخطوط عالية السرعة، من بينها تلك التي ستربط مدينتي القنيطرة والدار البيضاء مع مراكش - والتي من المقرر فيما بعد أن تتوسع إلى أكادير - والمدينة التي سيتم بناؤها بين الرباط ووجدة، وأيضًا شراء مائة قطار لتغطية هذه الخدمات الجديدة.

بالإضافة إلى السرعة العالية، يخطط المغرب أيضًا إضافة 1600 كيلومتر أخرى من الشبكة التقليدية، وربط الشبكة بـ 9 موانئ مع إعادة تأهيل جزء مهم من الشبكة الحالية، وهو ما خصص له بالفعل 2140 مليون أورو من الاستثمارات حتى عام 2025، سيخصص جزء منها لشراء 100 قطار ، على الرغم من أنه سيتعين بناء معظمها على أراضيه بهدف إنشاء صناعة محلية تهتم أيضًا بالصيانة.

وتأتي هذه المستجدات، بعد أشهر على توفيق البنك الأوروبي والمغرب اتفاقية لتجديد تهم البنى التحتية للسكك الحديدية في المملكة بقيمة 200 مليون أورو (2.1 مليار درهم)، وهي الأولى ضمن "الشراكة الخضراء" بين بروكسل والرباط.

وكان البنك، قد أوضح في بيان عممه نونبر الماضي، أن الاتفاقية وقّعها في الرباط كل من المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية المغربي ربيع الخليع، ونائب رئيس البنك الأوروبي للاستثمار المكلف بالتمويل بالمغرب ريكاردو مورينو فليكس.

وأفاد بأن هذه الخطوة سيتلوها عقد بقيمة 50 مليون أورو (500 مليون درهم) في 2023. كما أفاد البنك بأن هذه الاتفاقية هي الأولى في إطار اتفاقية "الشراكة الخضراء" التي وقّعها الاتحاد الأوروبي والمغرب في أكتوبر الماضي.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...