تنقل زعيم البوليساريو إلى الجزائر العاصمة للقاء تبون يزيد من التساؤلات حول ما يجري في تندوف

 تنقل زعيم البوليساريو إلى الجزائر العاصمة للقاء تبون يزيد من التساؤلات حول ما يجري في تندوف
الصحيفة من الرباط
الجمعة 2 ماي 2025 - 9:00

أثار الاستقبال الذي خصّ به الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي، أول أمس الأربعاء، تساؤلات كثيرة عن أسباب هذا اللقاء، الذي لم تكشف الرئاسة الجزائرية عن تفاصيله، واكتفت بالإشارة إلى أن تبون وزعيم البوليساريو "بحثا العلاقات الثنائية بين البلدين".

وبخلاف البلاغات السابقة التي تعقب اللقاءات التي تجمع تبون بزعيم البوليساريو التي كانت تصر فيها الجزائر على التذكير بمواقفها الداعمة لـ"الجمهورية الصحراوية" و"الحق في تقرير المصير"، فإن تفاصيل اللقاء هذه المرة كانت محدودة، مما دفع بالكثير من المتتبعين إلى ترجيح أسباب اللقاء بما يجري في تندوف.

وتأتي هذه الزيارة التي قام به زعيم البوليساريو، الأربعاء إلى العاصمة الجزائرية، في خضم نشر العديد من النشطاء الصحراويين لفيديوهات وأخبار تتحدث عن اضطرابات وأعمال عنف تشهدها مخيمات تندوف، خاصة في ظل تصاعد الغضب وسط الشباب من "تغول" ميليشيات البوليساريو وخنق الحريات في المنطقة.

كما أشارت العديد من التقارير المبنية على شهادات من ساكنة المخيمات، إلى وجود حالة من الانفلات الأمني في المنطقة، جراء تصادمات بين العديد من الأطراف، خاصة بين مهربي المخدرات وميليشيات البوليساريو، وتصاعد الغضب في أوساط الشباب، الأمر الذي يدفع إلى الاعتقاد أن هذه التطورات قد تكون هي السبب  في زيارة زعيم البوليساريو إلى الجزائر لاطلاع قصر المرادية على حقيقة الأوضاع والبحث عن مخرج للأزمة.

وما يزيد من قوة هذا التكهن، هو أن الاضطرابات الأخيرة التي تعرفها تندوف سبقتها اضطرابات أخرى كان الجيش الجزائري طرفا فيها، حيث تحدثت أنباء عن مقل شاب وإصابة آخرين، جراء مواجهات بين سكان المخيمات والجيش الجزائري، وقد أكدت العديد من التقارير أن هذا الأمر يتكرر بين فترة وأخرى.

وفي هذا السياق كشفت مجلة "جون أفريك" الفرنسية في تقرير مطول في الأيام الأخيرة، عن واقع مأساوي يعيشه سكان مخيمات تندوف، معتبرة أنهم "ضحايا لصراع دام نصف قرن تجاوزهم بكثير"، مؤكدة أن الجزائر لم تعد تؤمن بإمكانية تحقيق جبهة البوليساريو لأي نصر على المغرب، وأن مبادرة الحكم الذاتي المغربية هي "الطرح الأكثر واقعية".

ووصفت المجلة عبر كاتب التقرير، الموريتاني مبارك ولد بيروك، وضع اللاجئين الصحراويين في تندوف بأنه "صمت ثقيل تعلوه أصوات الانفجارات في السماء"، مشيرة إلى أنهم يعيشون حياة رتيبة من دون أمل، وقد تخلوا عن الشعارات القديمة ودفنوا رموزهم ولم يعودوا يؤمنون إلا بما يسد رمقهم، من مياه تُوزع من صهاريج ومعونات غذائية دولية.

وأشار التقرير إلى أن أكثر من نصف قرن من الانتظار دفع السكان نحو حالة من الضياع، وأن معظم اللاجئين في المخيمات وُلدوا فيها، ولم يعرفوا غير حياة العزلة وسط الخيام والطين، مضيفا أن هذا الجيل لم يكن يوما طرفا في القرارات، بل تم الزج به في نزاع يخدم أطرافا أخرى.

وأبرزت المجلة الفرنسية المهتمة بالشؤون الإفريقية، أن السلطة الفعلية في المخيمات لا تعود للاجئين، بل لقيادة البوليساريو التي تدير الحياة هناك بنظام وصفته بـ"الاستبدادي"، حيث تنتشر ميليشيات تراقب وتفتش وتفرض تصاريح للتنقل بين المناطق، في وقت غادر فيه المحظوظون إلى الجزائر أو موريتانيا أو حتى إسبانيا.

ولفتت "جون أفريك" إلى أن بعض الشبان لجؤوا إلى تهريب المساعدات الغذائية كوسيلة للبقاء، وخاصة إلى منطقة "ازويرات" شمال موريتانيا، بينما يعيش قادة الجبهة حياة مختلفة تماما، يتنقلون عبر العالم، ويمتلك بعضهم عقارات، ويستغلون القبلية والنفوذ لأغراضهم الخاصة.

وتحدث التقرير عن فقدان الشباب في المخيمات لأي أفق سياسي، مشيرا إلى قول إحدى الشابات التي زارت موريتانيا: "لا أحد يتابع قناة البوليساريو هناك، فقط الشيوخ من لا زالوا يؤمنون بدولة مستقبلية"، مؤكدة أن والدها هو الوحيد في العائلة الذي لا يزال يؤمن بذلك، في إشارة إلى وجود انفصال بين "معتقدات" الجيل القديم والجيل الحديث.

وأشار في هذا السياق إلى مثال يُبرز حالة اليأس التي انتابت حتى الجزائر، التي بحسب شهادة قيادي سابق في البوليساريو عاد إلى المغرب، كشف لكاتب التقرير أن مسؤلا جزائريا قال له بألا يحلم بعد اليوم بأي نصر عسكري ضد المملكة المغربية.

ويتزامن هذا الواقع المجحف في مخيمات تندوف، مع فشل جبهة البوليساريو الانفصالية في تحقيق أي انتصار سياسي أو عسكري أمام المغرب، الأخير الذي نجح في السنوات الأخيرة في دفع العديد من بلدان العالم إلى دعم سيادته على الصحراء، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا.

كما نجحت القوات المغربية في شل أي تأثير للمناوشات العسكرية التي تقوم بها البوليساريو، كما سبق أن قامت القوات المغربية بطرد عناصر البوليساريو من معبر الكركرات.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...