جدل في كولومبيا بعد كشف تفاصيل كُلفة رحلة مدير الشرطة نحو مراكش بطائرة خاصة للمشاركة دورة الإنتربول
أثارت رحلة مدير الشرطة الوطنية في كولومبيا إلى مدينة مراكش المغربية للمشاركة في أعمال الدورة الثالثة والتسعين للجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول" جدلا متصاعدا في البلاد، بعدما برزت أسئلة حادة حول الكلفة المرتفعة للطائرة المستخدمة والحديث عن محاولة قرينة الرئيس الكولومبي فيرونيكا ألكوسير، الاستفادة من الرحلة أثناء إحدى محطاتها الخارجية السابقة.
بداية الجدل ارتبطت باستخدام الطائرة الفاخرة إمبراير ليغاسي 600، وهي الطائرة نفسها التي أثارت في عام 2023 عاصفة سياسية عندما فتحت هيئة الرقابة المالية الكولومبية تحقيقا بشأن شبهة هدر مالي خلال عملية شرائها.
فقد بلغت كلفة الطائرة نحو اثني عشر مليون دولار، رغم أن ميزانية الشراء كانت موجهة لطائرة تستوعب ما لا يقل عن أربعة وأربعين راكبا لتعزيز قدرات الشرطة في نقل العناصر والمعدات، بينما لا تتجاوز سعتها الأساسية ثلاثة عشر شخصا.
وأشارت تقارير إلى أن السجلات التقنية للطائرة تكشف عن حوادث سابقة أثارت بدورها تساؤلات حول جدوى استخدامها في الرحلات الطويلة، من بينها حادث اضطرارها للهبوط في مطار ليتيسيا للتزود بالوقود خلال رحلة كانت متوجهة إلى الأرجنتين.
هذا المثال عاد ليغذي النقاش حول مدى قدرة هذا الطراز من الطائرات على تحمل المسافات العابرة للقارات، خاصة أن كل عملية توقف تفرض رسوما إضافية تشمل خدمات الأرض والهبوط والمناولة، ما يرفع الكلفة النهائية بشكل ملحوظ.
وأكدت التقارير أن الرحلة نحو المغرب لم تكن بسيطة من الناحية التشغيلية، إذ احتاجت إلى تنسيق معقد شمل اعتماد طاقمين للطيران احتراما لمقتضيات الراحة القانونية، إلى جانب ثلاث محطات للتوقف المبرمج، والحصول على سلسلة من تراخيص التحليق والعبور في أجواء عدد من الدول.
وقد ساهم هذا المسار وما يتطلبه من ترتيبات لوجستية في توسيع دائرة النفقات، التي شملت أيضا تكاليف التنظيف والخدمات الأرضية ورسوم ركن الطائرة في مراكش، ومع ذلك، لا يزال مجموع التكلفة النهائية غير محسوم، في انتظار احتساب نفقات رحلة العودة وإقامة الطاقم خلال فترة الانعقاد.
وترافق ذلك مع انتقادات تطالب بتفسير سبب عدم اللجوء إلى رحلة تجارية كانت، وفق المنتقدين، ستوفر مبالغ كبيرة لميزانية الشرطة، كما سبق أن أثارت الطائرة جدلا واسعا مع ظهور روايات غير رسمية تفيد بأن قرينة الرئيس الكولمبي جوستافو بيترو، فيرونيكا ألكوسير، حاولت ترتيب الصعود إلى الطائرة خلال توقفها في مدينة إسطنبول التركية في إحدى الرحلات السابقة.
وفي ظل هذا الجدل، طلبت صحيفة "إيل كولومبيانو" توضيحات رسمية آنذاك، إلا أن وزارة الخارجية أكدت عدم توفرها على معلومات في الموضوع وأحالت الاستفسار إلى رئاسة الجمهورية، التي لم تصدر أي رد حتى الآن، بينما لا تزال الشرطة الوطنية دون توضيح رسمي.
وخارج سياق الرحلة الأخيرة، يتراكم الجدل منذ أشهر حول طريقة استخدام الطائرة نفسها في مهام أخرى، ففي مايو الماضي تم تنظيم رحلة على متنها نحو مدينة بارانكيا لنقل مؤثرين وموظفين من القصر الرئاسي للمشاركة في فعالية عامة، وبينهم سفير كولومبيا السابق في المكسيك وصناع محتوى معروفون، وهو ما دفع البرلمان الكولومبي إلى عقد جلسة مساءلة، حيث دافع نائب المدير العام للشرطة آنذاك عن العملية باعتبارها جزءا من اتفاق إداري مع وزارة الداخلية الكولومبية.
وانعقدت اجتماعات الأنتربول بين الرابع والعشرين والسابع والعشرين من نونبر بمشاركة ممثلين عن مئة واثنتين وسبعين دولة لبحث ملفات تتعلق بالجريمة المنظمة العابرة للحدود والجرائم السيبرانية ودور المرأة في الأجهزة الشرطية، غير أن مشاركة الوفد الكولومبي سرعان ما خرجت من إطارها البروتوكولي لتتحول إلى مادة للسجال السياسي والإعلامي.




