خبير جيولوجي إسباني: جبل تروبيك خزان استراتيجي للمعادن النادرة.. والفراغ القانوني في أعماق الأطلسي يفتح الباب أمام تنافس طويل الأمد مع المغرب

 خبير جيولوجي إسباني: جبل تروبيك خزان استراتيجي للمعادن النادرة.. والفراغ القانوني في أعماق الأطلسي يفتح الباب أمام تنافس طويل الأمد مع المغرب
الصحيفة - إسماعيل بويعقوبي
الثلاثاء 9 دجنبر 2025 - 17:00

عاد جبل "تروبيك" إلى واجهة الاهتمام الإقليمي عقب الاجتماع رفيع المستوى الذي جمع المغرب وإسبانيا في مدريد الأسبوع الماضي، بعدما أعاد النقاش الإعلامي حول ترسيم الحدود البحرية في الواجهة الأطلسية إحياء ملف واحد من أغنى الجبال البحرية بالمعادن الإستراتيجية في العالم، فالجبل، الذي يعود تاريخه الجيولوجي لأكثر من 100 مليون سنة، يعدّ مخزونا فريدا للمعادن النادرة، ما يضعه اليوم في صميم التنافس الدولي على الموارد الحيوية.

وبحسب تقرير موسع لصحيفة "إلموندو" الإسبانية، لا يمثل جبل التروبيك حالة معزولة، بل يندرج ضمن سلسلة تضم أكثر من مائة جبل بحري، وهي تراكيب جيولوجية تمتد من جنوب جزر الكناري إلى ما وراء "تروبيك" نفسه، وتشكل البنية الجيولوجية السابقة لظهور الأرخبيل، حيث إن هذه الجبال، التي يتجاوز عمر بعضها 140 مليون سنة، تحمل أسماء مستوحاة من الثقافة الكنارية مثل "بيليكّار" و"بيمباشي" و"دراكو"، لكنها في جوهرها معالم جيولوجية ذات قيمة إستراتيجية عالمية.

وتشير الصحيفة إلى أن جبل تروبيك يحتوي على تركيزات من التيلوريوم تتجاوز 130 طنا في الكيلومتر المربع الواحد، وهي كميات تكفي نظريا لإنتاج أكثر من 277 مليون سيارة كهربائية، إلى جانب معادن نادرة مثل النيكل والكوبالت والنحاس والمنغنيز والفوسفور، بتركيزات تفوق المعدلات العالمية بآلاف المرات.

وتستند الصحيفة الإسبانية إلى خبرة الجيولوجي "خافيير غونثاليث"، الباحث في المعهد الجيولوجي والتعديني الإسباني IGME-CSIC، الذي يعدّ من أبرز المتخصصين الذين درسوا تروبيك، بعد مشاركته منذ سنة 2010 في بعثات علمية متعددة لرسم خرائطه وفهم تكوينه، حيث يؤكد الخبير أن الاهتمام العالمي بالمعادن البحرية يشهد خلال السنوات الأخيرة تصاعدا كبيرا، ليس فقط بالقرب من جزر الكناري، بل عبر مختلف محيطات العالم، في ظل سباق دولي محموم على تأمين الموارد النادرةغ التي تدخل في صناعات التكنولوجيا العالية والدفاع والطاقة المتجددة.

وأشار غونثاليث إلى أن الصين تتحكم اليوم في أكثر من 90 في المائة من سوق المعادن النادرة، ما يجعل أوروبا في موقع هشّ، وهو ما يفسّر اهتمامها المتزايد بجبل التروبيك القريب من الأرخبيل وغير البعيد عن الحدود المغربية.

وفي الوقت الذي ذهبت فيه بعض المنابر الإعلامية إلى الحديث عن اتفاق وشيك بين مدريد والرباط بشأن ملف الجبل، خرج وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس لينفي بشكل قاطع مناقشة أي موضوع يتعلق بجزر الكناري، "لا بشكل مباشر ولا غير مباشر"، خلال الاجتماع رفيع المستوى مع الوفد المغربي في مدريد، كما تواصل الوزير مع رئيس حكومة الكناري، فيرناندو كلافيخو، في خطوة تهدف بوضوح إلى تهدئة المخاوف المحلية من أي تأثير محتمل للملف على سيادة الأرخبيل.

ورغم القيمة الاقتصادية الهائلة لتروبيك، يشدد العلماء الإسبان على ضرورة التريّث قبل اتخاذ أي قرار بشأن التعدين البحري، مؤكدين أنّ المعرفة العلمية هي الشرط الأول لأي خطوة مستقبلية، حيث توضح "إل موندو" أن غونثاليث يرى أن فهم البيئة البحرية، وتطوير تقنيات استخراج غير مدمرة، ووضع تشريعات حديثة، هي مرتكزات أساسية قبل التفكير في أي مشروع استغلال.

فإسبانيا، وفق المصدر ذاته، ما تزال تعمل بقانون مناجم يعود إلى سنة 1973، لا يُغطي الأنشطة في قاع البحر، على عكس دول مثل النرويج التي وضعت إطارات قانونية متقدمة بعد سنوات من الاستثمار العلمي في دراسة بيئاتها البحرية.

وكانت تقارير سابقة قد أشارت إلى أن جبل تروبيك أصبح محور تنافس استراتيجي بين المغرب وإسبانيا بسبب ثرواته النادرة والتوترات القانونية المحيطة به، حيث أن إسبانيا تعتبر أن الأدلة العلمية تثبت امتداد الجبل الطبيعي لجزر الكناري، وأن أي استغلال للموارد يجب أن يتم بعد موافقة لجنة حدود الجرف القاري التابعة للأمم المتحدة.

 بينما يشدد خبراء القانون البحري على أن المغرب لا يمكنه المطالبة بامتداد الجرف القاري للصحراء لأنها ليست "قوة إدارية" للإقليم، وأن أي محاولة للسيطرة على الموارد ستكون "مخالفة صريحة للقانون الدولي" وفق توصيفهم.

في المقابل، تؤكد المعطيات الجغرافية أنه في حال تمكن المغرب من حسم قضية الصحراء تحت سيادته، فسيصبح هو الأقرب لضم جبل تروبيك، بالنظر إلى وقوعه قبالة سواحل الأقاليم الجنوبية، رغم أن الوضع النهائي يظل قابلا للحسم عبر اتفاق بين المغرب وإسبانيا، بالنظر إلى وجود جزر الكناري في قلب خريطة المنطقة.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...