رئاسة النيابة العامة تشدد الرقابة على الفحص الطبي خلال الحراسة النظرية وتربط صحة الاعترافات باحترام السلامة الجسدية للموقوفين
أصدرت رئاسة النيابة العامة دورية جديدة موجّهة إلى الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، تؤطر كيفية التعامل مع الأوامر المتعلقة بإجراء الفحص الطبي للأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية، وذلك في سياق تعزيز ضمانات حماية الحقوق والحريات الفردية وصون الحق في السلامة الجسدية.
وأوضحت رئاسة النيابة العامة، في بلاغ رسمي، أن هذه الدورية تندرج ضمن الدينامية المتواصلة لترسيخ مبادئ المحاكمة العادلة، وتكريس المقتضيات الدستورية والقانونية ذات الصلة بحماية الأشخاص المحرومين من حريتهم، مؤكدة على جملة من الالتزامات الدقيقة التي يتعين التقيد بها أثناء تدبير مساطر البحث التمهيدي.
وشددت الدورية على إلزامية إخضاع أي شخص موضوع تحت الحراسة النظرية لفحص طبي كلما ظهرت عليه علامات أو آثار تستدعي ذلك، مع ضرورة إشعار النيابة العامة مسبقا قبل إجراء الفحص، وإسناده إلى طبيب مختص في الطب الشرعي أو إلى طبيب آخر عند الاقتضاء، على أن يتم توثيق هذا الإجراء بشكل دقيق داخل السجلات القانونية ومحاضر الشرطة القضائية، مرفقا بالتقرير الطبي المنجز.
كما أكدت على وجوب إصدار الأمر بإجراء فحص طبي من طرف الوكيل العام للملك أو وكيل الملك، كلما تقدم المشتبه فيه أو دفاعه بطلب في هذا الشأن، أو عند معاينة مؤشرات أو آثار تبرر اتخاذ هذا الإجراء، مع التنصيص على الطابع الإلزامي للفحص الطبي في ما يخص الأحداث، سواء بطلب من وليهم القانوني أو تلقائيا متى استدعت حالتهم ذلك.
وفي سياق متصل، أبرزت الدورية أن قانون المسطرة الجنائية، بصيغته الجديدة، أقر جزاءات إجرائية صارمة في حال الإخلال بهذه المقتضيات، حيث يُعد باطلا كل اعتراف مضمن بمحاضر الشرطة القضائية إذا تم رفض إجراء الفحص الطبي رغم طلبه من المشتبه فيه أو دفاعه، أو إذا كانت هناك آثار ظاهرة للعنف لم يتم التعامل معها وفق ما يقتضيه القانون.
ودعت رئاسة النيابة العامة إلى التعامل بجدية وحزم مع نتائج الفحوص الطبية، من خلال فتح أبحاث تلقائية وفورية كلما اقتضى الأمر، وتتبع مخرجاتها بشكل دقيق، إلى جانب القيام بزيارات منتظمة لأماكن الحرمان من الحرية قصد التحقق من مشروعية الإيقاف وظروفه، والتفاعل الإيجابي مع طلبات إجراء الخبرات الطبية المعروضة على القضاء.
كما نصت الدورية على إحداث سجل خاص يُعنى بتدوين جميع الفحوص الطبية المنجزة، مع توجيه إحصائيات شهرية بشأنها إلى رئاسة النيابة العامة، والإشعار الفوري بالحالات التي تستوجب ذلك، بما يعزز آليات التتبع والتقييم وضمان الالتزام الصارم بالتعليمات الصادرة.
وختمت رئاسة النيابة العامة دورتها بالتأكيد على الأهمية البالغة لهذه التوجيهات، داعية المسؤولين القضائيين إلى الحرص على تطبيقها بكل صرامة ومسؤولية، لما لذلك من دور أساسي في حماية الحقوق وصون الحريات وتعزيز ثقة المواطن في مؤسسة العدالة.




